تونس تدفع فاتورة الحرب على أوكرانيا
بات من الواضح أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها حتما على الوضع الاقتصادي في تونس ، فبلادنا ليست بمنأى عن الأزمة التي ستلحق بالاسواق الاقتصادية الأوروبية . و بلغت أسعار الحبوب و النفط و الغاز أرقاما قياسية خلال منذ بداية اجتياح القوات الروسية الاراضي الاوكرانية . و على سبيل المثال ارتفعت أسعار القمح بنسبة 25 بالمائة منذ بداية العدوان و بلغ سعر القمح 344 يورو للطن في الوقت الذي تستورد فيه تونس 80 في المئة من القمح اللين من أوكرانيا .
وشهدت أسعار النفط ارتفاعا غير مسبوق بلغ 140 دولار للبرميل في الوقت الذي اعتمدت الحكومة التونسية في صياغتها لقانون المالية لسنة 2022 على فرضية 75 دولارا لبرميل النفط ، وهذه تعد صدمة نفطية لم يشهدها العالم منذ سنة 2008 حين وصل سعر البرميل الى حدود 147 دولارا . و سجل سعر الغاز هو الآخر أرقاما قياسية خلال الأسبوع و يرجح البعض أن يتجاوز ال 4000 دولار لكل 1000 متر مكعب . و قد تكون الجزائر أكبر المستفيدين من أزمة الغاز كونها رابع مصدر لهذه المادة و ذلك بالنظر إلى العقوبات التي سلطت على روسيا التي تنتج 16 بالمائة من الإنتاج العالمي ، فالشركة الجزائرية العمومية للنفط والغاز "سوناطراك" تعتبر ثاني مورد للغاز إلى إيطاليا ، عبر خط الأنابيب العابر للمتوسط ، بعد "غازبروم" الروسية . و تستفيد تونس من خط الانابيب الجزائري حيث تتحصل على إتاوة تحدد تقدر ب 5.25 بالمائة من كمية الغاز المنقول ، وتمكن هذه الحصة إلى جانب الشراء من تغطية 66 بالمائة من الاستهلاك الوطني التونسي . وقد لا تتأثر تونس بارتفاع أسعار الغاز بالنظر الى شراكتها مع الجزائر لكنها ستتأثر حتما بارتفاع أسعار الحبوب .
و تعد أوكرانيا ثاني مصدر للحبوب بجميع أنواعها بعد الولايات المتحدة الأمريكية . و في سنة 2020 قامت أوكرانيا بحصاد 65.4 مليون طن من الحبوب في مساحة 15.3 مليون هكتار ، و في موسم الحصاد سنة 2020/2021 قامت أوكرانيا بتصدير حوالي 27.57 مليون طن من الحبوب موزعة كالتالي : 12.75 مليون طن قمح ، 3.89 مليون طن من الشعير ، 10.52 مليون طن من الذرة ، و 81.2 ألف طن من دقيق القمح .
و تحتاج تونس الى حوالي 30 مليون قنطار سنويا من الحبوب أي ما يعادل 3 مليون قنطار شهريا تتوزع تقريبا كالتالي 1,07 مليون قنطار قمح صلب ، 1 مليون قنطار قمح ليّن و0,95 مليون قنطار من الشعير ، في المقابل تقوم تونس بإنتاج ما يقارب 10 مليون قنطار فقط سنويا ما يدفعها الى استيراد حوالي 70 بالمائة من حاجياتها من الحبوب .
و تتوجه تونس الى استيراد الحبوب وسط ارتفاع في قيمتها السوق العالمية اذ تضاعفت قيمة واردات الحبوب من قمح لين ، قمح صلب و شعير خلال ال 10 سنوات الأخيرة ، ففي الوقت الذي بلغت فيه سنة 2010 ، 727.300.207 دينار و 1.536.342.301 دينار سنة 2019 ، وصلت قيمة الواردات من الحبوب الى حدود 1.998.807.934 دينار سنة 2020 .
و بلغت كمية الحبوب الموردة سنة 2010 2.103.559 طن و 2.119.474 طن سنة 2019 و سجلت ارتفاعا طفيفا سنة 2020 وبلغت 2.783.853 طن ، و للإشارة يكلف قنطار واحد من القمح المستورد الدولة التونسية 110 دينار .
و للتعرف على آثار الأزمة الأوكرانية على تونس يكفي مشاهدة طوابير الانتظار أمام المخابز ، حيث يكاد يصبح الخبز عملة نادرة و ذلك بالنظر الى ارتفاع اسعار الحبوب و ارتفاع أسعار مادة الفارينة و السميد . و لعل رفض ديوان الحبوب لعروض مقدمة لشراء 125 طن من القمح اللين يكشف بالفعل تداعيات هذه الازمة على السوق خاصة و أن رفض تونس لعملية الشراء يعود الى ارتفاع سعره .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires