أصفار الصحة تخفي أصفار الاقتصاد - الأرقام والحلول
الصفر، عدّونا الذي أمسى صديقا خلال الأزمة الصحية، حيث صرنا نستبشر للأرقام السالبة وللتراجع والانخفاض، لأول مرة منذ سنوات طالما أردنا فيها أن يرتفع السّهم -اقتصاديا- بدل أن ينحدر.
التراجع، الكلمة المفتاح
يبدو أن الأزمة الاقتصادية ستكون في الأشهر المقبلة سيدة المشهد بعد فترة سيطر الرهان الصحي على الفضاء العام. في مذكرة له حول التطورات الاقتصادية والنقدية لشهر أفريل 2020، أعلن البنك المركزي أن التضخم ارتفع بارتفاع اسعار السلع الغذائية بسبب سلوك التخزين والاحتكار خلال الحجر الشامل، كما سجّل العجز الجاري تراجعا الى 1،7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، خلال الثلاثي الاول من سن 2020، مقابل 2،2 بالمائة خلال نفس الفترة من 2019.
وفقا المعهد الوطني للإحصاء سجلت نسبة النمو انكماشا خلال الثلاثية الأولى من سنة 2020ـ بنسبة 1.7 بالمائة مقارنة بالثلاثي الأول لسنة 2019،كما سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا سلبيا بنسبة 2 بالمائة مقارنة بالثلاثي الأخير من السنة . تراجعت القيمة المضافة بنسبة 3.4 بالمائة خلال الثلاثي الأول بالمقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2019. القيمة المضافة لقطاع خدمات النقل تقلصت بـ 12 بالمائة بسبب تراجع نشاط جميع وسائط النقل كما شهدت القيمة المضافة لقطاعات الصناعات المعملية تراجعا بنسبة 1.6 بالمائة نتيجة التراجع المسجل في قطاع النسيج والملابس والأحذية بأكثر من 15 بالمائة، كما تراجع قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية و قطاع صناعة مواد البناء والخزف .
وتتواصل الأرقام السلبية حيث تراجعت القيمة المضافة لقطاع خدمات النزل والمطاعم والمقاهي بنسبة 18.6 بالمائةـ كما تراجعت الليالي المقضاة في النزل خلال الثلاثي الأول بحوالي 23 بالمائة. تراجع انتاج في قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 4.8 بالمائة و قطاع البناء بنسبة 8.9 بالمائة.
الحلول وفق الخُبراء
وفقا لدراسة استشرافية أعدها الخبيران الاقتصاديان حكيم بن حمودة ومحمد هادي بشير، يوجد 4 سيناريوهات للفترة القادمة.
السيناريو الاوّل، وهو الأقرب للوضع الحالي، هو استغلال سرعة احتواء انتشار الفيروس لتسجيل تداعيات اقتصادية ضعيفة. السيناريو الثاني هو الانتشار المحدود للفيروس طبيعيا، الثالث هو الانتشار الواسع للفيروس وصعوبة التحكم في الحالة الوبائية ثم تضخّم التداعيات الاقتصادية وأخيرا السيناريو الرابع هو فقدان التحكم في انتشار الفيروس وعدم القدرة على احتواء هذه الازمة الصحية ثم فشل الإجراءات الصحية المتبعة في مواجهته وتزايد المخاطر الاقتصادية.
بعد عرض الفرضيات، واقترح بن حمودة وبشير تخصيص 2 مليار دينار للدفع بالاستثمارات الكبرى مثل البنية التحتية، التخفيض في نسبة الفائدة المديرية بـ200 نقطة ودعم الشركات المتضررة في مفاوضاتها مع البنوك كما اقترحا تخصيص البنك المركزي لمبلغ قيمته 500 مليون دينار لتمويل المؤسسات.
المقترحات وفقا للدراسة ستؤثر على مدى قصير عبر ارتفاع نسبة النمو من 3.46 بالمائة الى 8.08 بالمئة متوقعة خلال العام 2023. وهي نسبة يمكنها امتصاص المعدلات المرتفعة للبطالة لتتراجع نسبة طالبي الشغل من 16.5 بالمائة الى حوالي 13.7 بالمائة خلال سنة 2023. كما ستكون لهذه المقترحات تاثيرات أخرى إيجابية على بقية المؤشرات الاقتصادية ومنها الاستثمار والميزان التجاري وغيرها.
نسبة الخسارة من حيث الناتج المحلي الإجمالي ستكون في حدود -1.65 بالمائة بالنسبة للسيناريو الأول وستزيد البطالة بنسبة 1.53 بالمائة في السيناريو الأول. ستشهد الواردات انخفاضا بنسبة 1.75 بالمائة ونسبة الصادرات ستكون في حدود 1.9 بالمائة. كما ستتزايد حاجة البلاد للتمويل لتتراوح بين 6.2 بالمائة و29.1 بالمائة وفقا للسيناريو الأقل ضررا وهو الأقرب بسبب نجاح تونس في السيطرة نسبيا على الوضع الوبائي وتراجع حالات العدوى.
ورغم التراجع في عديد الميادين، شهد قطاع المناجم ارتفاعا بنسبة 19.7 بالمائة، حيث قدر الإنتاج من مادة الفسفاط خلال الثلاثي الأول من سنة 2020 بحوالي 1.2مليون طنا، كما ارتفعت القيمة المضافة لنسبة 7.1 بالمائة في قطاع الفلاحة، بسبب بصابة الزيتون القياسية.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires