سرقة أكثر من 100 ألف أورو - نتائج التحقيقات وتفاصيل الإطار القانوني المنظم لنقل الأموال

 سيظلّ تاريخ 9 نوفمبر 2022، ذكرى فارقة في تاريخ البنوك التونسية بعد تعرّض شاحنة خاصة لنقل الأموال بين البنوك لعملية سرقة فريدة من نوعها بجهة الدندان من ولاية منوبة، تمّ على إثرها سرقة أكثر من 100 ألف أورو.

وفقا للناطقة باسم المحكمة  الابتدائية بمنوبة سندس النويوي،  فإنّ الشاحنة الخاصّة بنقل الأموال كان على متنها السائق والعون البنكي وعون حراسة  وفسرت أنه تم  تغيّير مسار الشاحنة والانطلاق لجهة الدندان بطلب من العون البنكي لقضاء بعض الأمور الخاصة وحين نزل للتوجه الى منزله استغل الحارس الوضعية واستولى على حقيبة من العملة الأجنبية بها 600 ألف دينار تونسية  ولاذ بالفرار.

الصادم في هذه الحادثة أنّ الحارس الذي قام بعملية السرقة تبيّن بعد فتح التحقيقات ، أنّه من ذوي السوابق العدلية وصادرة بشأنه عشرة مناشير تفتيش وباشر عمله منذ أربعة أشهر على وقوع الحادثة. 

سندس النويوي أعلنت عن إدراج ذلك الأخير في التفتيش ، كما تمّ التحقيق مع السائق والعون البنكي ليقع الإذن بالإحتفاظ بهما وتمّت إحالة الملف من قبل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة على أنظار الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني لمباشرة الأبحاث اللازمة.

وفي تصريح لـ بيزنس نيوز اليوم الجمعة 11 نوفمبر 2022، أعلنت  الناطقة باسم المحكمة  الابتدائية بمنوبة سندس النويوي، أنّ النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة  أذنت بفتح بحث تحقيقي من أجل 'تكوين وفاق إجرامي لغاية الاعتداء على الأملاك و الخيانة الموصوفة' في ما يتعلق  بسرقة أكثر من 100 ألف أورو من شاحنة نقل أموال بجهة الدندان بولاية منوبة. 

وأضافت أنّ قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثالث قد تعهّد بالبحث وأذن بالتمديد في الإحتفاظ بكل من العون البنكي و السائق إلى حين استكمال الأبحاث من قبل الإدارة الفرعية للقضايا الاجرامية بالقرجاني.

مدير عام الشركة البنكية للخدمات، رشيد بن عبد القادر، عاد اليوم الجمعة على تفاصيل هذه الحادثة ، وفسّر للرأي العام التونسي أنّ هناك أربع شركات لنقل الأموال في تونس فقط، الواحدة منهم تنقل سنويا حواليّ 15 ألف مليار نقدا. وبيّن أنّ مهمة هذه الشركات تتمثل في نقل وفرز وتأمين الأموال عبر مرافقة أمنية وتنسيق يومي مع وزارة الداخلية.

وكشف أنّ الشاحنة التي قامت بنقل الأموال مجهولة وغير مرخصّ لها ولا تتمتع بمرافقة أمنية من وزارة الداخلية ورجّح أنّ تكون الشاحنة تابعة لشركة  "موازية" لا تنطبق عليها المواصفات الفنية والمرافقة والتأمين، كما أنّها ليست شركة مخصّصة لنقل الأموال بل مجرد "شركة حراسة" خصصت عون حراسة في سيارة عاديّة غير مؤمنة وغير مصفحّة ولا تستجيب للشروط المحددة من قبل وزارة الداخلية.

وأكّد أنّ  قطاع نقل الأموال ينظمه قانون أساسي منذ سنة 2002 ، يُحدد شروطا صارمة لهذه الشركات حتى لا تضيع أموال المواطنين والدولة والبريد التونسي والقباضات الماليّة. وأعلن أنّ   الشركة البنكية للخدمات تعمل على 4500 نقطة توزيع أو أخذ أموال بكامل ولايات الجمهورية يوميا عبر 100 سيارة.

مُستنكرا الفوضى التي حلّت في هذا القطاع، أكّد رشيد بن عبد القادر أنّ انتداب أعوان الحراسة يتم عبر مسار تكوين ثم انتداب وليس انتداب عشوائي دون التثبت من السوابق ويتمّ سحب بطاقة عدد 3 لكل عون وتحيّينها سنويا. وكشف أنّ شركات نقل الأموال حين تقوم بانتداب جديد، فإنّها تُكلف وزارة الداخلية ببحث أمني للعامل وأنّ الشركة محلّ الجدل لا تنتمي لهذا القطاع أساسا.

عمليات نقل وتحويل الأموال تخضع للقانون عدد 81 لسنة 2002 مؤرخ في 3 أوت 2002 والمتعلّق بممارسة الأنشطة الخصوصية المتعلقة بالمراقبة والحراسة ونقل العملة والمعادن الثمينة والحماية البدنية للأشخاص.

ينصّ هذا القانون على أنّ '' نقل العملة والمجوهرات والمعادن الثمينة وحراستها عند الشحن والتفريغ وإلى غاية تسليمها الفعلي'' تمارس من قبل أشخاص طبيعيين أو معنويين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها بهذا القانون.

وينصّ الفصل الرابع من هذا القانون على أن  تخضع عملية '' نقل العملة والمجوهرات والمعادن الثمينة وحراستها عند الشحن والتفريغ وإلى غاية تسليمها الفعلي'' إلى ترخيص مسبق يسلمه وزير الداخلية وفقا للصيّغ والإجراءات التي يتم ضبطها بأمر ويخضع كل فرع من فروع الشخص المعنوي إلى ترخيص مستقل لممارسة تلك الأنشطة.

وحدّد الفصل 11 من هذا القانون الشروط التي يجب أن تتوفّر في الأعوان الذين يقومون بتلك العملية، وهي كالآتي : 

- تونسي الجنسية منذ خمس سنوات على الأقل،

- متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ولم تسبق إدانته بمقتضى حكم بات من أجل جناية أو من أجل جنحة بسبـب ارتكاب إحـدى جرائـم الإرشـاء أو الارتـشــاء أو الاختلاس أو السرقة أو التحيل أو التدليس أو الزور أو خيانة مؤتمن أو الاعتداء بما ينافي الحياء أو بسبب ارتكاب إحدى الجرائم المنظمة أو جريمة إرهابية، وذلك وفقا لتنصيصات بطاقة السوابق العدلية عدد 2 أو مستردا لحقوقه بالنسبة إلى الجنح الأخرى،

- حسن السيرة والسلوك،

- بالغا من العمر عشرين عاما على الأقل،

- أنهى بنجاح السنة التاسعة من التعليم الأساسي على الأقل أو له مستوى معادل لها،

- متمتعا بالمؤهلات البدنية والعقلية والنفسية اللازمة لتعاطي النشاط.

ويحيل المؤجر وجوبا قائمة اسمية في المترشحين المزمع انتدابهم إلى وزارة الداخلية.

ويتعيّن على المؤجر تمكين الأعوان المنتدبين  من تكوين أساسي ومستمر في مجال النشاط المنتدب من أجله، يتمّ بالفضاءات التي توفرها المؤسسة المعنية وبواسطة مكوّنين تابعين لمدارس الأمن الوطني، بمقابل ووفق اتفاقية تبرم في الغرض. وتختتم مرحلة التكوين بإسناد شهادة كفاءة مهنية تسلمها المدرسة المعنية، وتضبط برامج التكوين وشروط إسناد هذه الشهادة بقرار من وزير الداخلية.

ويعتبر باطلا كل عقد انتداب يتم خلافا لأحكام هذا الفصل.

كما ينصّ الفصل 13 على وجوب ارتداء زي خاص وموحد من قبل على الأعوان المباشرين للأنشطة يتم في إعداده تجنب كل تشابه مع الأزياء النظامية لأعوان الدولة وبالخصوص منهم العسكريون وأعوان قوات الأمن الداخلي وأعوان الديوانة. ويتم ضبط مواصفات الزي المذكور بقرار من وزير الداخلية.

هذا القانون نصّ في فصله 26 على وسيلة النقل التي يجب أن يتمّ عبرها نقل الأموال وجاء في ذلك الفصل ''  يجب أن يتم نقل العملة والمجوهرات والمعادن الثمينة بواسطة عربة مهيئة ومعدة خصيصا لهذا الاستعمال ومصادق عليها من قبل المصالح المعنية بوزارة الداخلية. تتم عمليات الشحن والنقل والتفريغ المتعلقة بالعملة والمجوهرات والمعادن الثمينة، وجوبا، تحت حماية الوحدات الأمنية المكلفة بذلك وبمرافقتها، وتخضع لمعلوم يدفع لصندوق اقتناء تجهيزات لفائدة قوات الأمن الداخلي، يتم ضبط مقداره وطرق استخلاصه بأمر''. 

المواصفات العالمية  الخاصة بسيارات نقل الأموال : 

من المواصفات العالمية  الخاصة بسيارات نقل الأموال، أن تكون مصفحة تصفيحًا كاملاً من جميع الجوانب والأسقف بحديد مضاد للرصاص G4، بالإضافة إلي وجود ''حشوة'' داخلية عازلة للحرارة و مقاومة للحريق بين جسم السيارة والخزانة الداخلية من جميع الجهات.

تشمل مواصفات السيارة  أن تكون المقصورة الخلفية مجهزة بخزانة مضادة للرصاص، كما تصفح الخزانة من الداخل بحديد ضد الرصاص والأكسدة والصدأ، مع حماية الإطارات بنظام Run Flat الذي يعطي للسيارة المقدرة على تجاوز منطقة الخطر بسرعة، و يكون  إطارها ثنائي يمكِّن المركبة من السير لمسافات طويلة في حالة انفجار الاطار.

كما يتم  تركيب نظام تتبع المركبات في السيارات المرخص لها بمزاولة النشاط، ويكون مرتبطاً بغرف عمليات تابعة للجهات المعنية، ومع التطور التكنولوجي أصبح هناك إمكانية تزويد جهات المراقبة  بخاصية الإيقاف الجبري. إنّ سيارة نقل الأموال تكون في الغالب ذات كابينتين المقدمة يجلس فيها السائق، وأحد الموظفين، وخلفهما ثالث، ثم كابينة حقائب الأموال، و التي لا تفتح  الا بنظام إلكتروني يحتاج الى ادخال ارقام الموظفين وبطاقاتهم الالكترونية، وعندما تحمل أي حقيبة من حقائب الأموال لا بد أن يتعرف النظام الالكتروني اولا على الحارس، وعند المغادرة بالحقيبة من داخل الحقيبة يرن جرس إنذار، ولا يغلق الا بالتعرف على بطاقة حاملها ورقمه المدون في النظام. 

يسرى رياحي