حجر صحي شامل وحظر تجوّل: كافة تفاصيل الإجراءات المتخذة
''كورونا ليست فقط أرقام، كورونا قصص معاناة وهناك عائلات تحطمت واضمحلّت وهناك عائلات كلّها موجودة في أقسام الإنعاش وهناك أقسام إنعاش تُعاني وهذه ليست مسألة تعاطي مع أرقام ومعطى صحي بل هناك معطى إنساني واجتماعي كبير جدا يجب أخذه بعين الإعتبار''. كانت هذه كلمات رئيس الحكومة هشام مشيشي الذي أعلن اليوم عن إقرار حجر صحي شامل بداية من يوم السبت 9 ماي إنطلاقا من الساعة منتصف الليل وإلى غاية يوم 16 ماي المقبل في حدود الخامسة صباحا.
بعد أن بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا منذ شهر فيفري 2020، 317010 حالة إصابة، وراح ضحية هذا الوباء أكثر من 11208 حالة وفاة، قرّر اليوم هشام مشيشي الإستماع إلى اقتراح اللجنة العلمية التي ما فتأت ودعت إلى إقرار الحجر الصحي الشامل لوضع حدّ للعدوى بالوباء ولكنّ رئيس الحكومة كان يصبو إلى تحقيق المعادلة بين ضمان صحة التونسيين والحفاظ على عجلة الإقتصاد. وكانت اللجنة العلمية قد اقترحت إقرار الحجر الصحي الشامل بمناسبة عيد الفطر مع منع التنقل بين المدن بداية من 8 ماي الجاري.
هشام مشيشي افتتح اليوم الندوة الصحفية الخاصّة بالإعلان عن الإجراءات الجديدة الخاصّة بمجابهة انتشار عدوى كورونا بمناسبة عيد الفطر، وصرّح أنّ حساباته لم تكن صحيحة وفي محلّها وحمّل المسؤولية للمواطن الذي لم يحترم الإجراءات الصحية الوقائية وشدّد على أنّ فيروس كورونا استوجب علينا أن نغيّر طريقة وأسلوب حياتنا وحتى في عاداتنا مستنكرا عدم رغبة التونسيين في التأقلم مع الوباء والعادات الجديدة ''التونسي لم ينخرط بما فيه الكفاية في هذه المجهودات التونسي لا يرضى بالتغيّير فهو لا يزال يريد الجلوس في المقاهي ويريد لقاء أعداد غفيرة من الأشخاص دون استعمال وسائل حماية''. ''من أهم أسباب وصولنا إلى هذه الأزمة هو عدم الإلتزام بالبروتوكول الصحي تحت عناوين متعدّدة منها الوضعية الإجتماعية ومنها عناوين شعبوية تتضمن تسجيل بعض النقاط ولكن هذا لا يُمكن أن يتواصل وأنا مسؤوليتي حماية المواطن التونسي ويجب أن نقدّر جميعا حجم هذه المسؤولية والمؤسسات الصحية بصدد الإنهيار وأخاف أن لا نجد غدا من يعالجنا''.
ولأوّل مرّة يركّز رئيس الحكومة في خطابه على الوضع الصحي بشكل كبير وذلك إدراكا منه بخطورة المرحلة الوبائية التي وصلتها تونس ولم يتوانى في دعوة التونسيين إلى الإلتزام بتطبيق الإجراءات الصحية حفاظا منهم على أنفسهم وعلى عائلاتهم. وأعلن أنّه قرّر تطبيق الحجر الصحي الشامل لمدّة أسبوع كامل قال أنّه سيتمّ خلاله التضيّيق على حريّة التونسيين، حرية العمل والتنقل وأوضح أيضا أنّ الأنشطة الإقتصادية سيتمّ تعليقها باستثناء الأنشطة الحيوية مؤكّدا أنّ حماية أرواح التونسيين هو أهم شيء بالنسبة له. توجّه مشيشي للتونسيين قائلا ''للأسف هذه هي كورونا، كورونا حاجة خايبة، كورونا تستوجب منا التباعد وأجدد الدعوة لكلّ التونسيين للإلتزام بإجراءات التباعد وإجراءات الحجر الصحي الشامل''.
الناطقة الرسمية باسم رئاسة الحكومة حسناء بن سليمان، بعد انتهاء هشام مشيشي من كلمته أعلنت عن حزمة من القرارات الأخرى المرافقة لقرار الحجر الصحي وهي تطبيق حظر الجولان من الساعة السابعة مساء وإلى الساعة الخامسة صباحا من اليوم الموالي ومنع التنقل بين المدن إلاّ الحالات المرخّص لها والحالات الاستعجالية والخدمات الأساسية بما في ذلك حملة التلقيح. وتقرّر منع جميع التجمعات والإحتفالات بما في ذلك العائلية والرياضية والثقافية وتعليق ارتياد دور العبادة. بالإضافة إلى غلق الفضاءات الترفيهية والمنتزهات ومختلف محلاّت الخدمات وغلق الأسواق اليومية والأسبوعية والمساحات التجارية الكبرى والمحلات التجارية باستثناء محلات تجارة المواد الغذائية. وتقرّر مواصلة العمل بإجراءات الحجر الصحي الإجباري للوافدين وتأكّد وجوب التزام كلّ من هو غير معني بالإستثناءات بالعزل الإتّقائي بالمنازل إلاّ لقضاء الحاجيات الضرورية تفاديا لتّتبعات الجزائية المرتبطة بتعمّد خرق التدابير المقرّرة بما ينجرّ عنه الإضرار بالغير ونشر الأوبئة.
تزامنا مع القرارات السالف ذكرها، أعلنت وزارة التّجارة وتنمية الصّادرات أنّ القطاعات والأنشطة والمحلاّت المسموح لها بمواصلة نشاطها خلال الحجر هي المحلاّت التّجاريّة للمواد الغذائيّة (تغذية عامّة، لحوم، الدّواجن ومشتقّاتها، خضر وغلال، أسماك، مخابز، محلاّت بيع المرطّبات والحلويّات)، وأسواق الجملة للخضر والغلال والأسماك ومحلاّت بيع المواد الصحيّة ومواد التّنظيف، والمساحات التجارية الكبرى والمتوسطة والصغرى (باستثناء الأروقة التّجاريّة للمواد غير الغذائيّة: Les galeries marchandes)، والمؤسّسات والأنشطة المرتبطة بعمليّات التّصدير والتّوريد، ووحدات الصّنع والتّكرير والتّحويل والخزن التي لها علاقة مباشرة بالأنشطة المذكورة والواردة بالقائمة المصاحبة.
كما نشرت وزارة التجارة قائمة القطاعات والأنشطة المعفيّة من إجراء الحجر الصحي الشّامل، وهي خزانات القمح (ديوان الحبوب)، المطاحن، وحدات صناعة العجين الغذائي، وحدات صنع الخميرة، المخابز، تجار الجملة والتفصيل (مواد غذائية وتوابل)، المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة والصغرى (ما عدى الأروقة التّجاريّة للمواد غير الغذائيّة)، وحدات تجميع الحليب، وحدات صنع الحليب ومشتقاته، مخازن الديوان التونسي للتجارة، منشآت تربية الدواجن، المفارخ، مذابح دواجن ولحوم حمراء، مخازن لحوم وبيض، مخازن التبريد للخضر والغلال والأسماك، تجار الجملة والتفصيل للخضر والغلال والأسماك واللّحوم الحمراء والدّواجن، جميع وحدات صنع اللف ومواد التعليب والمؤسّسات المنتجة للمواد الأوليّة المرتبطة بها، وحدات تعليب المياه المعدنية، وحدات تكرير الزيوت النباتية، وحدات تعليب الزيوت النباتية، مراكز الخزن التابعة لوحدات تصنيع معجون الطماطم، وحدات فرز وتعليب التّمور، وحدات تخزين وتعليب زيت الزّيتون، شركات إنتاج وتكرير السكّر، محلاّت بيع المواد الصحيّة ومواد التّنظيف، محلاّت بيع الأسمدة والمبيدات والمعدّات الفلاحيّة والأعلاف، محلاّت بيع المستلزمات والمعدّات الطبيّة وشبه الطبيّة، وكلاء بيع الغاز السّائل والمميَّع (GPL) والفحم وبترول الإنارة، أسواق الجملة، المؤسّسات والأنشطة المرتبطة بعمليّات التّصدير والتّوريد، ومحلاّت بيع المرطّبات والحلويّات.
وزارة الداخلية نشرت بلاغا أعلمت من خلاله عموم المواطنين أنه يستثنى من إجراءات الحجر الصحي وحظر الجولان بصورة حصرية القطاعات المعنية بمواصلة تأمين إستمرارية المرافق الحيوية والحياتية بناء على تراخيص (محررة بكل دقة) تسلم من قبل الهياكل والمؤسسات المسيّرة لهذه القطاعات على أن يقتصر ذلك على الأشخاص المدعوين فعليّا لتأمين إستمرارية هذه المرافق مع دعوتها إلى الحرص على موائمة نشاطها إلى أقصى حدّ ممكن مع قرار الحجر الصحي الشامل وتوقيت حظر الجولان. وتهم هذه الإستثناءات، المتحصلين على شارات عبور مسلمة من قبل مصالح وزارة الداخلية، أعوان وإطارات الهياكل الصحيّة العموميّة والخاصّة متى كانوا مدعوّين للتدخل في مجالات عملهم، تأمين إستمرارية المرافق الحيوية وفقا للبلاغات الصادرة عن وزارات الإشراف، عمليّات التزويد والتزوّد بالمواد الحياتيّة التي تحدد من قبل الوزارة المشرفة على كل قطاع، منتسبي المؤسّسات الإعلاميّة والصحفيّة مع دعوتها إلى الحرص على منح هذه التراخيص حصريا للأشخاص المدعوين لتأمين إستمرارية هذا المرفق. ودعت وزارة الداخلية عموم المواطنين إلى ضرورة الإلتزام بمقتضيات الحجر الصحي الشامل والاقتصار على قضاء الحاجيات الاساسية (المواد الاساسية والادوية الضرورية، علاج الحالات الصحية المستعجلة، إجراء التحاليل الطبية الضرورية التي لا يمكن تأجيله).
كما أنّ وزارة الصناعة والطاقة والمناجم أعلنت عن قائمة الشركات الوطنية التي لن تكون معنية باجراءات الحجر الصحي، كما تقرر منح استثناءات لأعوان وإطارات الشركات والمؤسسات العمومية تحت إشراف وزارة الصناعة للتنقل خلال فترة الحجر الصحي الشامل. كما أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أعلنت أنه توازيا مع اجراءات الحجر الشامل سيتم تعليق جميع الأنشطة الجامعية من دروس وامتحانات وتربصات ومناقشة أعمال البحث بداية من يوم 08 ماي الجاري على أن تستأنف، مبدئيا، بداية من يوم الأربعاء 19 ماي وتقرّر تنظيم ندوة للإعلان عن بقية الاجراءات الخاصة بقطاع التعليم يوم الخميس 13 ماي الجاري مع فتح المبيتات الجامعية بتاريخ 17 ماي وذلك لتسهيل التوافد التدريجي للطلبة.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires