alexametrics
الأولى

سعاد عبد الرحيم تريد تعريب تونس

مدّة القراءة : 3 دقيقة
سعاد عبد الرحيم تريد تعريب تونس

صوت يوم 31 ديسمبر الماضي المجلس البلدي لمدينة تونس على على قرار بلدي يجبر المحلات التجارية على كتابة معلقاتها على أبوابها باللغة العربية، معللا ذلك بتطبيق الفصل 39 من الدستور وللقوانين الجاري بها العمل حتى لا يتعرض أصحابها لعقوبات مالية.

إن هذا القرار الذي اتخذه المجلس البلدي لمدينة تونس، برئاسة سعاد عبد الرحيم اثار العديد من ردود الأفعال، فإن الالتزام بنسخ العلامات التجارية باللغة العربية يبرز واحدة من الرغبات المعلنة في "التخلص من ما يسمى اللغة الاستعمارية" لصالح لغة "أكثر تكيفًا مع التاريخ و هوية البلد .

الفصل 39 من الدستور الذي علل به المجلس البلدي قراره ينص على :
"التعليم إلزامي إلى سن السادسة عشرة.
تضمن الدولة الحق في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين. كما تعمل على تأصيل الناشئة في هويتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني وعلى ترسيخ اللغة العربية ودعمها وتعميم استخدامها والانفتاح على اللغات الأجنبية والحضارات الإنسانية ونشر ثقافة حقوق الإنسان."

 

هذا و أوضح أحمد بوعزي عضو المجلس البلدي الذي قدم هذه المبادرة، أن هذا المرسوم يهدف إلى دعم الهوية العربية بين التونسيين وتخليص المدينة من جميع أشكال الاستعمار الفرنسي، معتبرا أن اللغة العربية هي من بين المظاهر الهامة التي تعرّف بهوية شعب ما في مدينة ما، مؤكدا أن المتجول اليوم في العاصمة يستغرب من غياب اللغة الوطنية في اللوحات واللافتات والمعلّقات على اختلاف أنواعها الموضوعة على واجهات المحلاّت التجاريّة والصناعيّة في أغلب الشوارع والساحات العموميّة وينتابه الشك في استقلال البلاد ، كما أضاف أن غياب اللغة العربية يفسد للسائح لذّة الاغتراب التي كان ينتظرها عند زيارة بلاد تختلف لغتها عن لغة بلاده.

و إعبر البوعزي أن فرنسا كانت تتمسّك بتثبيت لغتها في تونس لعلمها أنها تضمن لها السيطرة الاقتصادية والثقافية والفكرية والسياسية أكثر ممّا يضمنها الوجود العسكري وبقاء المعمّرين. ومخطّطو السياسة في فرنسا يعرفون جيّدا أنّ استعمار العقول أقل كلفة وأكثر تأثيرا من الاستعمار المباشر، واللغة تمكّن من تعويض الاستعمار العسكري بالاستعمار الناعم.

 

في مواجهة هذا القرار ، تضاعفت ردود الأفعال على شبكات التواصل الاجتماعي، أين سخر العديد من قرار تعريب اللافتات التجارية التي قد تكون أسماءها معقدة عند ترجمتها ويمكن أن تكون مربكة و يصعب نطقها.

لقد تحدث العديد من النقاد حول جدوى هذا القرار وتكلفته. فإذا كان التجار سيحتفظون بأسماءهم التجارية مكتوبة بالأحرف اللاتينية ، يجب عليهم القيام بذلك بحروف صغيرة أمام اللافتات باللغة العربية والتي ستأخذ الحيز الأكبر من العلامة. وبالتالي ، سيكون من الضروري إعادة صياغة غالبية علامات واجهات المحلات لكي لا تسلط عليهم العقوبات المالية، أما بالنسبة للذين يفضلون اختيار لغة واحدة لن يكون لديهم خيار سوى اللغة العربية.
و في هذا الإطار قالت سعاد عبد الرحيم رئيس البلدية في تصريح لموزاييك أف أم ، إن فرض لافتات باللغة العربية لا يعني الغاء اللافتات باللغات الأجنبية، مع إمكانية تواجد لغتين أو أكثر في اللافتات، إضافة إلى مراعات معنى الترجمة.

 

قرار المجلس البلدي لمدينة تونس هذا سلط الضوء على النقاش حول الهوية والتأثير الذي يمكن أن تقوم به النهضة في إدارة البلديات. هذا الحزب الإسلامي هو متصدر الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات البلدية لعام 2018، ومع تواجد نهضاوية على رأس بلدية تونس أصبحت القضية شائكة، فبعد الانتخابات البلدية، لوحظ اشكال الهوية والدوافع المحافظة في أوت الماضي عندما أعلن الإسلامي فتحي العيوني، رئيس بلدية الكرم عن قراره بحظر زواج التونسية من غير مسلم في البلدية، إلا عندما يثبت الأخير إسلامه معللا ذلك هو الآخر بتطبيق الفصول 1 و 6 من الدستور والمادة 5 من مجلة الأحوال الشخصية.
كما أعلن رئيس بلدية الكرم أن بلديته ستقبل تسجيل المواليد الجدد بأسماء عربية فقط أو من أصل عربي مسلم كما هو منصوص عليه في الدستور، وعلاوة على ذلك ففي العديد من البلديات ولا سيما في مدينة صفاقس ، تم نشر ملصقات تخطر بأن أعوان الحالة المدنية يرفضون تسجيل أي مولود جديد غير عربي أو غير مسلم عند الولادة.

 

باسم حماية الهوية العربية الإسلامية واحترام الفصل الأول من الدستور التونسي، يتحول الجدل في كثير من الأحيان إلى صراع. فبعض المراقبين أعربوا عن خيبة أملهم في ترشيح امرأة حداثية ومتعلمة على رأس بلدية تونس، لأن انتصار سعاد عبد الرحيم قد أثار ردود أفعال متباينة في ذلك الوقت حتى من المعسكر الحداثي. كما يرى آخرون أنها تهديد للعولمة والحداثة والانفتاح على الثقافات والحضارات الأجنبية، وهي متغير مهم لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

إن قرار تعريب اللافتات في العاصمة الذي يعتقد المجلس البلدي لمدينة تونس انه يعيد اللغة العربية للمكان الذي يجب أن تكون عليه في الثقافة التونسية بعيد كل البعد عن التاريخ، حيث كان لكل من اللغتين الفرنسية والعربية مكانها، و في مثل هذا النوع من القرارات يجب الأخذ بالاعتبارات الأخرى بما في ذلك الاجتماعية و الاقتصادية.

 

أحمد زرقي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter