أخيرا أصبح لتونس حكومة..مصير حكومة الفخفاخ وفقا لردود أفعال الأحزاب
بعد أخذ وردّ وتبايُن في الآراء ووجهات النظر في تركيبة الحكومة التي اتّخذ مسار تشكيلها طرق مختلفة ومتناقضة حتى أنّ التركيبة التي أعلن عنها رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ يوم السبت الفارط لم تكن نهائيّة بسبب احترازات بعض الأحزاب، تمكّن الفخفاخ مساء اليوم الأربعاء 19 فيفري 2020، من الوصول إلى تركيبة نهائية لحكومته وقدّمها لرئيس الجمهوريّة قيس سعيد وأعلن عن توزّع الحقائب الوزاريّة داخلها.
قيس سعيد هنّأ الفخفاخ على قدرته في تشكيل الحكومة وفقا للآجال القانونيّة وتمنى له أن يُصادق عليها البرلمان ويمنحها الثقة وأن يتمكّنوا من الإستجابة لمطالب الشعب التونسي في الشغل والحرّية والكرامة الوطنيّة. إلياس الفخفاخ أبرز لرئيس الدولة أنّ مسار تشكيل الحكومة كان صعبا وهذا طبيعي بعد أن كانت حركة النهضة تشترط عليه الأخذ بهواها وتنفيذ مطالبها، وأكّد أنّ الحكومة تمثّل طيف واسع من الطبقة السياسيّة التونسيّة وتتضمّن كفاءات وطنيّة عالية. وتمنى الفخفاخ أن تكون حكومة ''الوضوح وإعادة الثقة للشعب التونسي''، وأن تنال ثقة نواب البرلمان. واعتبر قيس سعيد أنّ أهمّ شيء في هذه المرحلة هو الإنسجام بين مؤسّات الدّولة ''لا مجال للحديث عن دول داخل الدولة''، مشيرا إلى ضرورة عدم إعادة أخطاء الماضي قائلا ''ولنصنع معا تاريخا جديدا لتونس''. وأكّد رئيس الدولة قيس سعيد أنّه سيوجّه الليلة رسالة إلى رئيس مجلس نواب الشعب لتحديد موعد الجلسة الخاصّة بمنح الثقة للحكومة.
تعدّدت ردود أفعال الأحزاب المشاركة فيها والغير مشاركة أيضا.
حركة النهضة
لا يخفى على أيّ أحد متابع للشأن السياسي أنّ الحركة الإسلاميّة التي تمكّنت من الفوز في التشريعيّة هي المسيطرة على المشهد البرلماني والحكومي أيضا نظرا للضغوطات التي مارستها على رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ. النهضة بعد أن عيّنت الحبيب الجملي لتكوين الحكومة وقرّرت إقصاء قلب تونس من المشاورات ودفعت التجاذبات الجملي إلى تشكيل حكومة مستقلّة عن الأحزاب والتي سقطت فيما بعد أمام البرلمان، قامت بليّ ذراع الفخفاخ هذه المرّة أيضا واشترطت تشريك قلب تونس في المشاورات وتشكيل حكومة وحدة وطنيّة ولكنّ إلياس الفخفاخ لم يوافق أوّلا وأعلن السبت الفارط عن التركيبة الأوليّة لحكومته ولكنّه بالتشاور مع رئيس الجمهوريّة قيس سعيد قرّر مواصلة المشاورات بعد ان أعلنت النهضة انسحابها من الحكومة. النهضة بعد أن اتهمت قلب تونس بالفساد وقامت بشتم الحزب انطفأت نيرانها وابتلعت عداوتها وبالتشاور بين نبيل القروي والياس الفخفاخ لم يحصل اتفاق وأعلنت النهضة اليوم مصادقتها على حكومة الفخفاخ ومنحها الثقة مؤكّدة أن تشريك قلب تونس فيها لا يعنيها. وفي بيان للحركة، أوضحت النهضة أنّه على رغم التحفظات بشأن طبيعة الحكومة وتركيبتها فإنها تسجل بعض التطوّر الإيجابي الحاصل في مسار المفاوضات وتُثمن ما عبّر عنه رئيس الحكومة المكلف من إستعداد للإنفتاح على قوى سياسية أخرى لتوسيع وتمتين الحزام السياسي وبعد التعديلات الحاصلة في التشكيلة المقترحة باتجاه مزيد النجاعة والتوازن قررت منح الثقة للحكومة. وتمّ تعيين بعض قياديي النهضة في حكومة الفخفاخ على غرار لطفي زيتون وزيرا للشؤون المحلية والبيئة، ومنجي مرزوق وزيرا للطاقةوالمناجم والانتقال الطاقي، وعُيّن عبد اللطيف المكي وزيرا للصّحة.
حزب قلب تونس
يضمّ 38 نائبا ويُعتبر ثاني أقوى حزب في البرلمان، قرّر إلياس الفخفاخ إقصاء قلب تونس منذ تولّيه خطّة تكوين الحكومة وجعله في المعارضة. حركة النهضة التي كانت تعتبر حزب نبيل القروي ''حزب المقرونة'' كما وصفته في الحملة الإنتخابيّة عدّوا لدودا لها ومنافسا قويا والتي أقصته من حكومة الحبيب الجملي، تراجعت في موقفها واشترطت على الفخفاخ تشكيل حكومة وحدة وطنيّة تضمّ كل الأحزاب إلا من أقصى نفسه. في هذه الأثناء وبدعوة من رئيس حركة النهضة، إلتقى الفخفاخ برئيس حزب قلب تونس نبيل القروي وأطلعه بتطوّرات تكوين الحكومة ولكنّ القروي اعتبر أنّ تشريكهم في المشاورات كان بصورة شكليّة. إلى حدود اليوم الأربعاء، أكّد الناطق الرسمي باسم حزب قلب تونس الصادق جبنون، أنّ الحزب مازال إلى اليوم غير ممثل بأيّة صفة كانت في الحكومة المقترحة من المكلف بتشكيل الحكومة إلياس الفخفاخ.
بعد إعلان الفخفاخ عن تركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب الوزاريّة، أفاد جبنون في تصريح لموزاييك أف أم، أنّ حزب قلب تونس سيكون في المعارضة ''مُعارضة وطنيّة بنّاءة'' في إطار ما وعد به الحزب ناخبيه في تحقيق المكاسب الإجتماعيّة وخروج البلاد من الأزمة الإقتصاديّة. وأشار أنّ مسار تشكيل الحكومة منذ البداية فيه إقصاء لقلب تونس موضحا أنّ المكتب السياسي للحزب سيجتمع ويحدّد القرار من منح الثقة للحكومة أو لا مؤكّدا انّ قلب تونس لن يصوّت لحكومة الفخفاخ.
التيّار الديمقراطي
التيار الديمقراطي 22 مقعدا في البرلمان، منذ تعيّين الفخفاخ كان التيار الديمقراطي معني بمشاورات تشكيل الحكومة. قيادات النهضة اتهموا التيار بتعطيل المشاورات وأنه يريد إقصاء النهضة من الحكومة واعتبر أمين عام التيار محمّد عبو تلك الإتهامات أمرا عاديا نظرا لتعوّد التيار على التهكّم من قبل النهضة. وأكّد عبو انّ التيار لن ينسحب من الحكومة ولن يستطيع أيّ طرف حزبي إبعاده، كما أنّه سيعمل على مقاومة الفساد بالإمكانيات التي لديْه. التيار اقترح المشاركة في حكومة الفخفاخ بثلاث حقائب وزارية وقد حصُل عليها، حيث تمّ تعيّين النائب والقيادي بالحزب غازي الشواشي وزيرا لأملاك الدولة والشؤون العقارية وتمّ تعيين محمد عبو وزيرا للوظيفة العمومية ومكافحة الفساد وتمّ تعيّين محمّد الحامدي وزيرا للتربية.
بعد إعلان الفخفاخ عن تركيبة الحكومة، أفاد النائب والقيادي بالتيار هشام العجبوني في تصريح لموزاييك أف أم أنّ التيار ليس مقتنعا 100 بالمائة على حكومة الفخفاخ ولديه بعض الاحترازات على بعض الأسماء ولكنّ البلاد لم تعُد تحتمل الإنتظار اكثر موضّحا أنّ التيار طالب المشاركة بثلاث حقائب وزاريّة وكان له ذلك. وأشار إلى أنّ الفخفاخ تعرّض للعديد من الضغوطات من قبل الأحزاب واعتبر أنّ هناك أسماء ليست لهم كفاءة ليكونوا على رأس وزارات مهمّة، وأكّد أنّ التيار سيمنح الثقة لحكومة الفخفاخ.
ائتلاف الكرامة
الإئتلاف يضمّ 18 نائبا في البرلمان، وصف النائب عبد اللطيف العلوي لحظة الإعلان عن الحكومة هي ''لحظة استعادة الأنفاس بالنسبة للشعب التونسي''. واعتبر أنّ الوصول إلى حكومة نهائية لم يتمّ عن طريق توافقات على برامج وإنّما باتفاق الضرورة مشيرا أنّه اتفاق شكلي مبني على مصلحة معيّنة. ووصف حكومة الفخفاخ بـ ''حكومة مولوتوف'' وهي حالة اضطرار أخير وهي حكومة حسابات سياسية تحت الطاولة موضحا أنّ الإئتلاف كان حاضرا في المفاوضات وكان شاهدا على ''النوايا الفاسدة من طرف كلّ الأحزاب''. وأكّد أنّ ائتلاف الكرامة لن يمنح الثقة لحكومة الجملي وليس معنيا بالتصويت لها، واعتبر الناطق باسم ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف أنّ الحكومة المقترحة لا تلبي استحقاقات الثورة وليست أفضل من حكومة الحبيب الجملي.
تحيا تونس
حركة تحيا تونس بـ 14 نائبا في البرلمان، كان لها دورا فاعلا في مشاورات تشكيل الحكومة ودعت إلى توسيع المشاورات، ووفقا لما أعلن عنه رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ فإنّ حركة تحيا تونس حازت على مقعديْن في تركيبة الحكومة حيث تمّ تعيين سليم العزابي وزيرا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي وتمّ تعيين شكري بن حسن وزيرا للبيئة. وفي تصريح لموزاييك بعد الإعلان عن الحكومة، أفاد مصطفى بن أحمد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب تحيا تونس أنّ وجود حكومة أفضل من الفراغ موضحا أنّ الحكومة مطالبة بإيجاد حلول للبلاد واستعادة الدولة. وندّد بقرارات حركة النهضة معتبرا أنّ مجلس شورى النهضة أصبح مثل مجلس الأمن في اشتراط وكانت النهضة أعلنت انسحابها من الحكومة إذا لم يخض الفخفاخ لشروطها بتشريك قلب تونس في الحكومة ثمّ صرّحت بأنّ تشريك قلب تونس في الحكومة بات لا يعنيها.
حركة الشعب
هذه الحركة جزء من الكتلة الديمقراطيّة التي تضمّ التيار الديمقراطي وبعض النواب المستقلّين، حظيت الحركة بوزارتيْن في حكومة إلياس الفخفاخ حيث تمّ تعيّين فتحي بلحاج وزير التكوين المهني والتشغيل وعُيّن محمد المسيليني وزيرا للتجارة. وأكّد الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لجوهرة "اف ام" بعد إعلان الفخفاخ عن الحكومة أنّ الحركة ستمنح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ لأنها مشاركة فيها رغم أنها ليست الحكومة الأفضل ولكنها ''حكومة المُمكن''. وأشار أنّه من الضروري أن تكون هذه الحكومة واعية بما ينتظرها من صعوبات وواجبات لتحقيقها وأن تفعّل دولة المؤسّسات والقانون ووصفها بحكومة ''الفرصة الأخيرة''.
تمكّن رئيس الحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ من تكوين الحكومة في الآجال القانونيّة وبقي له فقط خوْض اختبار مرور الحكومة في البرلمان. مسار تشكيل الحكومة أوضح بالكاشف نوايا الأحزاب وأهميّة مصالحهم مقارنة بمصلحة البلاد، وأكّدت المشاورات للرأي العام أنّه في السياسة لا وجود لحلّ أو لقرار ثابت ومستقرّ والنهضة خير دليل على ذلك.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires