رضا بلحاج .. ضحية أخرى من ضحايا حافظ قايد السبسي
إذا كانت حركة نداء تونس وقياداتها تمتلك رقما قياسيا فلا شك أنه سيكون في عدد الفضائح السياسية ولعل من آخر مظاهرها قرار تجميد عضوية رضا بلحاج وردود الفعل التي عقبته، القرار الذي اتخذته الهيئة السياسية للحزب أو بالأحرى رئيسها حافظ قايد السبسي، جاء ليؤكد ما يُتداول حول الخلاف القائم بين الرجلين.
الصراع بين رئيس الهيئة السياسية لنداء تونس والمنسِّق العام للحركة، كان نشب منذ انطلاق التحضيرات للمؤتمر الانتخابي للحزب .. فالجميع كان يتحدث عن حالة من التوتر لكن لا أحد أكد وجود خلاف حقيقي بين الطرفين .. غير أن الأزمة انتهت بالانفجار في وضح النهار من خلال البلاغ الذي نشره حافظ قايد السبسي في المساء ومفاده أن الهيئة السياسية قررت تجميد عضوية رضا بلحاج من الحزب وتجميد أنشطته من كل هياكل حركة نداء تونس .. وسيتم إحالة ملفه على لجنة النظام للنظر فيه .. السبب؟ حسب نص البلاغ فإن بالحاج متهَم بتجاوزات خطيرة والدليل القاطع.
مباشرة فور الإعلان عن القرار جاء رد فعل المنسق العام للنداء دون أي تأخير.. رضا بلحاج علًّق بكل وضوح وصراحة على هذا القرار في العديد من وسائل الإعلام، فاضحا كل ما يدور في كواليس الحزب.
أولا اعتبر بلحاج أن تجميد عضويته غير قانوني باعتبار أن الهيئة السياسية غير مؤهلة لاتخاذ مثل هذا القرار .. بل إنه ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بالتأكيد على أن حافظ قايد السبسي ّ"خطر محدق على البلاد" وأن طرده هو وجماعته واجب وطني متهما إياه بكونه أضر كثيرا بالبلاد وبحزب النداء .
ثانيا تطرق بلحاج إلى دور رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي في الوضع الراهن معتبرا أنه من غير المقبول أن يتخذ الرئيس البلاد رهينة فقط لأجل عيون نجله حافظ .. ملاحظا أنه واقع تحت تأثير أربعة أشخاص وهم: ابنه حافظ وريم زوجة ابنه وأنس حطاب وامرأة أخرى فضّل عدم الكشف عن إسمها .. كما عبَّر عن رفضه المطلق تدخَّل أسرة رئيس الدولة في شؤون الحزب، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ريم قايد السبسي تشرف على الصفحة الرسمية للحركة وهي التي تقرر ما ينشر فيها حسب أهوائها الخاصة.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يُستبعد فيها رضا بلحاج من نداء تونس، فقد سبق أن اطرد من الحزب في 2016 بتعليمات وقتها أيضا من حافظ قايد السبسي قبل أن تتقرر عودته من جديد لتعزيز صفوف النداء حين كانت الحرب بين نجل الرئيس ويوسف الشاهد، رئيس الحكومة في أوجها .. إلا أن شهر العسل لم يعمِّر طويلا لتطفو الخلافات من جديد وبسرعة.
ومن منطلق قناعته الراسخة بأن حزب نداء تونس قادر على لمِّ شمل عدد كبير ممن غادروه بمجرد خروج حافظ قايد، اقترح رضا بلحاج تركيز هيئة وقتية في انتظار انعقاد مؤتمر الحركة .. غير أن هذا المقترح أغضب حافظ والمقربين منه الذين يريدون البقاء مسيطرين على هياكل الحزب .. فمؤتمر انتخابي نزيه وشفاف قد لا يخدم مصلحتهم باعتبار أن المعركة غير مضمونة مسبقا.
من ناحيتها قالت أنس حطاب اليوم الجمعة إن رضا بلحاج تم تجميد عضويته لارتكابه تجاوزات فادحة وخطيرة .. فبلحاج يعقد حسب روايتها اجتماعات "موازية" للضغط على اللجنة المكلفة بالإعداد للمؤتمر، غير أن رضا شرف الدين، رئيس اللجنة، كذَّب ونفى ما ورد في هذه التصريحات، داعيا كل الأطراف إلى ترك الأمور تسير بشكل طبيعي.
والأكيد أن هذه الحلقة الاخيرة من مسلسل نداء تونس لا تخدم البتة مصلحة الحركة، سيما ونحن على مشارف محطات انتخابية هامة .. كما أنه رغم كل محاولات الإصلاح والإنقاذ، فإن نجل الرئيس مازال مُصرًّا ومصمما وملحًّا على هدم ما شيَّده والده .. فقد نجح حافظ قايد السبسي، بعناده وتعنته، في جعل كل المؤسسين للحركة يفرون من نداء تونس، الحزب الوحيد الذي استطاع أن يهزم حركة النهضة في انتخابات 2014.
كما يشار إلى أن قايد السبسي الابن ما كان له أن يواصل في تمشيه لولا دعم ومساندة قايد السبسي الأب الذي خيَّب آمال الكثيرين بسلوكه هذا .. فساكن قصر قرطاج الذي تمكّن من الحصول على أكثر من مليون صوت في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، قد يخرج من الباب الصغير للقصر إذا لم يفلح في وضح حد لطموحات ورغبات ابنه.
تعليقك
Commentaires