رئاسية 2019 - من أين لك هذا... !!!
أيّام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019، وأسابيع معدودة لبلوغ الانتخابات التشريعية، ومازال البعض من المترشحين للرئاسة ولمجلس نواب الشعب لم يصرحوا بعد بمكاسبهم بالرغم من انتهاء الآجال القانونية منذ فترة.
رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب أكّد اليوم الخميس 22 أوت أن المترشحون للانتخابات الرئاسية ملزمون بواجب التصريح بمكاسبهم، في تصريح لراديو موزاييك أف أم، وأشار إلى أنه سيقع تكوين لجنة صلب الهيئة ستقوم بمراقبة المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية فيما يخص التصريح بالمكاسب. واعتبر الطبيب أن 70 بالمائة من المشاكل التي تعيشها البلاد هي نتيجة غياب الحوكمة وتفشي ظاهرة الفساد، داعيا الناخبين إلى التصويت للمترشحين الذين يحملون برنامج يتعلق بكيفية مكافحة الفساد وآليات الحوكمة.
وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد أصدرت يوم الثلاثاء 20 أوت، بلاغا دعت فيه المترشحين للانتخابات الرئاسية 2019، المتخلفين عن واجب التصريح إلى تسوية وضعياتهم والتصريح بمكاسبهم تفاديا للعقوبات التي ينص عليها القانون.
وبيّنت أن 34 حزبا فقط من مجمل 219 و 1877 جمعية من أصل 17772 تعاونوا مع الهيئة فيما يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وهو ما انعكس على التزام مسيري الأحزاب السياسية والجمعيات بواجب التصريح حيث لم يتجاوز عدد المصرحين 538 بالنسبة للأحزاب و22884 مصرحا من صنف الجمعيات.
في 17 جويلية 2018، صادق مجلس نواب الشعب على قانون التصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بفصوله الـ 51 والذي دخل حيّز التنفيذ منذ 16 أكتوبر 2018.
حدّد هذا القانون قائمة المشمولين بالتصريح على المكاسب والدخل، وصنفهم لـ 37 فريقا، بات لزاما عليهم التصريح بمكاسبهم ومصالحهم في أجل أقصاه 60 يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات أو التعيين أو تسلمهم مهامهم.
وتشمل القائمة رئيس الجمهورية والعاملون في ديوانه، رئيس الحكومة وأعضاؤها ورؤساء دواوينهم ومستشاريهم، ورئيس مجلس نواب الشعب وأعضاؤه ورئيس ديوانه ومستشاريه، ورؤساء الهيئات الدستورية المستقلة وأعضائها وكل من يشغل منصب سياسيا سواء كان منتخبا أو معينا.
كما يشمل هذا التصريح تحديدا لأنشطة المصرحين واقرانهم، وانتمائهم السابق في أي هيكل كان، جمعية حزب منظمة، وهو ما شمل عشرات الآلاف من السياسيين المنتخبين وكبار موظفي الدولة والعاملين في القطاعات شديدة الحساسية كالقضاء والامن والاعلام والأجهزة الرقابية. كما ضبط القانون كل الإمكانيات المتاحة للتثبت في صحة التصاريح مع تضمنه لترسانة من العقوبات لردع المخالفين.
في 26 جوان 2019، تمت المصادقة على خطة عمل الاستراتيجية الوطنية الثانية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد لسنة 2019و2020، والتي تتضمن 25 مبادرة استراتيجية ذات أولوية، تمّ وضع خطّة هذه الاستراتيجية بطريقة تشاركيّة بين الهيئة ورئاسة الحكومة وأعضاء مجلس نواب الشعب والسلطة القضائية والمجتمع المدني، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ومن أهم أهدافها، توسيع تجربة جزر النزاهة التي تهدف إلى التعامل مع الهياكل الأكثر اختلاط بالمواطنين، مع إضافة أربعة قطاعات أخرى على غرار الأربعة قطاعات في الخطّة الأولى (الديوانة، الأمن، الصحّة والبلديات)، في كلّ من هياكل وزارة التربية ووزارة العدل وفي وزارة النقل وإدارة السجون والإصلاح.
تهدف هذه الاستراتيجيّة إلى تأكيـد الإرادة السياسية فــي إرســاء مقومات الحوكمة الرشــيدة ومكافحــة الفســاد لدعــم المســار الديمقراطــي وحمايتــه مــن الانحرافات وتفعيلهــا، أيضا العمل على تشريك المجتمع المدني في جهود الدولة لمقاومة الفساد، كما تنصّ هذه الاستراتيجية على ضمـان حسـن التصرّف والتسـيير في المـوارد والنفقات العموميـة وتعزيزها بتكريس مبادئ النزاهـة والشـفافية، والمساواة أمام القانون واحترامه من قبل الجميع بتدعيم آليات المحاسبة والمساءلة، كما تعمل الاستراتيجيّة على توفير كلّ أدوات العمل والظروف الملائمة وتوضيح أدوار كلّ الأطراف العموميّة الفاعلة وتعزيز قدراتها في مجال الحوكمة الرشـيدة ومكافحة الفساد.
وبعد إرساء ترسانة التشريعات التي تهم هذا القانون، بدأت الهيئة في العمل على تطبيقه لكن في كل مرّة ومع انتهاء الآجال القانونية تجد نفسها مضطرة للتمديد علّها تجد تجاوبا من المعنيين حتى تتفادى الإجراءات القضائية، لكن كثيرة هي نقاط الضعف التي أثرت على عملها، على غرار نقص تنسيق الجهود الوطنيّة في مكافحة الفساد، وعدم رغبة المواطن في المساهمة في مقاومة الفساد. وبالرغم من صدور نصوص قانونيّة تشريعيّة إلا أنّه بقي نقص في الأوامر التطبيقية التي لم تصدر بعد في مستوى حماية المبلّغين عن الفساد والتصريح بالمكاسب.
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كانت قد أعطت أجلا بشهرين في بادئ الأمر، لتضيف بعدها أجلا إضافيا بـ 15 يوما انتهت يوم 31 ديسمبر 2018، لتمنح أجلا إضافيا للمرة الثانية بشهر في شكل تنبيه للمتخلفين المعنيين بعملية التصريح يتيح لهم القيام بما يتوجب عليهم في الآجال المحددة قبل الشروع في تطبيق العقوبات والتي تتعلق بالخصم من الأجر وتحديدا ثلثي الأجر، أو المنحة وهناك عقوبات بالسجن وكذلك الحرمان من الترشح للمناصب.
وإذا ما تمعننا جيدا في النص القانوني وفي ما فرضه علينا الواقع فما عليك إلا محاولة إيجاد الفوارق السبعة، فكيف يمكن قبول مترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية لم يصرحوا بمكاسبهم؟ وأي دور هنا للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات؟ أليست هي المسؤولة عن قبول ملفات الترشّح؟ ألا يمكن أن تطالب كل مترشّح بارفاق ملفه بما يثبت أنه صرّح بأملاكه؟ وما يدعو للحيرة والعجب كيف لمترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية أو ليكون نائبا يمثّل الشعب ويدعو إلى الشفافية ومكافحة كل مظاهر الفساد، ويتعمّد إخفاء ممتلكاته رغم الدعوات المتتالية من هيئة مكافحة الفساد.
ربّما الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اليوم يجب عليها تطبيق القانون والقطع مع آجال التمديد وعلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كذلك القيام بدورها وعدم قبول كل من يثبت أنه لم يقدّم تصريحا بممتلكاته لضمان تكافئ الفرص ولتقديم مترشّح مؤهل لمنصب رئاسة الجمهورية.
تطبيق القانون يعدّ أمرا ضروريا لضمان معاقبة الفاسدين ومنع وجود الحصانة التي تسبب افلات الكثير من العقوبات، ويمكن للمجتمع المدني دعم هذا التنفيذ عن طريق تعزيز مطالبة المواطنين بمكافحة الفساد والعمل على كشفه والتحسين من جودة الخدمات العامة التي تقدمها الدولة وتمكينهم من مسائلة الحكومات مما يساعد في بناء الثقة المتبادلة بين المواطنين والحكومة.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires