تطور في المواقف أم مناورة سياسية جديدة لحركة النهضة ؟
فيديو:لطفي زيتون، تقدمي النهضة
لطفي زيتون: لا أستغرب إن ترشح راشد الغنوشي للإنتخابات الرئاسية
رغم المؤاخذات والأخطاء المحمولة على حركة النهضة فإن الجميع يشهد بأنها حزب مهيكل ومنضبط .. فالكل في الأوساط السياسية والإعلامية يقول إن ما يجري في اجتماعات النهضة يظل حبيس تلك الاجتماعات .. لكن يبدو أن هذا الواقع بدأ يتغير منذ بضعة شهور مع ظهور بعض التوترات السياسية في البلاد إذ بدأت تتعالى من حين لآخر بعض الأصوات المتمردة من داخل الجسم النهضاوي كما تم تسريب رسائل داخلية موجهة إلى زعيم الحركة وكذلك الشأن بالنسبة إلى بعض اجتماعات مجلس الشورى ..
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية من الطبيعي أن تستعد الأحزاب السياسية لهذا الموعد الهام لذا شرعت النهضة في بلورة استراتيجيتها لخوض هذا الحدث ومحاولة التموقع والدفع ببيادقها .. فالحركة نجحت إلى حد الآن في تخفيف الأضرار بالدخول في سلسلة من التحالفات لكن الأزمة الراهنة بين قصر قرطاج والقصبة أضعفت نوعا ما موقع الحزب الذي وجد نفسه مجبرا على اتخاذ موقف واضح سواء مع هذا الطرف أو ذاك وهو ما تسبب للحركة في مشاكل داخلية وخسارة التوافق مع رئاسة الجمهورية.
الظهور الأخير لأحد رموز النهضة، لطفي زيتون، يعكس لنا بوضوح التجاذبات التي تهز حاليا الحركة .. فما يجرؤ على قوله زيتون أمام العلن لا يقدم على فعله أحد غيره في حزبه فهو يعبر عن رأيه بكل حرية وينتقد بعض قيادات الحركة ومواقفهم .. حتى ان الحوار الصحفي الذي أجرته معه الشارع المغاربي أثار ضجة كبيرة باعتبار ان مستشار الغنوشي اعرب خلاله صراحة عن مخاوفه تجاه القصبة ويوسف الشاهد بالتحديد .. فبالنسبة الى لطفي زيتون فإن تحركات المقربين من رئيس الحكومة تشكل خطرا محدقا على الديمقراطية الناشئة، منتقدا بعض المحاولات لاستفزاز الخصوم السياسيين باستعمال وسائل وإمكانيات الدولة لتسريب بعض المعلومات السرية .. كما أشار إلى وجود مناخ من الريبة والخوف الحقيقي قائلا في هذا الصدد "لقد صار الناس يخشون حتى التحدث عبر الهاتف لذلك يلجؤون الى واتس اب".
ففي ظل هذه الممارسات ومع ولادة مشروع "تحيا تونس" يدعو زيتون الى التحلي بالحذر والحيطة ويعترض على ان تتحالف النهضة الى ما لا نهاية مع يوسف الشاهد .. كما تطرق في الحديث الصحفي عن الرسالة التي وجهها هو الى راشد الغنوشي "كتبت هذه الرسالة وعبرت فيها عن رأيي الخاص" .. وقد تم تسريب الوثيقة التي ينتقد فيها زيتون زعيم الحركة ليلومه فيها على اختياره صف رئيس الحكومة الذي "كشف عن طموحاته واستفراده بالرأي واستغلال نفوذه ودواليب الدولة لاستقطاب بعض المناصرين" وبذلك يحذر زيتون إخوانه في الحركة من هذا الوضع.
كما ان هذا القيادي في النهضة، "اكثر الإسلاميين تقدما" غادر يوم السبت الماضي اجتماع مجلس الشورى متهما بعض الأطراف القريبة من الحكومة بالتجسس على أعمال المجلس .. وهنا يوضح موقفه قائلا "غادرت الاجتماع بسبب وجود تسريبات لفائدة دوائر قريبة من الحكومة وهذا غير مقبول وهو ما يعزز موقفنا بأن من يكون في الحكم عليه ان لا يلعب دورا حزبيا والدخول في مناورات لها علاقة بالمحطات الانتخابية المقبلة" .. ويؤكد الى ذلك ضرورة ان تكون الحكومة محايدة، ذاهبا الى حد القول بان الانتخابات قد لا تجري في موعدها في ظل الظروف الراهنة.
مواقف لطفي زيتون اللاذعة والحادة ليست فقط ضد الحكومة وإنما أيضا ضد حزبه وهو ما كلفه تهجم أبناء الحركة عليه اكثر حتى من الانتقادات الخارجية الموجهة له "نعم اتهموني بالردة .. هناك مشكل حقيقي مع قبول حرية الآخر".
يقول زيتون انه يناضل من اجل ادخال إصلاح جوهري على حركة النهضة، رغم انه لا يمثل الا أقلية ضئيلة برأيه هذا، ملاحظا ان على الحركة التأقلم مع المعطيات الجديدة والواقع الراهن الذي يفرض على النهضة ان تتحول الى حزب مدني بنسبة 100 % حزب يهتم فقط بالبرامج المتعلقة بتسيير الدولة وإرساء مناخ من الثقة وبالتالي التخلي عن كل المسائل المتصلة بالمجتمع المدني في علاقة بالشأن الديني والاجتماعي والتركيز على العمل الحزبي.
ما يسميه زيتون "مشروعه" يتمثل في اقناع أبناء حزبه بتحرير الإسلام من الصراع السياسي "هذا الدين يوحد كل الشعب فهو ينتمي الى 12 مليون تونسي بمن فيهم غير المسلمين .. التواصل في الخلط بين هوية الحزب والإسلام لن يساهم الا في حث المجتمع على رفض الدين فضلا عن الإساءة الى صورة حركة النهضة".
كما اكد القيادي الإسلامي ان النهضة عليها ان تتحول الى حزب محافظ، منفتح على الجميع، حزب يحترم الفضاء الخاص ويعمل من اجل المصلحة العامة في اطار قوانين الدولة، مضيفا انه لم يعد مقتنعا بمفهوم الإسلام الديمقراطي .. حتى انه ذهب الى حد التذكير بالمسؤولية السياسية لحركة النهضة في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، مطالبا بمحاسبة كل من سيثبت القضاء تورطه في هذه الاغتيالات حتى لو تعلق الأمر براشد الغنوشي نفسه.
يبقى السؤال المطروح هل تصريحات لطفي زيتون الأخيرة تندرج في خانة المواقف الشخصية ام هي مناورة جديدة من حركة النهضة التي أصبحت مختصة في الخطاب المزدوج حينما تعتزم تغيير خطتها؟ .. فزيتون لا يتحدث بدقة ووضوح عن مشروع سياسي جديد خارج حركة النهضة. فهل هو بصدد الإعداد لمغادرة الحزب أو انه سيجر على ذلك؟ .. الى هذه اللحظة هو يؤكد انه لن يغادر الحركة الا في الوقت المناسب أو حينما يمنع من التعبير عن ارائه بكل حرية.
(مترجم عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires