alexametrics
الأولى

تحيا تونس في رقصة الدّيك المذبوح لتحكم مع الغنوشي في البرلمان

مدّة القراءة : 6 دقيقة
تحيا تونس في رقصة الدّيك المذبوح لتحكم مع الغنوشي في البرلمان

ليس من السّهل على شخصيّة وجدت طريقا سهلا للحكم منذ سنوات، وتمكّنت من تقلّد أعلى المناصب التنفيذيّة في البلاد أن تستسلم بسرعة بعد فشلها في الإنتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة وتعلن مغادرتها سلطة الحكم بسهولة. الإبن المُتبنّي من قبل الراحل الباجي قائد السبسي، يوسف الشاهد، بعد أن تمتّع بمنصب رئيس الحكومة وتغلغلت نفوذه في الحكم، وبرز منذ ثلاث سنوات كمنقذ للبلاد ومكافح للفساد، انقلب على وليّ نعمته الراحل السبسي، وأعلن تمرّده وانسلاخه عن حركة نداء تونس، وأسّس لنفسه حزبا ضمّ أغلب الشخصيات السياسية المنسلخة عن نداء تونس وأطراف من العائلة الوسطيّة الديمقراطيّة. 


ثقته في نفسه الزائدة عن اللّزوم وقوّته المدعّمة بمنصب رئيس الحكومة، جعلته يخاطر بهذه التجربة السياسيّة، ويخوض غمار الإنتخابات الرئاسيّة 2019، طامحا في أن يكون رئيسا لكلّ التّونسيّين، وتخلّى عن جنسيّته الفرنسيّة، واعتمد سياسة الشتم والتشهير بمنافسيه في ذلك السباق وأوّلهم رئيس حزب قلب تونس، نبيل القروي الذي أُودع بسجن المرناقية يوم 23 أوت 2019. 

خسر الشاهد في سباق الرئاسيّة وحصد نسبة ضعيفة من الأصوات بيّنت له حقيقة وزنه السياسي عند الشعب التونسي، تحصّل على نسبة 7 فاصل 38 بالمائة من الأصوات. هذه الخسارة اعتبرها الشاهد نتيجة تشتّت أصوات  العائلة الوسطيّة، وواصل حزبه خوض الإنتخابات التشريعيّة وتحصّل على 14 مقعدا في مجلس النواب الجديد.


يوسف الشاهد سيسلّم منصب رئيس الحكومة لشخصيّة جديدة تختارها النّهضة، باعتبارها الحزب الفائز بأعلى المقاعد في البرلمان، 52 مقعد. النّهضة انطلقت في سلسلة من الحوارات والمشاورات من أجل تشكيل الحكومة، ولكن تاريخها الحافل بكسر وتحطيم وتشتيت كلّ حزب يتحالف معها، وضعها في مأزق كبير أمام إيجاد حلول لتكوين الحكومة. رفض كلّ من حزب التيّار الديمقراطي وحركة الشعب، تكوين حكومة تترأسها النهضة ووضع كلّ منهما شروط للمشاركة في الحكومة.


حركة النّهضة صرّحت أنّها لن تتحاور مع الأحزاب المعادية لها، وأوّلهم الدستوري الحرّ واعتبروه حزب ''فاشي'' يمجّد الديكتاتوريّة، كما أقصت حزب قلب تونس من الحوار معها بعد أن كان الغنوشي يعتبر أنّ حزب القروي أقوى حزب منافس له في التّشريعيّة. ولكنّ النّهضة وجدت ترحيبا من حركة ائتلاف الكرامة الذي عبّر عن استعداده للتحالف مع النهضة من أجل تشكيل الحكومة بعد أن وافقت النهضة على إضافة بعض النقاط التي اقترحها ائتلاف الكرامة لوثيقة الحكم التي تقدّمت بها النهضة للأحزاب. 


يوسف الشاهد اعتمد نفس سياسة المحاباة التي انتهجها مع الراحل السبسي، وتقرّب من قيس سعيد الرئيس الجديد لتونس، حتى أنّه ساهم في اتّخاذ قرار إقالة وزير الدّفاع عبد الكريم الزبيدي من وزارة الدّفاع، كما اختاره سعيّد أن يُمثّل تونس في افتتاح منتدى السلام الذي تحتضنه فرنسا في 11 و12 و13 نوفمبر الجاري، وسيلتقي الشاهد بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. 


إلى حدّ الآن علاقة الشاهد بمؤسّسة رئاسة الجمهوريّة متميّزة، بقي على الشاهد أن يحدّد موقع حزبه في البرلمان وأن يرسم خريطة مواصلته في السلطة وعدم الخروج من الحقل السياسي. في هذا الإطار، قامت حركة تحيا تونس بمراجعة قواعدها وتقيّيم عمل أعضائها خلال الرئاسيّة والتشريعيّة على مستوى مجلسها الوطني ومكاتبها الجهويّة، وقرّرت تجميد عضويّة أكثر من 40 عضوا بها بسبب عدم وفائهم للحركة ومساندتهم لمرشّح آخر في الرئاسيّة.


من ناحية أخرى صرّح القيادي بحركة تحيا تونس، مبروك كرشيد أنّ الحركة انطلقت في مشاورات مع الأحزاب  لتكوين كتلة وسطيّة داخل البرلمان لتحقيق المصلحة الوطنيّة، أيّ مصلحة تحيا تونس، من هذه الأحزاب البديل التونسي وآفاق تونس ومشروع تونس، وحركة نداء تونس بالإضافة إلى بعض المستقلّين. وبيّن أنّ هذه الكتلة يمكن أن تضمّ 35 نائبا وتكون الكتلة الرابعة أو الثالثة في البرلمان، مفيدا  أنّ الكتلة ليس من الضروري أن تحمل اسم تحيا تونس، وأنّ التشتّت داخل البرلمان لن يسمح بتحقيق التقدّم في البلاد. هذه الكتلة يمكن أن تضغط على النهضة وعلى قراراتها. 


حركة تحيا تونس أكّدت بعد الإعلان عن النتائج التشريعيّة أنّها ستكون في المعارضة، وإلى حدود ليلة البارحة الإثنين، في لقاء سرّي لم تعلن عنه الحركة ولا حتى النهضة، علمت بيزنس نيوز من مصادرها أنّ لقاء سيجمعهما ليناقشا موضوع تشكيل الحكومة. جمع اللّقاء يوم أمس الإثنين كلّ من عضو الهيئة السياسية لحركة تحيا تونس ونائبها المنتخب عن دائرة تونس 2، مصطفى بن أحمد وأمين عام الحركة، سليم العزابي، وهشام بن أحمد مع رئيس المكتب السياسي للنّهضة،  نور الدين العرباوي، ورئيس الحركة راشد الغنوشي.  

 

وفي تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أفاد مصطفى بن أحمد أنّ هذا اللّقاء تمّ التطرّق فيه إلى الأوضاع العامة بالبلاد وإلى موضوع تشكيل الحكومة المقبلة، وبيّن أنّ حركة النهضة أكّدت تمسّكها بحقها الدستوري كحزب فائز بأكبر عدد من المقاعد بالبرلمان في تكليف رئيس حكومة من الحركة. وأضاف أن النهضة لم تقدّم إلى حزب تحيا تونس، برنامجها بخصوص الحكومة المقبلة بشكل رسمي، وإنّما تمّ التطرّق لهذا الموضوع في العموم، وفق تصريحه. كما أكّد بن أحمد أنّ كلّ موقف يخرج عن سياق البيانات الرسمية لحركة تحيا تونس، وعن قياداتها، غير ملزم للحركة ولا يمثّلها، مبيّنا أنّ الهيئة السياسية للحزب ستجتمع غدا الأربعاء لمزيد تعميق موقفها بخصوص الأوضاع التي تمرّ بها البلاد.

 

وفي تصريح أمين عام حركة تحيا تونس، سليم العزابي للشارع المغاربي، أفاد أنّ تحيا تونس ضدّ تشكيل حكومة تترأسها النهضة وأنّ حركة تحيا تونس ستكون في المعارضة، قائلا '' حكومة تترأسها النهضة نحن غير معنيّين بها''، وأضاف أنّه بقطع النظر عن الأحزاب المشاركة في الحكومة ستكون تحيا تونس في المعارضة. وأوضح العزابي أنّ ترأّس النهضة للحكومة بقطع النظر عن الأشخاص لن يكون إيجابيا لتونس ولا للحكومة القادمة ولا للنّهضة. 

 

سليم العزابي أعرب عن ولائه وتعلّقه برئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، وصرّح أنّ علاقته بالشاهد تتجاوز السياسة مؤكّدا أنّهما سيشكّلان الإستثناء. العزابي اعتبر أنّ الصندوق في التشريعيّة منح تحيا تونس تمثيليّة محترمة في البرلمان بحصولهم على 14 مقعد، مفيدا أنّ الموقع الطبيعي للحركة هو المعارضة. ووصف مشاورات النهضة لتشكيل الحكومة مع الأحزاب، بالمتعثّرة، وحسب رأيه ليس من الضروري أن تترأس النهضة الحكومة، بل يجب عليها أن تعتمد منهجيّة أخرى وأن تتحلّى بالمرونة وأن تمدّ يدها  لتجميع الأحزاب حول حكومة جديدة. 

 

تُلاحق الشاهد 17 قضيّة، اعتبرها العزابي قضايا عاديّة رُفعت ضدّه لأنّه رئيس حكومة وبيّن أنّ قضيتيْن أو ثلاثة تمسّ يوسف الشاهد شخصيا وبصفة مباشرة. مدافعا عن رئيسه الشاهد، قال العزابي أنّه من العادي أن تلاحق الشاهد بعض القضايا لأنّ من يدخل عالم السياسة فإنّه لن يكون في منأى عن المشاكل. 

 

العزابي حظي بفرصة لقاء رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد هو الآخر، وأعرب له عن العديد من الأفكار والتّصوّرات في علاقة برئاسة الجمهوريّة، وأكّد أنّ قيادات تحيا تونس هم أبناء الدّولة وإنّ مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة لها مكانة خاصّة بالنسبة لهم، مشيرا إلى أنّ تحيا تونس لن تكون في المعارضة ضدّ رئاسة الدّولة، قائلا ''يجب أن نبعد مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة عن التجاذبات السياسيّة''. الأمين العام لحركة تحيا تونس بيّن أنّ الحركة التمست نوايا طيّبة في خطاب قيس سعيّد يوم أدائه لليمين الدستوريّة، خاصّة إعلانه بعمله على محاربة الفساد والإرهاب والدّفاع عن الحرّيات ومكاسب المرأة، وبيّن أنّ الحركة  في انتظار المرور من النوايا إلى التطبيق والقرارات. 

 

حسب العزابي، الصديق المقرّب والوفيّ للشاهد، إنّ علاقة تحيا تونس برئاسة الجمهوريّة هي علاقة محبّة وسلام وخضوع، ولكن عدد المقاعد في البرلمان لتحيا تونس ستعمل الحركة على استغلالها لتكون قوّة محوريّة داخل المجلس، وأكّد انّه سيكون لحركة تحيا تونس صوت مسموع في البرلمان، وهذا ليس بالغريب على الخطّة التي انتهجها الشاهد في تكوين كتلة وسطيّة لمجارات النهضة. العزابي أكّد أنّ تحيا تونس ستكون قوّة مسؤولة في المجلس وسيكون ذلك جليّا وواضحا خاصّة في مواجهة قوى ستوتّر الأجواء، والمقصود من كلامه، حزب ائتلاف الكرامة الذي قال عنه ''سيكون قوّة تشويش داخل المجلس''، وأشار أنّ تحيا تونس لن تتحالف مع هذا الأخير. ولمّح العزابي  لنوّاب حزب قلب تونس مفيدا أنّ علاقة تربطهم بنواب تحيا تونس ومنهم من كان معهم في نفس الحزب، وأشار أنّه على الرّغم من أنّهم ليسوا من نفس العائلة السياسيّة، إلاّ أنّ هناك العديد من النقاط التي سيلتقون حولها وهناك العديد من المعارك السياسيّة سيخوضونها معا.

 

بيزنس نيوز علمت أنّ الحركة الإسلاميّة، النهضة، ستمنح نوّاب تحيا تونس على الأقلّ  ثلاثة أو أربعة مناصب وزارية،  كما لا تزال فكرة أن يصبح يوسف الشاهد وزيراً للخارجية مطروحة. العزابي أكّد أيضا في هذا السياق أنّ العديد من الأحزاب تريد أن تدخُل تحيا تونس للحكومة المقبلة لأنّها ستُحقّق الإضافة، قائلا '' هناك إرادة قويّة لإدخالنا الحكومة''. 


حركة تحيا تونس فشل مرشّحها في الرئاسيّة يوسف الشاهد، ولكنّها تعتمد الآن سياسة ممنهجة لتقوية كتلتها في البرلمان والحفاظ على قدرتها في الحكم والتعامل بحنكة وفطنة مع حركة النهضة مستقبلا.

يسرى رياحي 


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter