alexametrics
الأولى

حرب التشريعيّة بين عبد الكريم الزبيدي ويوسف الشاهد

مدّة القراءة : 4 دقيقة
حرب التشريعيّة بين عبد الكريم الزبيدي ويوسف الشاهد

 

انتهى الدّور الأوّل من الإنتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها 2019، وأفرزت عمليّة الإقتراع الديمقراطيّة التي تمّت يوم 15 سبتمبر 2019، فوز كلّ من قيس سعيّد بالمرتبة الأولى، ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي بالمرتبة الثانية، وبالتالي سيتنافس كلّ منهما في الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسيّة على منصب رئيس الجمهوريّة. 

 

بعد إعلان الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات عن نتائج الدّور الأوّل، يوم 17 سبتمبر 2019، تباينت الأراء واختلفت حول نتيجة هذا الدّور الذّي أعلن فيه عن هزيمة الأحزاب الكبرى في البلاد، كالنهضة ونداء تونس وحزب رئيس الحكومة، تحيا تونس، زد على ذلك اليسار التونسي الذّي هزم شرّ هزيمة، البعض من المرشّحين للرئاسيّة لتدارك هذه الهزيمة، قدّموا طعون في نتيجة الدّور الأول من الرئاسيّة، وهم كلّ من سيف الدين مخلوف الحاصل على نسبة  4 فاصل 4 بالمائة، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الحائز  على المرتبة الرابعة بنسبة 10 فاصل 7 بالمائة، وناجي جلول الحائز على نسبة 0 فاصل 21 بالمائة، وحاتم بولبيار صاحب المرتبة  الأخيرة بنسبة 0 فاصل 11 بالمائة، ويوسف الشاهد صاحب المرتبة الخامسة بنسبة 7 فاصل 4 بالمائة. 


هذه الطعون نظرت فيها المحكمة الإداريّة، وأعلنت يوم أمس الإثنين 23 سبتمبر 2019، عن رفضها لها، وبذلك تمّ تثبيت نتائج الإنتخابات بمرور كلّ من قيس سعيّد والقروي للدّور الثاني، وبقي لهؤلاء الذّين تقدّموا بالطعون 48 ساعة ليستأنفوا قرار المحكمة الإداريّة، وإذا تمّ ذلك فسيتمّ تأخير موعد انتخابات الدّور الثاني إلى 13  أكتوبر، وإن لم يستأنف أحدهم، فإنّ الدّور الثاني من الرئاسيّة سيتزامن مع موعد الإنتخابات التشريعيّة يوم 6 أكتوبر 2019.


رئيس حركة تحيا تونس، يوسف الشاهد، أحد هؤلاء الذّين طعنوا في نتائج الدّور الأوّل من الإنتخابات الرئاسيّة، اعتبر إنّ هزيمته في هذا الدّور ناتجة عن تشتّت العائلة الديمقراطيّة، ووصف النتائج بالصادمة والمخيّبة للآمال، في هذا الإطار توجّه لمنافسه في الرئاسيّة الحائز على نسبة 10 بالمائة من الأصوات، عبد الكريم الزبيدي،  بالدعوة إلى التحاور والإتّفاق ولم شمل العائلة الديمقراطيّة، لضمان مكانتهم وفوزهم في الإنتخابات التشريعيّة المقبلة، فالإنتخابات التشريعية بالنسبة للشاهد هي فرصة للتّدارك والمراجعة، وأهم من الإنتخابات الرئاسيّة حسب تصريحاته، لذلك فكّر في التوافق مع الزبيدي وتوحيد العائلة الوسطية والتحالف، لتشكيل كتلة قوية في البرلمان القادم، قد تضم كذلك البديل حزب مهدي جمعة و نداء تونس.


يوسف الشاهد بعد خسارته في الدّور الأوّل أكّد في تصريحاته الإذاعيّة والتلفزيّة، أنّ الأولويّة المطلقة بالنسبة له هي مصلحة تونس، وشدّد على رغبته في توحيد القوى التقدّمية، وبالذات مع عبد الكريم الزبيدي الذّي صرّح أنّه يحترمه ولا يكنّ له مشاعر كره أو ضغينة، وبيّن انّه تجاهل كلّ الإتّهامات التي تعرّض لها من قبل الزبيدي وأنصاره، ولكن من أجل مصلحة البلاد وإنقاذها فهو بحاجة إلى تحقيق التوافق مع هذا الأخير.


هذا النّداء العاجل الذّي وجّهه الشاهد للزبيدي، جوبه بالرفض، والتوافق بينهما أمر محسوم قبل نتائج الدّور الأوّل في الرئاسيّة، فنيران الحرب بينهما إندلعت  قبل الإنتخابات الرئاسيّة، يوم 13 سبتمبر 2019، حين خرج الزبيدي في حوار إعلامي بقناة الحوار التونسي وشكّك في مدى ثقته في الشاهد، واتّهمه بالتواطؤ مع حركة النهضة،  وأفاد أنّه أعلم الشاهد يوم الخميس الأسود، 27 جوان 2019، بمرض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وتدهور حالته، وتفاجأ بعلم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بها قائلا: '' وصول المعلومات للغنوشي أمر غريب وأعلمت رئيس الحكومة لأن الرئيس كان مريضا ومن واجبي إعلامه وإذا كان الشاهد مصدر وصول المعلومة للغنوشي فإن هذا الأمر غير مقبول''. 


وعلى الرّغم من هذا التصريح، إلاّ أنّ يوسف الشاهد قرّر عدم الإجابة عن ذلك، وصرّح أنّ الزبيدي وزير في حكومته وهو يحترمه ويقدّره، وأفاد أنّ لا علاقة له بالنهضة، وبعد نتائج الدّور الأوّل أصرّ على دعوة عبد الكريم الزبيدي للحوار ولم شمل العائلة الديمقراطيّة، وكانت الإجابة في بادئ الأمر من مدير الحملة الرئاسية للمرشح عبد الكريم الزبيدي، فوزي بن عبد الرّحمان، الذّي أجاب الشاهد في تدوينة على حسابه الشخصي بالفايسبوك يوم السبت 21 سبتمبر 2019، عبّر فيها للشاهد أنّه هو المسؤول عن أزمة البلاد ودعاه إلى أن يتحمّل مسؤولية أخطائه والفساد الذّي أصاب البلاد، وقال له '' ماهوش في بعض أيامات باش نصلحوا تخلويض سنين''، واعتبر أنّ يوسف الشاهد هو المشكل ولا يمكنه أن يكون الحلّ للبلاد. 

 

وبدوره أجاب وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي على  دعوة يوسف الشاهد بتدوينة نشرها ليلة البارحة على صفحته الرسميّة، قائلا '' لقد تابعت الدعوة التي توجه بها إليّ السيد يوسف الشاهد "من أجل إنقاذ تونس" ويهمني أن أوضح أن من تسبب في تأزيم الوضع الاقتصادي وفي تدهور الوضع المعيشي للمواطنين وفي تدمير الحياة السياسية والحزبية، هو جزء من المشكل لا يمكن أن يكون جزءا من الحلّ وأن مبادئ الديمقراطية تقتضي منه أن يعترف بفشله وبمسؤوليته ويستقيل من منصبه''، وهذه إجابة واضحة ودالّة عن رفض الزبيدي للتوافق مع الشاهد. 

وبعد صمته عن اتهامات  مدير حملة الزبيدي له بالفشل، خرج الشاهد عن صمته اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2019، وأجاب عن تصريحات الزبيدي التي وصفها باللاّمسؤولة، خاصّة في هذه الفترة الصعبة والحسّاسة التي تمرّ بها تونس، وقال إنّ  الوقت اليوم وقت تجميع وليس تشتيت، وأفاد أنّ مطالبته بالإستقالة قبل 10 أيام من الإنتخابات التشريعيّة هو عمل غير مسؤول، وأوضح للزبيدي أنّ إستقالة رئيس الحكومة يعني إستقالة كامل الحكومة بما فيها وزير الدّفاع.

 

نتائج الدّور الأوّل من الإنتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها، كشفت ضعف الساحة السياسيّة، التي أفرزتها الصراعات والإنقسامات داخل الأحزاب، وبعد حسم الأمر بين نبيل القروي وقيس سعيّد في الدّور الثاني من الرئاسيّة، توجّهت كلّ الأنظار الآن إلى التشريعيّة وكيفيّة التموقع بقوّة داخل مجلس نوّاب الشعب.

هذه الإنتخابات مثّلت صفعة حادّة لكلّ السياسيين الذّين لم يعيروا الشعب أولويّة تامّة، واهتمّوا بشؤونهم الداخليّة والشخصيّة، وعلى الكلّ أن يتحمّل مسؤولية أفعاله، وفي هذا المشهد الإنتخابي الرئاسي الضبابي، الكلّ يتمنى أن تستمرّ تونس في مسارها الديمقراطي وأن تتغيّر نحو الأفضل مقارنة بما مضى. 

يسرى رياحي 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter