ائتلاف الكرامة - حروب داخلية تنهشُ وجه الاسلام الثوريّ البشوش !

وعد ائتلاف الكرامة ناخبيه بأنه سيشن حروبا على كلّ الجبهات، من أجل تخليص "الأمة" (أو تونس كما يدعوها المواطنون العاديون) من الاستعمار الجديد- وتأميم ثرواتها من الفسفاط والملح والنفط والذهب والألماس واللؤلؤ بمجرّد انتخابه.

 وبينما ينتظر الناخبون منحة البيترول، تفاجؤوا بالنائب عن الائتلاف راشد الخياري يتوّعد القياديّ في ذات الائتلاف عماد دغيج "بقصّ لسانه" على طريقة وعيد الفتنة الكبرى، فاستغربوا  من أمره، وهو الهادئ الرصين الذي لم يُكفّر صحفيا ولم يرفع شعار رابعة بوجه صحافي اخر، ولم يصف زميلته في المجلس بالـ"كلوشارة". يالها من مفاجأة!

عماد دغيج، القيادي الفذّ في ائتلاف الكرامة الذي ترأس وفد التشاور بشأن انضمام الكرامة لحكومة 2020 مع المكلف المستقل بتكوين الحكومة الحبيب الجملي، والذي لم يعهد الرأي العام أن يكون خطابه متشجنا في مقاطع الفيديو التثقيفية التي ينشرها للحديث بكلّ برودة أعصاب عن خصومه السياسيين الذين يحترمهم جدا، قام بنشر تدوينة للحديث عن التشويه. دغيج، الذي لم يُمارس التشويه في مسيرته السياسية التاريخية، استغرب شنّ صفحات مأجورة حملة ثلب ضد شخصه وضد زميله في الائتلاف المحامي الخلوق سيف الدين مخلوف واتهم راشد الخياري بأنه وراء هذه الصفحة وأنه يشن حملة تشويه ضد الائتلاف السياسي الذي مكنه من الوصول الى البرلمان بعد مسيرة 7 سنوات من الصحافة الهادفة والمقالات التحليلية الملتزمة في موقع "الصدى".

يعد دقائق، أجاب راشد الخياري بتدوينة أخرى رغم انشغاله الشديد بالبحث عن سبيل لتطوير القوات المسلحة التونسية وحصر عدد جرحى وشهداء الثورة ونشر القائمة الرسمية في الرائد الرسمي، حسب ما ال توزيع اللجان في مجلس النواب. الخياري انخرط في جوّ الثورية الستالينية، ولعله أخطأ وحسب دغيج عضوا في منظمة وطنية كاتحاد الشغل الذي يصّر ائتلاف الكرامة على تشويهه، أو لعله ظن دغيج عضوا في منظمة النساء الديمقراطيات أو نائبا عن الدستوري الحر. دون ذكر اسماء، توعد راشد الخياري زميله في ائتلاف الكرامة بقصّ لسانه والتنكيل به وقضحه في الاعلام واصفا عماد دغيج بـ"كلب حركة النهضة". بيزنس نيوز قامت بحفظ التدوينة ونشرها، قبل أن يحذفها الخياري وينشر تدوينة ثانية على نفس الصفحة التي تحمل نفس الصورة (تتوالى الصُدف)، ليعلن أن ماينشر في صفحات أخرى تحمل اسمه لا تعنيه، ولا تعبر عن مواقفه الرسمية.

دغيج دأب في مقاطع الفيديو التي ينشرها على تصوير ائتلاف الكرامة كائتلاف ثوري متماسك ومنسجم له كلمة واحدة وموقف واحد، من الاستحالة كسره أو خداعه.. تماما مثلما دأب سيف الدين مخلوف وراشد الخياري منذ حملة وينو البيترول في 2015 على التذكير المستمر بالثروات الداخلية التي تُنهب والتي نسوها فجأة منذ أن أصبحوا نواب شعب. الغريب أيضا أن دغيج تحدث عن تشويه ائتلاف الكرامة من قبل "قدماء لجان حماية الثورة" متناسيا أنه كان عضوا في ذات اللجان التي هاجمت ذات رابع من ديسمبر  2012مقر اتحاد الشغل بالعصي والهروارات لسحل مناضليه  والتي انشئت مئات الصفحات التي قامت لسنوات بتشويه سياسيين وصحفيين والوصول الى الحد المطالبة بالتنكيل بهم في الشوارع.

الى جانب حروب داخلية تنهش وجه الاسلام الثوري، يوجد حروب أخرى تنهش وجه الاسلام السياسي الخفيف، حركة النهضة. منذ تصريح القيادي في النهضة عبد اللطيف المكي الذي أوردته بيزنس نيوز أن زعيم النهضة راشد الغنوشي في وضعية غير قانونية ولم يعد قادرا على تسيير الحزب بسبب توليه منصبا سياسيا سياديا هو رئاسة البرلمان، تُسمع جعجعة من مقر الحركة الاسلامية بمونبليزير تُغديها تصريحات الأمين العام المستقيل زياد العذاري الذي أعلن عن صراعات داخلية في الحزب بين الشورى والمكتب التنفيذي منذ المسار الانتخابي وصولا الى مسار المشاورات حول اختيار رئيس حكومة "مستقل".. فشلت الكرامة والنهضة، ممثلو الاسلام السياسي في مجلس الشعب، في ادارة الخلافات الداخلية التي سرعان من تسربت من أمانات المجالس الى واجهات بروفيلات الفايسبوك.

في ذات الليلة التي انطلق فيها سجال بين دغيج والخياري، يبدو أن الهاما ما أوحى لعبد اللطيف المكي بكتابة تدوينة مشفرة عن الاستبداد السياسي. تدوينة تحمل دلالات خطيرة رغم أن المدلول غائب أو مغيّب. هل يصف المكي القيادة التارخية للحركة الاسلامية راشد الغنوشي بالمستبد ان صح ذلك فان التشفير ليس بتلك الصعوبة، حيث يتحدث المكي عن عدم حاجة راشد الغنوشي الى مستشارين حوله لأنه لا يعتمد سوى رأيه الخاص، وبالتالي ينتقد المكي التمشي السياسي للحركة الاسلامية الذي يُهندسه الغنوشي بمباركة من دعاهم بـ " " قباض اموال و قباض مناصب" والأخطر أن المكي تحدث عن "قباض أرواح'' وهي أخطر كلمة في التدوينة ان كانت تعني الغنوشي فهذا اعتراف ضمني بالاغتيالات السياسية. ولكنها تبقى مجرد قراءة لتدوينة مبهمة، عكس وضوح تدوينة راشد الخياري.

عبير قاسمي