أسئلة وأجوبة حول دعم الدولة لوسائل الإعلام
رئيس الحكومة: ملف قطاع الاعلام من أولويات الحكومة
دعم قطاع الإعلام: تكفّل الدولة بنسبة 50 بالمائة من معلوم البث لسنة 2020 لكل القنوات الخاصّة
يتزايد الجدل منذ أيام بشأن قرار الحكومة المتعلق بدعم وسائل الإعلام الخاصة. "شراء الضمائر" ، "الفساد" ، "الاقتتطاع من أموال الفقراء لإثراء جيوب الأغنياء" هي الحجج المُتداولة، رفضا لهذا القرار. هذه الانتقادات عادية سواء كان مردها بعض الأحزاب التي لا تقبل النقد من الاعلام، أو من المواطنين المنساقين وراء هذا الرأي، ولكن الانتقادات الأكثر حدة ضد الحكومة تأتي من الصحفيين أنفسهم ، سواء من الاعلام العمومي أو الخاص.
خارج تونس وحكومتها، كيف هو الحال في الديمقراطيات العريقة؟
هل قررت الحكومة دعم وسائل الإعلام؟ خطأ.
على عكس غالبية وسائل الإعلام في الديمقراطيات الكبيرة، لا تقدم الدولة دعما مباشرا لوسائل الإعلام. قبل الثورة، كانت هناك مساعدات غير مباشرة من خلال الإشهار العمومي والاشتراكات، لكن هذه التجربة انتهت منذ عام 2011 متى تم توزيع المال العام بطريقة تعسفية. لا تتلقى الصحف الورقية ذات الجودة مثل جريدة المغرب أي دينار من المال العام سواء في شكل إعلانات عامة أو إعلانات مصنفة أو اشتراكات. أما بالنسبة للصحف الإلكترونية، فهي لم تتلقى أي شكل من الدعم وأو المساعدة المالية من الحكومات المتعاقبة منذ 2011.
تحاول حكومة الياس الفخفاخ منذ الأسبوع الماضي القطع مع ذلك، عبر فرض شفافية في توزيع المال العام.
هل تدعم الدولة وسائل الإعلام الخاصة؟ خطأ.
على عكس غالبية وسائل الإعلام في الديمقراطيات الكبيرة، لا تقدم الدولة أي دعم لوسائل الإعلام الخاصة رغم أنها تقدم دعمها الكامل لوسائل الإعلام العمومية مثل وكالة تونس افريقيا للأنباء ومؤسسة الاذاعة الوطنية التي تضم 12 اذاعة اثنان منها مصادارتان. مؤسسة التلفزة الوطنية التي تتضمن 3 قنوات. تدعم الدولة أيضا شركة إنتاج مصادرة وصحيفتين عامتين في طور الافلاس، وصحيفتين يوميتين مصادرتين، و ثلاثة صحاف الكترونية واحدة منهم مصادرة.
منذ الثورة، كانت هناك محاولات عديدة للتنازل عن وسائل الإعلام المصادرة ولكن لم تنجح أي منها ويرجع ذلك أساسًا إلى وضعها المالي. رغم العجز المالي الهائل الذي تعانيه وسائل الإعلام العمومية، فإن هذه الأخيرة تستفيد من كرم الدولة. الاذاعات العمومية مثلا لا تدفع رسوم تردد الديوان الوطني للبث (ONT) على عكس نظيراتها في القطاع الخاص وهو ما يمثل منافسة غير عادلة. غالبًا ما تلجأ القنوات العامة لشركات انتاج القطاع الخاص إلى إنتاج البرامج والمسلسلات ، في حين أن أجورعدد موظفيها المبالغ فيه يسمح بالانتاج بما دون اللجوء للقطاع الخاص.
ماذا تفعل الدولة للحفاظ على المنافسة العادلة بين وسائل الاعلام؟
تسمح الدولة لوسائل الإعلام العمومية والمصادرة بالحصول على الإعلانات مع الاستفادة من الإشهار العمومي مما يخلق اختلالًا تامًا ومنافسة غير عادلة في السوق. لا تدفع الضرائب والبعض منها لا يدفع مساهمات الضمان الاجتماعي ويستخدمون الصحفيين المستقلين لفترات طويلة دون دفع حقوقهم الاجتماعية بعقود هشة وأجر زهيد. وتغض بعض وسائل العلام العمومية الطرف عن القرصنة الإذاعية والتلفزيونية وترفض تنفيذ أوامر الإغلاق الصادرة عن السلطة التنظيمية الهايكا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري).
تلقت وسائل الإعلام الخاصة اشهارا عموميا خلال أزمة كورونا . خطأ
زعم العديد من الصحفيين أن وسائل الإعلام الخاصة قد تلقت اشهارا عموميا منذ بداية الأزمة مشيرين إلى ومضات التوعية المرتبطة بالوقاية من كوفيد 19.
تم بث هذه الإعلانات من قبل جميع وسائل الإعلام الخاصة تقريبًا (بما في ذلك بيزنس نيوز) من خلال وكالة "Mindshare " . في الواقع، هذه الوكالة عرضت على وسائل الاعلام البث المجاني لهذه الومضات التوعوية بروح التضامن الوطني مجانا. رغم أن الدواة ضاعفت الميزانية الصحية أثناء الأزمة فقد اختارت عدم دفع أي مليم على الجانب الاتصالي اثناء ادراة الأزمة (الضروري لنجاح الوقاية وتوعية المواطنين وتبسيط الاجراءات) وطلبت من "Mindshare" أن تطلب من وسائل الإعلام المشاركة المجانية في الجهد الوطني. صعب جدا، أن نفترض أن الصحفيين العموميين الذين يشيرون إلى وسائل الإعلام الخاصة هذه كانوا سيوافقون على العمل مجانًا خلال فترة الأزمة.
تطالب بعض القنوات بالمساعدة بينما تدفع أموال ضخمة للمعلقين.صحيح.
من بين الانتقادات المتداولة، أمثلة عن قنوات خاصة تدفع للمقدمين والمعلقين (كرونيكور) رواتب من خمسة أرقام. ما نحتاج إلى معرفته هو أن القنوات لا ولن تستفيد من الإجراءات التي أعلنها المجلس الوزاري الأسبوع الماضي. ستشهد الاذاعات فقط تغطية 50 بالمائة من تكاليف البث (التي لا تدفعها الاذاعات العامة). تدفع القنوات الخاصة رسوم الأقمار الصناعية مباشرة. الدولة معنية فقط بـنسبة تردد "TNT " وهذه التكاليف ضئيلة.
في حين أنه صحيح أن بعض النجوم يحصلون على رواتب كبيرة جدًا (وهذا هو الحال في جميع أنحاء العالم) فمن الصحيح أيضًا أن هؤلاء نفسهم يجلبون مبالغ كبيرة جدًا للقنوات في شكل عقود إعلانية كبيرة وجمهور كبير لقنواتهم. مديري القنوات وهؤلاء المعلقين (الكرونيكور)تجمعهم علاقة ربحية.
وضع الصحفيين جيد. خطأ.
إذا كنت تريد كسب لقمة العيش بأريحية فلا تختر وظيفة الصحفي. الحقيقة هي أن 50 بالمائة من الصحفيين يحصلون على راتب أقل من 400 دينار بحسب تقرير عن الوضع المادي للصحفيين التي نشرها مركز تونس لحرية الصحافة في 2017. يشير هذا التقرير نفسه إلى أن 15 بالمائة فقط من الصحفيين لديهم راتب يزيد عن ألف دينار.
منذ بداية 2020 ، لم يتلق حوالي 300 صحفي رواتبهم ، بما في ذلك 190 صحفيًا منذ بدء أزمة كوفيد 19. إذا كانت هناك مساعدة من الدولة فسيتم توجيهها أولاً وقبل كل شيء إلى هؤلاء الصحفيين من خلال مؤسساتهم الصحفية المهددة بالإفلاس. انطلاقا من هذه النقطة كان رد فعل الياس فخاخ عاجلا من خلال اتخاذ قرار بتنفيذ التدابير التي وعد بها جميع من سبقوه على رس الحكومات منذ 2011.
لا يمكننا إنقاذ الديمقراطية بدون إنقاذ الصحفيين، ولا يمكننا إنقاذ الصحفيين دون إنقاذ المؤسسات الاعلامية.
ليس على الحكومة أن تساعد الإعلام، لأنه يعتبرفسادا. صحيح ، لكن خطأ.
إذا كانت الحكومة لا تريد مساعدة وسائل الإعلام حتى لا تخضع للضريبة لتحقيق الاستقلال ، فيجب على الدولة الديمقراطية الجديرة بهذا الوصف أن تفعل ذلك.
100 بالمائة من الديمقراطيات العريقة تدعم وسائل الإعلام للحفاظ على استقلالها وضمان استدامتها وإبعادها عن المال السياسي الفاسد أو أموال اللوبيات.
منذ بداية الأزمة، شهدت هذه المساعدة نموًا كبيرًا.
في إيطاليا وهي دولة دمرها كورونا على المستوى البشري والاقتصادي، تقدم الحكومة ائتمانًا ضريبيًا بنسبة 50 بالمائة لجميع الاستثمارات الإعلانية في وسائل الإعلام بجميع أنواعها حتى عام 2022.
تستعد فرنسا لمساعدة عاجلة للصحافة، وخطة جزئية للعاطلين عن العمل من للعاملين لحسابهم الخاص وحتى مشروع قانون للقطاع السمعي البصري. تقوم العديد من الولايات الأمريكية التي تضررت بشدة من الأزمة بإعداد خطط الإنقاذ هذا القطاع.
في هذه الديمقراطيات الحكومات تغادر وتبقى الدولة. إذا كانت هناك مساعدة لوسائل الإعلام، فهي تأتي من الدولة، لأنه يجب على الدولة الحفاظ على إعلامها من أجل الحفاظ على ديمقراطيتها. والأمر متروك للحكومات لتنفيذ التزامات الدولة هذه دون الاستيلاء على هذا الفضل أو استثماره سياسيا. إن مساعدة الدولةـ هي ضمان استقلال العلام.
نزار بهلول – ( ترجمة عن النص الفرنسي عبير قاسمي)
تعليقك
Commentaires