أزمة التعليم الثانوي تتحول الى مسلسل درامي بطلاه اليعقوبي وبن سالم
أحمد بن حسّانة يدعو النيابة العمومية إلى التدخل العاجل في ملف التعليم
وزارة التربية تنشر فيديو لمحاولة دخول المعتصمين مكتب الوزير
بين الجلسات التفاوضية وتبادل الاتهامات والحملات الموجهة على مواقع التواصل الاجتماعي فجلسات التفاوض من جديد .. تخللها بعض الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية، تتواصل أزمة التعليم الثانوي منذ شهور في ظل معركة حامية الوطيس بين وزارة الإشراف والطرف النقابي .. والمتضرر الوحيد في هذا الخلاف هو التلميذ طبعا.
أزمة تحولت الى مسلسل درامي بطلا، من جهة، الجامعة العامة للتعليم الثانوي ممثلة في شخص كاتبها العام لسعد اليعقوبي ومن جهة ثانية وزارة التربية وعلى راسها الوزير حاتم بن سالم .. فشل الطرفين في تقريب وجهات النظر جعل الحديث عن سنة دراسية بيضاء لم يعد مجرد فرضية ممكنة بل خطر محدق ووشيك للغاية باعتبار ان التلاميذ لم يجروا امتحانات الثلاثي الأول وقد يكون ذلك أيضا مصير الامتحانات في الثلاثي الثاني.
الاولياء في حالة غضب واستياء كبيرين .. كيف لا والأمر يتعلق اليوم بمصير ومستقبل أبنائهم لذلك شهدت مختلف جهات البلاد مسيرات احتجاجية للتعبير عن استنكار أولياء التلاميذ لتصرفات الأساتذة الذين ضربوا بمصلحة التلميذ عرض الحائط من اجل اعتبارات مالية ومادية صرفة.. وفي هذا الصدد ستنظم غدا الجمعة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة مظاهرة احتجاجا على ما وصلته اليه الأمور بخصوص هذه الازمة التي اتخذت بعدا وطنيا .. حتى ان تنسيقية أولياء غاضبون دعت النيابة العمومية الى التدخل العاجل لحل أزمة التعليم الثانوي، حسب ما صرح به احمد بن حسانة عضو هذه التنسيقية والذي قال بشيء من الغضب على اثر تعثر المفاوضات بين الطرفين الإداري والنقابي: "انها جريمة .. كان يفترض بلسعد اليعقوبي ان يسجن لمدة خمس سنوات .. اليعقوبي وعصابته يتحملون المسؤولية المطلقة في تدهور مستوى التلاميذ وانحراف البعض منهم".
ما لا يقل عن 1500 عريضة تم تقديمها من قبل أولياء التلاميذ ضد نقابة الأساتذة حتى ان البعض منهم مستعد لفعل أي سي دفاعا عن مصلحة أبنائهم لما في ذلك تدويل هذه القضية .. في حقيقة الأمر هؤلاء الاولياء لا يحتجون على حق الأساتذة في تنفيذ الإضراب وإنما هم يعتبرون ان ما يحصل اليوم ليس إضرابا بل هو اتخاذ التلميذ رهينة بما يتعارض مع ابجديات العمل النقابي والقواعد الأساسية للضرائب وهو ما يعرض الطرف المسؤول عن هذا الوضع لعقوبة تصل الى 8 اشهر سجنا.
ومن عواقب هذه الازمة وابرز تجلياتها تدهور العلاقة بين الاولياء والأساتذة .. فالاولياء راهنوا على التعليم العمومي، احد مكاسب ومفاخر تونس الحديثة والذي هو بصدد التلاشي شيئا فشيئا ليكشف عن مخلفات عقود من الإهمال والخيارات الخاطئة والتهميش.. منظومة تربوية منهكة وهو ما تعكسه احد مطالب الأساتذة وان اختلفنا معهم في الأسلوب المعتمد فانهم كانوا يطالبون منذ سنين بإصلاح عميق وجوهرية لهذه المنظومة التعليمية.
اخر الجلسات التفاوضية بين وزير التربية حاتم بن سالم والمسؤول النقابي لسعد اليعقوبي فشلت هي ايضا وقد خرج منها الوزير "مصدوما" والعبارة له فقد تعرض الى محاولة اقتحام بالعنف لمكتبه وفي عقر وزارته، قبل ربع ساعة فقط من انطلاق تلك الجلسة التفاوضية وهو ما نفاه اليعقوبي الذي اكد ان كل ما في الأمر ان بعض النقابيين أرادوا فقط رفع راية تونس وهو ما ردا عليه وزارة التربية بالدليل القاطع من خلال مقطع فيديو يظهر عملية الاقتحام.
بعد هذه الحادثة صعد حاتم بن سالم من حدة لهجته مؤكدا انه في صورة تزال الازمة فانه سيلجأ للقضاء وهي وضعية غير مسبوقة جعلت شقا كبيرا من الراي العام ينقلب على الأساتذة ويقف ضدهم.. لكن هذا لا يمنعنا من التوضيح بان من واجب وزادة التربية ايجاد حل للازمة الراهنة في اقرب الآجال فالدولة هي المسؤولية عن تدهور المنظومة التعليمية وتداعي المؤسسات التربوية العمومية وفشل الخيارات في هذا المجال.. الدولة مسؤولة وحدها عن ضمان القدر الأدنى من الكرامة للأساتذة الذين يعملون في ظروف مأساوية في معظم الأحيان ..
في المقابل فان تعنت الطرف النقابي ولجوءه لأسلوب المواجهة والتصعيد، شوه مطالب الأساتذة رغم مشروعية معظمها.. فبارتهانها مستقبل مئات الآلاف من التلاميذ فان جامعة التعليم الثانوي زادت في تأزيم الوضع وتلهيتنا عن الأهم.
تقول احدى تلميذات معهد الامتياز بمنطقة سيدي حسين "التلميذ هو الوحيد من يدفع ثمن فشل المفاوضات .. فالأمر لا يتوقف عند مسالة إضاعة الوقت أو عدم اجراء الامتحانات .. نحن نخشى ونرفض قطعيا السنة البيضاء أو حتى اللجوء الى المرور اليا بنجاح كل التلاميذ".. وهي مخاوف عبر عنها أيضا الكثير من زملائها التلاميذ واولياؤهم.
بموازاة ذلك تتواصل المساعي الرامية الى حلحلة الازمة .. آخرها كانت الجلسة التي عقدت صباح الخميس 31 جانفي 2019 والتي اعتبرها الكثيرون اجتماع الفرصة الأخيرة بحضور الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين البطولي ووزراء الروم الاجتماعية والتربية والوظيفة العمومية الى جانب الكاتب العام للحكومة .. ملامح الجميع كانت تدل على خطورة الوضع.
ما زال الطرف النقابي متمسكا بمطالبه وبالتالي مقاطعة الامتحانات ودعوة منظوريه الى رص الصفوف وعدم الاستسلام أو التراجع .. في المقابل تحاول وزارة التربية ان تظهر للناس في صورة المدافع عن حقوق التلاميذ امام عدم تحمل الأساتذة لمسؤولياتهم.. يبدو ان الهوة بين الطرفين قد اتسعت الى ابعد حد ولم يبق للتلاميذ واوليائهم سوى النزول الى الشوارع للتعبير عن غضبهم وذلك في انتظار إيجاد حل نهائي للأزمة.
(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires