7 الاف ضحيّة -العنف ضدّ النساء، الفيروس الذي لا نتحدث عنه!
ظنن أنّهن سيكُن بمأمن وراء الأبواب المغلقة احتماء من الفيروس المنتشر خارجا، فتعرضّن لفيروس أكثر بشاعة في بيوتهّن، وطبعا، لم تفكّر الحكومة في أيّة بديل عند منع الجولان اعلان الحجر الصحي الشامل للنساء ضحايا العنف كرخص استثنائية لمغادرة محل الزوجية مما جعلهن مجبورات لأشهر على الإقامة مع جلاّديهن ليخرجن من الأزمات مُنهكات جسديا ونفسيّا.
تقريرُ جمعية النساء الديمقراطيات عن العنف زمن الكوفيد، حمل أرقاما مفزعة وسرد واقعا مخيفا عن العنف المبني على النوّع الاجتماعي أثناء الأزمة الصحية الذي حملته النساء على ظهورهّن فيما تخلّت الدولة عن دورها ودعنا نقل أنها لم تحمي النساء والأطفال من العنف الأسري، ولا يزال المعتدون يتجولون خارجا حاملين نيشان الامتياز الذكوري، وقت كتابة هذه الكلمات.
الدولة أيضا متورطة في تتفيه العنف ضد النساء
كيف ذلك، دولة بورقيبة وامرأة الحداد طبّعت مع العنف؟ نعم. وربما يجب أن نتوقف عن استعمال هذه التعلاّت وندرك أن الواقع أمر مختلف. وفق تقرير النساء الديمقراطيات كشفت أزمة الكوفيد عن أزمة أقدم وفيروس اخر. تتعلق لم يتم تسخير الميزانيات اللازمة على مدى ثلاث سنوات لتوفير آليات وتركيز مؤسسات الحماية والتعهد العمومي بالضحايا وظل قانون القضاء على العنف ضد النساء مجرد شعار، ولمست الجمعية من خلال تعاملها اليومي مع مئات الضحايا غياب الاستشراف وعدم اتخاذ الدولة لإجراءات لصالح النساء خلال الأزمة الصحية. واقع مراكز الشرطة والمحاكم ليست واقع الخطب السياسية كل عيد مرأة، غياب التطبيق الفعلي للقانون يترجم من خلال عدم الجدية في التعامل مع شكاوي ضحايا العنف وأحيانا العنف المضاعف الذي لاقينه من قبل أعوان الأمن الذي يحاولون منع الضحايا من تقديم شكوى أو يرفضون كليا تلقي شكاويهنّ بحجة أنها ليست من ضمن أولوياتهم. لم السلطات إجراءات استثنائية وخاصة بضحايا العنف في الفترة التي تعطلت فيها تقريبا كافة هياكل الدولة إذ على المستوى الصحي مثلا لم تتوفر لحظة تركيز كل مجهودات القطاع الصحي على مقاومة الكوفيد مسارات خاصة بضحايا العنف مما صعب وصولهن للمستشفيات سواء للحصول على أبسط الحقوق ومنها العلاج أو كذلك للحصول على شهادة طبية تمكنهن من الشروع في إجراءات التقاضي.
يبدو الوصول إلى العدالة للنساء المعنفات في نظر بعض الذكوريين الذين يمثلون الدولة، ترفا وأمرا مضحكا اذ عاينت الجمعية تلكؤ وكلاء الجمهورية في اتخاذ تدابير استعجالية و في الإذن بإبعاد المعتدي وهو ما يرتبط أساسا بالعقلية الذكورية لدى بعض القضاة والذين يعتبرون أن ارتكاب الاعتداء والعنف لا يمكن أن يؤدي إلى "حرمان رئيس العائلة من المسكن الزوجي" ولو كان يشكل خطرا على الزوجة والأبناء.. في الوقت الذي احتاجت فيه الضحايا إلى تنفيذ الإجراءات الحمائية من قبيل إبعاد المعتدي عن مكان إقامة الضحية ومنعه من الاتصال بها، اضطرت المعنفات الى انتظار العودة التدريجية للمحاكم حيث تأخرت السلطات المعنية في اتخاذ قرار بعودة قضاة الأسرة للعمل بما في ذلك لتقديم أوامر الحماية كتدابير استعجالية تؤمن الضحية من وقوع العنف أو ازدياد خطورته عند استشعاره. كشفت الأزمة، وفق التقرير، عن ضعف موارد المؤسسة القضائية وتخلف وسائل عملها إذ في الوقت الذي عملت فيه أغلب مؤسسات الدولة عن بعد وباستعمال وسائل الاتصال الحديثة، لم يكن ممكنا لضحايا العنف تقديم الشكاوى لوكلاء الجمهورية أو مطالب الحماية لقضاة الأسرة عن بعد.
يؤكد التقرير أن هشاشة البنية التحتية للتعهد بالنساء ضحايا العنف كانت من أكبر العوائق خلال الأزمة إذ أغلقت أغلب المراكز أبوابها خوفا من انتقال العدوى ما لم يمكن الضحايا من الاستماع والإرشاد والتوجيه وخاصة الإيواء ما عدى ما توفره الجمعيات المتدخلة في المجال والمركز اليتيم الذي وضعته وزارة المرأة بشكل مؤقت. بدا غياب البنية التحتية واضحا اذ اعتمدت الدولة تقريبا بشكل كلي على تدخل المجتمع المدني.
أرقام جائحة الظلّ ..
النساء المتراوحة أعمارهن بين 31 و60 سنة تصدرن قائمة النساء الأكثر عرضة للعنف بنسبة تفوق 57 بالمائة، في حين بلغت نسبة النساء المعنفات من الفئة العمرية بين 18 و30 سنة قرابة 34 بالمائة، ولم يستثني العنف المسنات اللاتي تفوق أعمارهن 60 سنة والقاصرات بنسبة اللاتي تشكلن 7 بالمائة من الضحايا.
وفق تقرير جمعية النساء الديمقراطيات، تأثير وباء الكوفيد كان أشد وقعا على النساء والفئات المفقرة معمّقا التمييز والفوارق المبنية على الجنس أو الدين أو العرق أو الانتماء الطبقي أو الحالة المدنية أو الجنسية. فالنساء اللواتي استهدفهن العنف بشكل أوسع هن اللواتي بسبب سياسات التفقير والتهميش تعانين أصلا من الهشاشة الاقتصادية ف57 بالمائة منهن هن عاطلات عن العمل و4.6 بالمائة هن معينات منزليات و11.6 بالمائة هن عاملات دون أن يستثني العنف النساء المشتغلات بشكل مهيكل، اذن يوجد نساء مهمشات حتى وسط الهامش ذاته، وتعرضن للعنف بطرق مزدوجة، لأنهن نساء، ولأنهن تنتمين لفئات أقل حظا...
يفيد التقرير أن أغلب المتعرضات للعنف هن النساء المتعلمات في المستوى الثانوي (40.29 بالمائة ) والجامعي ( 28.46 بالمائة ) ما قد ينبه إلى التحولات العميقة التي عاشها ويعيشها المجتمع التونسي منذ فترة الحجر الصحي حيث أن النساء المتعلمات واللواتي اكتسبن حدا أدنى من الوعي بحقوقهن تصرن مستهدفات أكثر ، ربما لتعبيرهن عن رفضهن للأنماط التقليدية، بالعنف بعد أن فرضت عليهن العودة القسرية للفضاء الخاص.
بالنسبة لأنواع العنف، يبيّن التقرير أن العنف الزوجي هو الأكثر شيوعا بنسبة 67 بالمائة ما يؤكد ما نبهت إليه الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات منذ الأيام الأولى للحجر وهو أن الفضاء الزوجي والعائلي هو الأخطر على النساء والأكثر تهديدا لأمانهن. ورغم منع التحرك في الفضاء العام، لم يخل هذا الأخير من العنف الجنسي ( 7 بالمائة وتحرش جنسي).
وفق أرقام وزارة المرأة الأخيرة (أكتوبر 2020) تضاعف العنف ضد النساء 7 مرات في الفترة التي شهدت فيها تونس دخول و انتشار فيروس كورونا أي منذ مارس الى اليوم. الى غاية ماي 2020، تم الإبلاغ عن أكثر من 7000 حالة من حالات العنف وذلك من خلال الرقم المجاني لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن. النيابة العمومية حققت في 4 آلاف و263 قضية، تتعلق بالعنف ضدّ المرأة والطفل خلال الحجر، وسجلت 5 آلاف و111 متّهما في هذه القضايا، طبعا أغلبهم لم يقضوا ساعة واحدة من العقوبات.
هل تعوض الجمعيات الدولة؟
"وزارة المرأة تتعامل مع جمعية النساء الديمقراطيات كأنها الدولة " علقت عضوة الجمعية شريفة التليلي وهي تصف تراخي الدولة المخجل والمشين في التعامل مع العنف ضد النساء وتحميل الجمعية هذه المسؤولية رغم أنها ليست هيكلا رسميا! دولة برمتها غير قادرة على حماية مواطناتها وترمي بهذه المهمة الشاقة للمجتمع المدني. في ظلّ مبالاة الدولة قامت بها مراكز الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات للنساء للاستماع والتوجيه للنساء ضحايا العنف في تونس وصفاقس والقيروان وسوسة وقد بلغ عددهن 206 ضحية عنف تلقوا تدخلات الاستماع والدعم النفسي والتوجيه، دور تحمّله المجتمع المدني بطواعية في ظل تهاون السلطات الرسمية.الجمعية أطلقت صحية فزع، ودعت لوضع خطة طوارئ لايقاف معاناة النساء، تقوم على إيجاد وسائل تدخل بسيطة وفعالة وسريعة لتقديم الدعم والحماية للنساء ضحايا العنف الزوجي بما في ذلك زيادة عدد مراكز ايواء الضحايا وأطفالهنّ في كل الجهات وتوفير مناوبات لتقديم التوجيه والمساعدة النفسية والقانونية لهنّ في مختلف الهياكل خاصة منها الاجتماعية. كما أكدت على ضرورة معاقبة كل من يثبت تباطؤه وتجاهله لهذه القضايا على المستويين الأمني والعدلي.
تُذكر بيزنس نيوز بالأرقام التي يمكن اللجوء لها اذا كنت ضحية عنف أو أردت التبليغ عن حالة عنف في محيطك.
1899 الرقم المجاني لمركز الانصات والتوجيه لوزارة المرأةأرقام مراكز الانصات والتوجيه للنساء المعنفات :
(الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات)
تونس – 27233688
صفاقس - 28175950
القيروان – 24299707
سوسة – 23895588
الجمعيات التي يمكن الاتصال بها للتبليغ والاشعار :
الاتحاد الوطني للمرأة التونسية 71566801
الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي 71885344جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية 71870580
تعليقك
Commentaires