ارتفاع نسبة انفاق التونسي ب 40 بالمائة خلال شهر رمضان
مع انطلاق شهر رمضان يتهافت التونسيون على الأسواق و المحلات لاقتناء المنتوجات الغذائية و ككل سنة يستغل بعض التجار لهفة التونسيين للترفيع في الأسعار امام غياب الشفافية و غياب الوسائل الردعية لهذه الظواهر التي ما فتئت تنخر الاقتصاد التونسي فخلال شهر رمضان من السنة الفارطة مثلا، رصدت فرق المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة 10670 مخالفة تخص تجاوزات سعرية و تلاعب بالمواد المدعمة والاحتكار ، حيث حجزت الفرق الرقابية 714 طن من المواد الغذائية المدعمة منها 348 طن من الفرينة و174 طن من السميد و19 طن من العجين الغذائي و50 طن من السكر و42,5 طن من الزيت النباتي بالإضافة الى حجز 317 طن و 149 ألف قطعة من المواد الغذائية المختلفة مجهولة المصدر أو غير صالحة للاستهلاك.
و الغريب ان الازمة الاقتصادية و ارتفاع أسعار المواد لم تمنع التونسيين من الاقبال بكثرة على الشراء بل ارتفع الاستهلاك اكثر خلال الازمة الاقتصادية و التي رافقتها ازمة صحية ، فارتفع الانفاق و ارتفعت الأسعار و الخاسر الأكبر يبقى المواطن الذي يصبح ضحية المضاربة و الاحتكار ، و لعل اسوء ما في ظاهرة اللهفة على المنتوجات الغذائية هو عدم استهلاكها و اتلافها الامر الذي نشاهده في حياتنا اليومية.
فعلى سبيل المثال و خلال سنة 2020 التي شهدت اقبال كبيرا من التونسيين على مادة السميد خلال ازمة كورونا ، تم اتلاف اكثر من 30 بالمائة من هذه المادة حسب ما أكدته منظمة الدفاع عن المستهلك، واستغل بعض التجار هذه اللهفة لاحتكار مادة السميد و تحزينها لإعادة بيعها بأسعار مشطة.
و في هذا الاطار و في تصريح لبيزنس نيوز انتقد رئيس المكتب الجهوي لمنظمة الدفاع عن المستهلك في تونس حسين قنديل، تواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية و غياب المراقبة الاقتصادية :" ارتفاع الانفاق خلال شهر رمضان اصبح امرا اعتياديا " حسب قوله، و أشار حسين قنديل الى ارتفاع انفاق التونسي خلال شهر رمضان بنسبة تتراوح بين 40 و 60 بالمائة، و يصاحب الاقبال على الشراء و الانفاق ارتفاع في الأسعار، فخلال اليوم الأول من شهر رمضان اليوم الثلاثاء 13 فريل 2021 ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء و الحمراء و الاجبان و الغلال.
و قال رئيس المكتب الجهوي لمنظمة الدفاع عن المستهلك بتونس العاصمة ان سعر اللحوم الحمراء ارتفع من 21 دينار الى 27 و 32 دينار في بعض الأسواق التونسية ، و ارتفع سعر "حارة" البيض من 1000 مليم الى 1200 مليم، و ارتفع سعر البصل من 800 مليم للكيلوغرام الى 2000 مليم، هذا و يواصل سعر الطماطم و الفلفل ارتفاعه رغم شكاوي المواطنين : " سعر الطماطم في اغلب الأسواق بلغ 2700 مليم و وصل سعر الفلفل الى حدود 6000 مليم ".
كذلك رصدت منظمة الدفاع عن المستهلك تجاوزات في أسعار الاجبان و التي ارتفع سعرها بحوالي 30 بالمائة من المعدل اليومي خلال اليوم الأول من شهر رمضان و كانت المنظمة قد حذرت من ارتفاع سعر الحليب و الاجبان و أعلنت المنظمة رفضها للزيادة التي اقرتها وزارة التجارة في سعر الحليب ب100 مليم و التي لم تراعي المقدرة الشرائية للمواطن :" الترفيع في سعر الحليب سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن ".
و الى جانب ارتفاع الأسعار كشف حسين قنديل عن فقدان الزيت المدعم في عدد من الأسواق التونسية قائلا :" فرق المراقبة لاحظت غياب الزيت المدعم في عدد من الأسواق التونسية و قد يكون السبب وراء فقدانه هو لجوء بعض التجار الى تحزين الزيت من اجل التحضير لصناعة الحلويات و سبق و ان حذرنا من استفحال هذه الظاهرة ".
و في الوقت الذي تحمل فيه منظمة الدفاع عن المستهلك مسؤولية ازمة ارتفاع الأسعار و انتشار ظاهرة الاحتكار الى الحكومة يعتبر المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك مراد بن حسين ان المسؤولية مشتركة ، و قال مراد بن حسين لبيزنس نيوز انه :" لا يمكن تحميل المسؤولية كاملة لطرف واحد فالمواطن الذي يشتري المواد رغم ارتفاع أسعارها يتحمل المسؤولية و مسالك التوزيع التي تتعمد الترفيع في الأسعار تتحمل المسؤولية أيضا " و في حديثه عن فرق المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة اكد مدير المعهد الوطني للاستهلاك ان :" فرق المراقبة الاقتصادية موجودة في الأسواق التونسية لكنها تبقى محدودة و لا تستطيع تغطية جميع الأسواق و رصد جميع التجاوزات ".
في هذا السياق اوضح مراد بن حسين ان التطبيقة التي اطلقها المعهد الوطني للاستهلاك يوم امس الاثنين 12 افريل مع المنظمة الوطنية للدفاع عن المستهلك « كود اون لاين » ستساعد على رصد هذه التجاوزات من خلال تمكين المستهلك من خانة خاصة بالإبلاغ و الشكاوي في صورة حدوث أي تجاوز في الاسعار، و تعمل هذه التطبيقية على اعلام المستهلك حول أسعار التفصيل لخمسة منتوجات طازجة في مختلف الأسواق التونسية في كنف الشفافية حتى يتمكن من معرفة أسعار و اختيار السوق حسب قدرته الشرائية.
و تجدر الإشارة في هذا السياق ان استهلاك التونسي للمواد الغذائية ارتفع منذ بداية سنة 2021 فبحسب بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء يوم 6 افريل 2021 ارتفعت الأسعار عند الاستهلاك العائلي خلال شهر مارس 2021 بنسبة 0 فاصل 7 بالمائة مقارنة بشهر فيفري 2021 و يعود ارتفاع معدل الاستهلاك الى الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة1 فاصل 2 بالمائة وأسعار مجموعة النقل بنسبة 0 فاصل 9 بالمائة وأسعار مجموعة الصحة بنسبة 0 فاصل 8 بالمائة.
كذلك كشف المعهد الوطني للإحصاء عن ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 1 فاصل 2 خلال شهر مارس 2021 بسبب ارتفاع أسعار الدواجن بنسبة 4 فاصل 5 بالمائة وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 2 فاصل 6 بالمائة، و هذا بالإضافة الى ارتفاع أسعار الاسماك الطازجة بنسبة 2 فاصل 3 بالمائة و أسعار الزيوت الغذائية والبيض الطازج بنسبة 1 فاصل 5 بالمائة.
لا تزال ظاهرة الاحتكار و التلاعب بالأسعار مستفحلة في الأسواق التونسية مستغلة لهفة التونسيين و رغباتهم في اشباع حاجياتهم اليومية من الاكل و الشرب ، و رغم لجوء البعض الى المقاطعة من اجل الضغط على الأسعار الا انها لم تنجح في مواجهة هذه الظواهر لان المسؤولية الكبرى تتحملها الحكومة و وزارة التجارة التي عليها واجب مراقبة الأسعار و المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن و معاقبة مخالفي القانون.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires