استئناف نقل الفسفاط التجاري: انفراج الازمة أم سياسة المماطلة؟
استُئنفت صباح اليوم الثلاثاء 4 أوت 2020 عملية نقل الفسفاط التجاري عبر القاطرات والشاحنات نحو معامل المجمع الكيميائي التونسي في قابس والصخيرة. عودة العمل بالمجمع الكيمائي يأتي في ظروف استثنائية بعد مرور شهر من الاعتصامات والاعتصامات نفذها المعطلون عن العمل بجهة قفصة للمطالبة بالتشغيل ولتحسين ظروفهم الاجتماعية.
تراجع في انتاج الفسفاط
يبلغ رأس مال شركة فسفاط قفصة 268 مليون دينار، وتشغل حوالي 7036 عون بمعدل طاقة انتاج في حدود 8 مليون طن سنويا وتساهم في القيمة المضافة لقطاع الفسفاط بنسبة 70 بالمائة من النشاط الاقتصادي لولاية قفصة، الا أن طاقة الإنتاج شهدت تراجعا ملحوظا منذ سنة 2010. فخلال الستة أشهر الأولى من سنة 2020 بلغ انتاج شركة فسفاط قفصة من الفسفاط التجاري حوالي 1,9 مليون. وكان من المنتظر ان يبلغ الإنتاج 2.7 مليون خلال هذه الفترة، اما بالنسبة لشهر جويلية 2020 بالتحديد فقد بلغت نسبة الفسفاط المستخرجة 3893 ألف طن في حين كان من المنتظر ان تصل النسبة الى 8000 ألف طن خلال الفترة ذاتها.
تراجع انتاج الفسفاط ليس بالجديد فمنذ سنة 2010 ، تراجع تصنيف تونس في التصنيف العالمي الخاص بإنتاج الفسفاط فبعدما كانت تحتل المرتبة الثانية أصبحت تونس خارج التصنيف وذلك بحسب تقرير الاتحاد العربي للاسمدة و لاتزال المغرب في المرتبة الأولى حسب نفس التصنيف.
شركة فسفاط قفصة: خسائر مالية بالجملة
بلغت قيمة الخسائر المالية لشركة فسفاط قفصة 480 مليون دينار سنة 2019 و لم تتمكن الشركة العمومية من دفع مستحقاتها الخاصة بالمساهمات الاجتماعية و التي تقدر ب 34 مليون دينار و لا حتى على دفع الاداءات التي قدرت ب 36 مليون دينار ، في هذا الاطار اشار المدير العام ّ المساعد لشركة فسفاط قفصة، رافع نصيب لوكالة تونس افريقيا للانباء عن الصعوبات التي تشكو منها الشركة فهي لم تعد قادرة على تلبية حاجيات المجمع الكيميائي وشركة "تيفارت"، من الفسفاط، بفعل التراجع القياسي لمستويات الانتاج مقارنة بما كانت عليه في 2010 اذ تراجع الإنتاج بنسبة 60 بالمائة في الوقت الذي ارتفعت فيه كلفة الانتاج بشكل كبير، في الأشهر الأخيرة من سنة 2019، لتبلغ كلفة الطن الواحد 197،6 دينار مقابل 48 دينار خلال سنة 2010.
تونس تفقد حرفائها
يبلغ معدل شحن الفسفاط التجاري العادي حوالي 16 ألف طن يوميا و 12 ألف طنّ كحد ادنى وهي الكمّية اللازمة لاستمرار عمل المجمع الكيميائي التونسي والشركة التونسية الهندية للاسمدة الا انه و بسبب تزايد الاحتجاجات الاجتماعية لم يتمكن المجمع من مواصلة ضخ الفسفاط التجاري بشكل متواصل وهو ما تسبب في خسارة حرفاء مهمين للشركة على غرار الهند و البرازيل.
وبحسب دراسة قدمها عبد الوهاب عجرود كاتب عام المجمع الكيميائي التونسي سنة 2018 خلال ندوة قطاعية للجامعة العامة للنفط والمحروقات فان عائدات المجمع الكيميائي في انخفاض متواصل منذ سنة 2011 اذ بلغت عائدات المجمع الكيميائي معدّلا سلبيا سنة 2018 يقدّر بـ 80 مليون في حين قدرت عائدات الإنتاج سنة 2011 ب 200 مليون دينار هذا وأشار كاتب عام المجمع الكيمائي التونسي الى تآكل فائض خزينة المجمع من 900 مليون دينار سنة 2011 الى صفر سنة 2018.ازمة الفسفاط اثرت سلبيا على الاقتصاد التونسي حيث أدى الى خسائر مالية وصلت الى 6.7 مليار دولار
شبهات فساد وفتح تحقيق
ومع الصعوبات في الإنتاج تشكو شركة فسفاط قفصة من شبهات فساد تحوم حول صفقات نقل الفسفاط و هو ما أكده مرصد رقابة الذي اودع خلال شهر جويلية 2020 شكاية لدى القطب القضائي الاقتصادي و المالي في هذا الخصوص. المرصد تحدث أيضا على شبهات فساد تخص علي خميلي المدير العام لشركة فسفاط قفصة والذي قام حسب مرصد رقابة بتوقيع 109 تسمية في خطط وظيفية في يوم واحد ‘بشكل غير قانوني واستباقي قبل مغادرة الادارة العامة للشركة.
وسبق ان فتحت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بقفصة سنة 2018 تحقيقا في شبهة تلاعب في احدى الصفقات العمومية المتعلقة بشركة نقل المواد المنجمية تمثلت في اقتناء شاحنات من قبل شركات خاصة بعقود مدلسة بالإضافة الى الاتفاق على شراء شحنة قطع غيار غير صالحة للاستعمال تجاوزت قيمتها مليون دينار.
قفصة الولاية المنسية
تخفي الاحتجاجات والإضرابات التي طالت المجمع الكيميائي بقفصة ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة في الولاية فقد بلغت نسبة البطالة في المنطقة حوالي 31 بالمائة وتحتل ولاية قفصة المركز الثاني من حيث نسبة البطالة في تونس بعد ولاية تطاوين.
و لمجابهة ظاهرة البطالة قامت شركة فسفاط قفصة خلال السنوات الفارطة بالعديد من الانتدابات بالشركات الفرعية لشركة فسفاط قفصة تجاوزت ال 7000 انتداب الا انها لم تجدي نفعا حسب الرئيس المدير العام للشركة علي الخميري الذي أوضح خلال جلسة استماع داخل لجنة الصناعة و الطاقة والبنية الأساسية والبيئة بمجلس نواب بتاريخ 3 جويلية 2020 ان الانتدابات الأخيرة عمقت الازمة في شركة فسفاط قفصة بسبب ارتفاع كتلة الاجور اذ بلغت كتلة أجور الاعوان بشركة فسفاط قفصة والشركة التونسية لنقل المواد المنجمية وشركات البيئة نسبة 70 بالمائة خلال سنة 2019 من رقم المعاملات ، هذا بالإضافة الى ومصاريف المسؤولية المجتمعية للشركة التي بلغت 320 مليون دينار .
للإشارة أظهرت احصائيات المعهد الوطني للإحصاء ارتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة في تونس تقدر ب 1.15 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة2020 مقارنة بالسنة الفارطة حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 634.8 ألفا من مجموع السكان النشيطين مقابل 623 فاصل 9 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الثلاثي الرابع لسنة 2019.
رغم عودة نقل الفسفاط التجاري نحو معامل المجمع الكيميائي لا تزال شركة فسفاط قفصة تعاني من صعوبات مادية فهي غير قادرة اليوم على تجديد أسطول معدّاتها و لا على شراء قطع الغيار لآلات الإنتاج و وامام هذه الصعوبات لا تزال الإرادة السياسية غائبة فلا وجود لحلول جذرية لحل مشكل مديونية الشركة و لا إجراءات لدعم ميزانية شركة على حافة الإفلاس
رباب علوي
تعليقك
Commentaires