alexametrics
الأولى

باردو : الجميعُ في صف المعارضة، الى اشعار اخر..

مدّة القراءة : 4 دقيقة
باردو : الجميعُ في صف المعارضة، الى اشعار اخر..

 

لكلّ زمن سياسي مُعارضته الخاصة، التي تأتي كرد عكسي على تغيرموازيين القوى والتحالفات الجديدة. وعكس المعارضة الكرتونية التي نصّبها بن علي لمكيجة ديمقراطية الواجهة، تغيّر مفهوم "المُعارض" بعد 14 جانفي 2011 – ككل المعجم السيّاسي الذي تغير، وفكر فيه الجميع مــعا، بصوت عال.

في الواقع، ما تلى تشريعيات 2019 مختلف عمّا تلى تشريعيات 2014. هذه المرة اختار الفرقاء السياسيون أن يُعلنوا تموقعاتهم للخمس سنوات القادمة قبل تشكيل الحكومة.  بيد أنّ رجل النهضة، الحبيب الجملي قد التقى بالجميع – تقريبا في اطار مهمته الدستورية لتشكيل الحكومة، الا أن أغلبية الفاعلين السياسيين قد ذهبوا طواعية الى دائرة المعارضة. مايُحليه هذا الاختيار الى الذهن أن السّجل/المعجم السياسي التونسي الذي انطلقنا في كتابته منذ 2011 مازال قيد الاشتغال اذ أن تعريف المعارضة مافتئ يتغير.

الجديد في الأمر، أن الأحزاب التي كانت جزءا من السيستام قررت أن تجرب الفعل السياسي من منظور مختلف، لأسباب مختلفة.  حركة تحيا تونس، الحزب الذي أسسه رئيس حكومة تصريف الاعمال (حاليا) يوسف الشاهد، أعلن قبل الدخول في المشاورات مع الجملي أنه اختار صف المعارضين في البرلمان، بكتلته التي تعد 14 نائبا. سليم العزابي أمين عام الحركة الذي ترأس وفد التفاوض مع الجملي صرح وفق ما أوردته بيزنس نيوز أن كتلة تحيا تونس ستكون في المعارضة. في الفكر السياسي لهذا الحزب، على لسان قياداته، تعرف الحركة "المعارضة" على أنها قوة اقتراح أولا، ثم أنها معارضة بناءة تختلف عن المعارضة التقليدية- في احالة الى فرق بين النقد الذي فسّر العزابي أن تحيا تونس تعتزم ممارسته، والانتقاد الذي يجعل من المعارضة في باردو قوة هدم تهدف لتعطيل الحكومة وعرقلتها بدل اقتراح تعديلات وحلول. وليد جلاد، القيادي في تحيا تونس كان قد أوضح ان الحركة "ستعطي صورة جديدة عن المعارضة الايجابية".

 

قلب تونس، الذي لم يعد القوة الثانية في البرلمان بعد اخر تحيين نشره مجلس النواب عن تشكيل الكتل المصادق عليها، كان قد حدد تموقعه على لسان النائب أسامة الخليفي الذي أعلن أن كتلة قلب تونس والتي تعد 38 نائبا ستكون في المعارضة اذا لم يشارك الحزب في الحكومة. هذا الحزب الذي كسب قاعدة انتخابية على مقاربة التموقع في المعارضة ضد حركة النهضة حتى أن الخليفي ذهب الى وصف نبيل القروي بـ"زعيم المعارضة في تونس." أغلب الظن أن الحزب سيشارك في حكومة 2020 كامتداد لتحالفه البرلماني مع الحركة الاسلامية النهضة، رغم ما يصر عليه قياداته في كل حضور اعلامي.

 

الدستوري الحر، بكتلته التي تعد 17 نائبا، رفض لقاء الحبيب الجملي للتشاور وبالتالي أقصى نفسه تلقائيا من المشاركة في الحكومة. قبل الانتخابات وبعدها، ظل خطاب الدستوري الحر الذي غالبا ما يكون على لسان عبير موسي رئيسته، وفيا لنفسه. رفض الحزب المشاركة في حكومة النهضة، أو حكومة يشارك فيها ائتلاف الكرامة. عبير موسي أكدت أن كتلتها لن تصوت لصالح حكومة الحبيب الجملي.

ائتلاف الكرامةّ، الذي لم يبد رفضا للمشاركة في الحكومة شريطة أن تتضمن قلب تونس، قد كرر مرارا أنه في الصف "الثوري". وبينما لا يوجد مقياس لتحديد من يملك ماركة مسجلة تدعى "الثورية"، فقد عاد سيف الدين مخلوف الى تأكيد تموقع الكرامة في المعارضة بعد ان كان متحمسا لممارسة السلطة. في تغيير مُفاجئ غير مفهوم، تحول رئيس كتلة الكرامة من التشديد على تشكيل حكومة ثورية  الى وصف الحبيب الجملي بانه يقود مشاورات غير جدية وبالتالي فان ائتلاف الكرامة سيكون في المعارضة. وبالتالي، يبدو أن كتلة الكرامة التي تضم 21 نائبا لن تنضم للحزام السياسي للحكومة القادمة، بسبب مشاركة محتملة لأحد خصومهم السياسيين.

الكتلة الديمقراطية، ثاني قوة برلمانية، والتي تضم كلا من نواب التيار الديمقراطي وحركة الشعب ومستقلين والمنجي الرحوي عن الجبهة الشعبية، ستكون "زعيمة المعارضة" كما وصفها رئيسها غازي الشواشي. الكتلة وضعت شروطها للمشاركة في الحكومة وهي بالأساس شروط التيار المتمثلة في ثلاث حقائب وزارية هي العدل والداخلية والاصلاح الاداري. اذ فشلت المشاورات مع الحبيب الجملي، ستكون الكتلة الثانية عدديا في المعارضة. تفسر حركة الشعب المعارضة على انها رصيد من المواقف السياسية المناهضة لكل قرار من السلطة يستهدف الشعب. التيار، يعتبر ان المعارضة قوة برلمانية لا تعارض السلطة فحسب، بل هي جزء من "منظومة الحكم" وليست خارجها. كلا الطرفين يملك مشروعا سياسيا مختلفا لكن يبدو ان ما يجمعها هو ذات الفلسفة السياسية المنحازة للمعارضة تحت قبة البرلمان.

 

الطرفان الوحيدان اللذان لم يعلنا بوضوح موقفهما، هما الاصلاح الوطني (15 نائب)، وحركة النهضة(54 نائب). الأولى أعلنت انها مستعدة للتعامل مع الجميع ولا تسعى لوضع شروط مسبقة للمشاركة في الحكومة والثانية ملزمة دستوريا بتشكيل حكومة ولا يقبل المنطق أن تكون خارجها. أغلبية مكونات مجلس باردو اختاروا مسبقا القفز الى قارب المعارضة، اما تأصيلا لموقف سياسي من منظموة الحكم القادم او اضطرارا كنتاج لمشاركة خصم سياسي في الحكومة. في الحالتين، مفهوم المعارضة مازال في طور التأسيس، ولم يخلص الان الى جهاز مفهومي واضح يفرق بين الحكم والمعارضة في النموذج التونسي الفتي- والمتغير.

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter