حرب تبادل التهم بين راشد الغنوشي و قيس سعيد
''مشروع قيس سعيد هو خطر على الدولة ليس لأنه يؤسس لنظام دكتاتوري فقط ولكن لأنه يقود إلى انهيار الدولة وتفكيكها وإفلاس الاقتصاد وتفقير المواطنين، وتقسيم المجتمع بإثارة النعرات والكراهية بين أبنائه، وهذا كله سيؤدي إلى وقوع البلاد في الفوضى'' كان هذا جزء من تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي اتّهم قيس سعيد بتفكيك الدولة التونسية وساهم في تفقير شعبها.
يرفض راشد الغنوشي رفضا قاطعا المسار الذي انتهجه رئيس الدولة قيس سعيد منذ 25 جويلية المنقضي والذي من خلاله ساهم في جعل الغنوشي يخرج من منصّة الحُكم في مفاصل البلاد وبالتحديد من السلطة التشريعية صغير الحجم وضعيف الوزن.
حاول رئيس حركة النهضة التصدّي والتنديد بكلّ قرارات ومراسيم قيس سعيد الرئاسية وكان ذلك في شكل مسيرات قادتها حركة النهضة رفقة حراك مواطنون ضد الإنقلاب وكانت الغاية من ذلك دعوة كلّ الشعب التونسي للتصدي لما وصفوه بـ ''الانقلاب'' الذي قام به الرئيس قيس سعيد على مؤسسات الدولة والتقويض لكلّ السلطات التي باتت تحت إمرته وتصرّفه.
راشد الغنوشي في آخر تصريح إعلامي له أمس الأحد، أكّد أنّ الرئيس قيس سعيد يشكّل خطراً على الدولة التونسية ويهدد استقرارها ، كما اتّهمه بقيادة تونس وشعبها نحو التفرقة والانقسام وفي اتجاه الإفلاس والعزلة عن العالم.
كما اعتبر الغنوشي أنّ إقدام قيس سعيد على حلّ البرلمان بعد أن عقد النواب جلسة عامة صوّتوا فيها على إلغاء العمل بالقرارات والمراسيم والأوامر الرئاسية التي تمّ اتخاذها منذ 25 جويلية المنقضي، ''هو في الحقيقة إزالة لما بقي من مساحيق على وجه الانقلاب''.
وأكّد أنّ تونس تُعاني اليوم من انقلاب واضح المعالم وكامل الأركان معتبرا أنّ الرئيس قيس سعيد قد فشل في وقت وجيز في الإيفاء بوعوده التي قدمها للشعب التونسي وبرّرها بانقلابه.
في المقابل، وأمام ما صدر عن راشد الغنوشي من تُهم ونقد لمسار قيس سعيد التأسيسي، يبدو رئيس الجمهورية قيس سعيد غير مبالٍ ولا مهتمٍ بما يقوله الغنوشي أو ما يصدر عن كلّ معارضيه، فهو يتعمّد سياسة الهروب إلى الأمام محقّقا بذلك ما رسمه من أجندة سياسية تتضمن القيام باستشارة إلكترونية ثم استفتاء ثمّ تعديل للقانون الإنتخابي والنظام السياسي والتوجّه في ديسمبر 2022 إلى انتخابات سابقة لأوانها.
رئيس الدولة قيس سعيد منذ 25 جويلية المنقضي وعلى الرّغم من امتلاكه لكلّ السلطات، لم يتمكّن من محاسبة الأحزاب السياسية التي كرّر مرارا وتكرارا أنّها هي السبب الأوّل في العشرية السوداء التي مرّت بها تونس وخاصّة حركة النهضة.
سعى قيس سعيد إلى تحريك الأجهزة القضائية للتبع الأحزاب التي شملها تقرير محكمة المحاسبات قضائيا ولكن إلى اليوم لم تتمّ محاسبة أيّ حزب على أيّ جرم أقتُرف. كما أنّ محاولته لردع حركة النهضة بوضع رئيس كتلتها نور الدين البحيري قيد الإقامة الجبرية لم تنجح ، والبحيري بعد إضراب الجوع الذي خاضه والشهرة التي اكتسبها وحملات المساندة التي تمتع بها ، عاد إلى بيته سالما. أيضا نواب الإئتلاف الإسلامي ، ائتلاف الكرامة ، وعلى الرّغم من محاكمتهم العسكرية التي تمّ تحريكها ، لا يوجد أيّ أحد منهم في السجن اليوم على العكس فإنّ القوات الأمنية عاجزة اليوم على القبض على راشد الخياري ومحمد العفاس الذين لا يعرفون مكانهم بعد.
وعلى الرّغم من كلّ ما سبق ذكره، وأمام إحكام قبضته على كلّ السلطات ، بقي اهتمام قيس سعيد فقط على الجانب السياسي ورمى بعرض الحائط الأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي زادت تفاقما ولم يعُد المواطن التونسي قادرا على شراء الخضر والغلال أمام غلاء الأسعار والمعيشة.
هاجس رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ 25 جويلية المنقضي وفق تقدير العديد من المحللين السياسيين هو التخلّص من نواب برلمان 2019 وتغيّير المشهد السياسي. قيس سعيد لا يُفوّت أيّ فرصة في خطاباته المتشنجة لتوجيه التُهم لكلّ السياسيّين دون استثناء، كلّهم فاسدون واستغلاليون ويسعون إلى تحقيق مصالحهم قبل مصلحة الوطن.
ولم يفت قيس سعيد اليوم الإثنين، في كلمة له بمناسبة الاحتفال بالذكرى 66 لعيد قوات الأمن الداخلي، أن يوجّه التُهم للطبقة السياسية وعلى رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وكان قد صرّح قائلا ''ومن المفارقات الغريبة في تونس أنّ البعض ممن دأب طوال حياته على الرقص على الحبال حتى تقطعت من فرط رقصه هذه الحبال يشتم ويكيل التهم الباطلة الكاذبة ولا يطاله أيّ تتبع على الإطلاق، أكثر من ذلك يشتكي زورا وبهتانا على الحريات وهو مؤمن من قبل قوات الأمن ، ثم يقول كاذبا على عهده في الكذب انّ هناك دكتاتورية''.
كما اعتبر قيس سعيد أنّ كلّ ممثلي الأحزاب والذين كان لهم يد في الحُكم ، هم يتقلبون اليوم '' على وسادة اليأس والبؤس ويريدون لعب أدوار البطولة ويتوهمون أنهم بالفعل أبطال ولا زالوا للأسف في أضغاث أحلامهم يتقلبون ويتلونون كل يوم ولونه وكل يوم وخطابه''، وفق قوله.
ولم يفُت الرئيس قيس سعيد التنديد بالتحالفات الأخيرة بين أحمد نجيب الشابي وحركة النهضة ومواطنون ضد الإنقلاب وصرّح قائلا '' لقد كانوا بالأمس خصماء الدهر فصاروا اليوم حلفاء لأنّ قضيتهم تقوم على اعتبار السلطة غنيمة ولا يثيرهم أن يرتموا في أحضان أيّ كان في الداخل وفي الخارج ''.
تعليقك
Commentaires