تعطل قطار التنمية في الشمال الغربي و المناطق الداخلية
كشف تقرير للمعهد الوطني للإحصاء صدر اليوم الاثنين 15 نوفمبر 2021 عن ارتفاع في نسبة البطالة قدر ب 0,5 نقطة، خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021 لتصل نسبة البطالة الى حدود 18,4 بالمائة مقابل 17,9 بالمائة خلال الثلاثي الثاني و بلغ عدد العاطيل عن العمل 762,6 ألف من مجموع السكان النشطين مقابل 746,4 ألف عاطل في الثلاثي الثاني من سنة 2021 بارتفاع قدر ب 16 ألف عاطل عن العمل ، وبلغت نسبة البطالة 15,9 بالمائة بالنسبة للذكور و 24,1 بالمائة بالنسبة للإناث .
وبلغت نسبة بطالة الشباب بين سن ال 15 و24 سنة ، 42,4 بالمائة خلال الثلاثي الثالث من السنة الحالية مقابل 41,7 بالمائة خلال الثلاثي الثاني، بنسبة 42,8 بالمائة لدى الذكور و41,7 بالمائة لدى الاناث ، و تجاوزت نسب البطالة في بعض المناطق المعدل الوطني و تركزت أعلى درجات البطالة في الشمال الغربي بنسبة 33 بالمائة ، يليها الجنوب الغربي ب 26,3 بالمائة ، الوسط الغربي ينسبة 23 بالمائة و الجنوب الشرقي ب 22,5 بالمائة ، فيما لم تتجاوز نسبة البطالة المعدل الوطني في بعض المناطق على غرار الشمال الشرقي الذي سجل نسبة 10.8 بالمائة والوسط الشرقي 13.9 بالمائة وتونس الكبرى 16.1 بالمائة . و ليس بالغريب ان تسجل مناطق الشمال و الجنوب الغربي اعلى نسب البطالة فهي المناطق الاكثر فقرا و تهميشا و مر عليها قطار التنمية مرور الكرام حيث لم ينجح منوال التنمية الذي تم رسمه سنة 2012 في انقاذ هذه المناطق بل تفاقمت الأوضاع فيها مع الازمة الصحية.
و نص منوال التنمية لسنة 2012 والذي وضع أسس و برامج الى حدود سنة 2020 على جملة من النقاط أهمها : برنامج أمل الذي تمثل في اسناد منحة لفائدة العاطلين عن العمل، توسعة برنامج الحضائر، الانتدابات بالإدارات والمؤسسات العمومية و إدماج المنتفعين بالعفو التشريعي العام ، الا الحكومات المتعاقبة لم تنجح في تنفيذ هذه البرامج لسببين : السبب الأول يكمن في كون بعض هذه البرامج كانت ضحية المحاصصات الحزبية و كان الانتداب و الترسيم رهين الولاءات السياسية ، و السبب الثاني يتمثل في كون بعض برامج المنوال التنموي لسنة صعبة التنفيذ و كانت حبرا على ورق الهدف منها كان امتصاص غضب الشارع بعد الثورة و لم يعرف مصير بعض الأموال التي رصدت الى هذه البرامج إلى اليوم ، فأصبح من الواضح ان الفساد استشرى في جسم الاقتصاد التونسي و اثقل كاهله الامر الذي أدى الى الازمة الاقتصادية الحالية .
فظلت خارطة التنمية في تونس مختلة بسبب غياب التوازن بين الشمال الشرقي والشمال الغربي من جهة و بين الوسط الشرقي والجنوب الغربي من جهة أخرى و يعود هذا الاختلال الى فترة الاستعمار الذي تركزت فيه المشاريع في الشمال والساحل التونسي و تكرست هذه السياسية بعد الاستقلال وكانت تونس الكبرى و المناطق الساحلية الاوفر حظا مقارنة بالمناطق الاخرى رغم وجود الفرص والثروات الطبيعية في هذه المناطق على غرار الشمال الغربي ومناطق الوسط و الجنوب ، لكن سياسة التنموية لم تبارح مكانها في الوقت الذي من الأجدر الالتفاف نحو ما تمتلكه تونس من ثروات طبيعية على غرار الغاز الطبيعي في خليج قابس ، او الفوسفاط في ولاية قفصة .
كان من الاجدر على السياسات التنموية في تونس التركيز على الموارد الطبيعية فهي التي بإمكانها خلق فرص شغل للتونسيين و تنمية الاقتصاد الوطني فمن المفارقة اليوم أن يلقي الشباب التونسي بنفسه في البحر بحثا عن جنة اوروبية خيالية في الوقت الذي يمتلك موطنه موارد وثروات طبيعية ، لكن و للاسف غابت الارادة السياسية و حضرت المحاصصات و الحسابات السياسية فتعطل قطار التنمية .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires