تونس تواجه وضع وبائي خطير جدا والحلّ في الإلتزام بالإجراءات الوقائية
''طاقة استيعاب أقسام الإنعاش إلى حدّ اليوم بلغت 80 بالمائة وطاقة استيعاب أقسام الأجسجين إلى حدّ الآن 50 بالمائة، يجب أنّ ينقص عدد المرضى والحالة الوبائية لا تسمح في التخفيف من الإجراءات'' كان هذا تصريح وزير الصحة فوزي مهدي صبيحة اليوم الأربعاء والذي أكّد من خلاله أنّ الوضع الوبائي أصبح خطيرا في تونس ولا مجال للمزيد من التراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية الصحية.
''الوضع مختلف كثيرا عمّا كان عليه منذ شهر، لاحظنا ارتفاعا في نسب الاصابة ومعدل التحاليل الايجابية التي بلغت 23 بالمائة، يوجد 17 ولاية و95 معتمدية مصنفة خطيرة وخطيرة جدا أكثر من 100 حالة على مائة ألف ساكن. سجّلنا ارتفاعا في نسق اقبال المرضى على المستشفيات ووصلت أسرة الانعاش في بعض المستشفيات إلى طاقة الاستيعاب القصوى، نسجل يوميا تزايدا في نسق الوفيات. المؤشرات خطيرة واضافة الى ذلك سجلنا انتشار للسلالة البريطانية ووصلنا في تونس الى مرحلة العدوى المحليّة بالسلالة الجديدة''. كان هذا تصريح الناطقة الرسمية باسم اللجنة العلمية الدكتورة جليلة بن خليل التي يتبيّن من خلاله أنّ تونس دخلت في موجة ثالثة لا مفرّ منها وبات الوضع الوبائي خطير جدا يتطلّب الحذر والحيطة من قبل الجميع.
جليلة بن خليل أكّدت أنّ بعض الحالات انتقلت من تسجيل تحليل إيجابي إلى تعكّر الحالة الصحة مما أدى إلى الوفاة. تونس تقترب جدا من السيناريو الأوروبي وعدد حالات الوفاة الذي تجاوز تسعة آلاف قابل للإرتفاع أكثر والمنظومة الصحية على باب الإنهيار. الأمر لا يستحقّ التهويل وذكر الأرقام الحقيقية التي تعيشها تونس وبائيا ليس من باب تخويف وترهيب الشعب التونسي وإنما للوقوف على الحالة الصحية الكارثية التي تعيش تونس وإن لم يقم كلّ مواطن تونسي بالإلتزام بالإجراءات الوقائية بطريقة أحادية ومسؤولة لضمان سلامته وسلامة أقاربه للحدّ من انتشار عدوى الفيروس فإنّ وزارة الصحة والحكومة لن تستطيع بمفردها التغلّب والسيطرة على هذا الوباء.
المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة، الأستاذة نصاف بن علية، كشفت أنّه خلال الأسبوع الثالث عشر لسنة 2021، تمّ تسجيل زيادة ملحوظة في عدد الحالات المكتشفة، ومعدل الإيجابية 22 فاصل 9 بالمائة، كما تمّ تصنيف 17 ولاية و95 معتمدية ذات مستوى اختطار "مرتفع إلى مرتفع للغاية". كما أنّ معدل الوفيات الإجمالي يساوي 75 فاصل 3 بالمائة لكل 100.000 نسمة، كما تمّ تسجيل نسبة متزايدة في حالات مشتبهة للسلالة البريطانية وتأكد فعلي من انتشارها محليا.
مستشار منظمة الصحة العالمية سهيل العلويني، وصف الوضع الوبائي بالوضع الخطير معتبرا أنّ ظهور السلالة البريطانية المتحورة ساهمت في انتشار الفيروس وتعدد الإصابات، ودعا الى ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية خاصة منها ارتداء الكمامة واعتبر أنّ التوجه إلى إعلان حجر صحي موجه قد يكون أحد الحلول الممكنة لمواجهة الموجة الثالثة وما يتبعه من إجراءات على غرار تحديد ساعات حظر الجولان على الساعة الثامنة ليلا ومنع التنقل بين الولايات قد يساهم في تخفيض عدد الحالات الإيجابية. هذا الوضع الخطير دفع 40 جمعيّة بمطالبة مؤسستي الجمهورية والحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تدهور الوضع الصحّي، منتقدين ما وصفوه بـ" اللاّمبالاة والاستهتار واعتماد سياسة النعامة واستعمال اللغة الخشبيّة" وطالبت الجمعيات الموقعة بالدعوة العاجلة لانعقاد مجلس الأمن القومي للتأكيد على الانخراط الجدّي في الحرب ضدّ الجائحة والاستماع بجدية لمقترحات اللجنة العلمية. وطالبت الجمعيات بإعلان الحجر الصحّي الصارم في البؤر المُعلنة وإغلاق المؤسسات التعليمية والمنع المُطلق للتجمعات والتنقلات من المناطق الموبُوءة وإليها والالتجاء للتناوب على مستوى العمل الإداري وإلى العمل عن بعد كلّما أمكن ذلك، والرقابة الصارمة لفرض احترام التدابير الوقائيّة في الفضاءات ووسائل النقل العمومي، وتطبيق عُقوبات صارمة على المخالفين.
وبعد هذا الكم الهائل من المؤشرات الوبائية الخطيرة، أعلنت وزارة الصحة في ندوة صحفية لها مساء هذا اليوم الأربعاء عن مجموعة إجراءات جديدة للحدّ من انتشار فيروس كورونا، وأشارت حسناء بن سليمان الناطقة الرسمية باسم الحكومة والوزيرة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل أنّ الإجراءات المُعلن عنها سيتمّ تطبيقها بداية من 9 أفريل الجاري وإلى آخر نهاية الشهر الجاري وهي كما يلي:
-
التشديد على تطبيق وسائل الحماية الفردية والبروتوكولات الصحية والرقابة عليها بكل صرامة
-
منع التجمعات الخاصة والعامة
-
غلق الأسواق الأسبوعية
-
دعوة الولاة إلى إعلان حظر الجولان بكلّ الولايات من الساعة 7 مساء إلى 5 صباحا (إجراء مستقل)
-
إعطاء الإذن للولاة لغلق المناطق ذات الإختطار المترفع وعزلها
-
الحجر الذاتي لمدة 5 أيام للوافدين من الخارج بعد تقديمهم تحليلا سلبيا قبل السفر
-
(إجراء استثنائي ينطلق العمل به بداية من 12 أفريل الجاري) وهو تطبيق توقيت شهر رمضان بالنسبة للإدارات العمومية.
هذه الإجراءات التي أعلنتها وزارة الصحة اليوم لا يمكن الجزم أنّها ستكون كافية وناجعة للحدّ من انتشار كورونا خاصّة أنّ درجة التزام التونسيين بتنفيذ هذه الإجراءات تظلّ شبه منعدمة، يجب العمل بالإجراءات المُعلن عنها بكلّ حذافيرها وكلّ شخصّ بات في هذا الزرف الوبائي الخطير مسؤول على نفسه وعلى أقاربه والحيطة والوقاية هما الحلّ لتفادي العدوى والحدّ من انتشارها.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires