alexametrics
الأولى

برلمان 2019-2024 : العـرضُ الأول!

مدّة القراءة : 5 دقيقة
برلمان 2019-2024 : العـرضُ الأول!

 

هنا باردو، الساعة صفر. النوايا بدأت تطفو على السطح وأضحى من الصعب اخفاء ما كان يُحاك، فحكومة 2020 هي امتداد طبيعي للتوافقات السياسية في برلمان 2020. 217 صوتا، وجها، سيكونون المُسائلين والمشرعين وممثلي الشعب. الجلسة الافتتاحية للعهدة النيابية 2019-2024 لم تكن ساحة مفاجات بقدر ماكانت أحداثها مُتوقعة لمن يتابع عن قرب المشهد السياسي. عموما، المشهدية كانت تُشبهنا، تونسيةً في صخبها، فوضويتها، اختلافها، تناقضها. تونسيةً في لُغتها، نشيدها، سلاستها، سلميتها، وقـسـمها الصادق-رُبما.

 

بيزنس نيوز تابعت ولخصت كامل فعاليات الجلسة الأولى، حيث اختلسنا النظر للخمس سنوات القادمة عبر الساعات – الطويلة للبث المباشر من القاعة الرئيسية بقصر باردو، والذي أمنه اكثر من 300 صحفي وتقني. ما هذه الجلسة الا عرض أول عن المشهد النيابي المُقبل.

 

"سنكون في باردو والقصبة وقرطاج"

 

 انتخب راشد الغنوشي زعيم الحركة الاسلامية رئيسا للبرلمان بأغلبية مريحة، 123 صوتا كما كان متوقعا. التصويت للغنوشي لم يكن لشخصه القيادي الكاريزماتي، أو لخلفيته القانونية غير الموجودة، بل لأنه رئيس الحزب الاغلبي المسؤول عن تكوين حكومة يوّد الكثير أن يكون ضمنها. أضحى اليوم رجل الظلال الذي تحكم في خيوط المشهد السياسي في الخفاء لتسع سنوات رجُل عـلن، بل رجل تشريع. معركة الرجلين في الحركة الاسلامية انتهت بانتصار قيادة تاريخية ستنهي مسيرتها السياسية على رأس السلطة التشريعية. وخسارة قيادة أخرى، خسارة خجل، مورو الذي خسر رهان رئاسيات وعاد مُحاميا، كما بدأ.

 

 

قلب تونس يلعب أُولى أوراقه

 

طيلة اشهر بنى قلب تونس قاعدته الانتخابية على صُورة معارضته للنهضة ورفضه الاسلام السياسي. نبيل القروي، مؤسس الحزب، وجه رسالة من سجنه الى راشد الغنوشي بلهجة الغضب والسخط من حزب رجعي حمله مسؤولية العنف والارهاب والاغتيالات السياسية. اليوم، ومع انتهاء تـرف التموقعات الحرة، بدأت عقارب الاجال الدستورية لتشكيل حكومة تدُور. وأضحت التموقعات خطوات مدروسة. بيزنس نيوز كانت قد اتصلت مطلع الاسبوع الفارط بعياض اللومي، القيادي في قلب تونس، الذي أكد لنا ان حزبه اختار- وبالأغلبية ترشيح رضا شرف الدين النائب عن دائرة سوسة لرئاسة البرلمان. طيلة الاسبوع امتنع شرف الدين عن التعليق تأكيدا أو نفيا، مما أحال الى الاذهان أن ترشيحه ليس ترشيحا جديّا بل هو خطوة استباقية لقلب تونس صاحب المرتبة الثانية عدديا في البرلمان، من أجل تحسين شروط التفاوض. باردو مقابل القصبة، لعب الحزب الوسطي التقدمي ورقته الأولى بعد اشهر من الممانعة ومُعارضة "البيانات"، وبالفعل سحب رضا شرف الدين اليوم سويعات قبل الجلسة الانتخابية ترشحه لرئاسة البرلمان لصالح زعيم الحركة الاسلامية راشد الغنوشي. السياسة فعل أخذ ورد وبهذه الخطوة، سيضمن قلب تونس ردًا قادما وفق الشروط التي وضعها للمشاركة في الحكومة وأهمها ان لا يكون رئيسها من داخل النهضة وان تكون حكومة كفاءات لا مُحاصصة. من جهتها، لن تُخاطر النهضة بخسارة مخزية أخرى لأحد قياداتها التارخية. لذلك ستقبل شروط قلب تونس في مقابل تراجع شرف الدين و-ربما- تصويت نواب قلب تونس لصالح الغنوشي. قد يذهب الظن الى بداية تشكل توافق جديد، بين اليمينين قلب تونس والنهضة، لكنها رمية بعيدة. الأكيد ان الحركة الاسلامية تبحث عن شريك تحمله فشلها القادم، لكنها تملك مسبقا حزاما سياسيا من الثورجيين والمتطرفين يجعلها في أريحية وقتيا. قلب تونس من ناحية أخرى، سيحطم مصداقيته اذا تحالف مع الاسلاميين،  أو على الأقل،  اذا تحالف مع الاسلاميين علنـًـا..

 

 

عبير موسي وفيةً لـ عبير موسي

 

"نجمةُ" الجلسة كانت النائبة عن الدستوري الحر عبير موسي. النجومية لا تُحيل للبطولية وجوبا، لكن في السياسة لا يوجد اشهار سيء  ! قاطعت موسي أداء راشد الغنوشي- خصمها المُعلن-  القسم ورفضت أداء اليمين الدستورية بشكل جماعي. ماذا كنتم تتوقعون ؟ أن تردد موسي ونواب الدستوري الحر القسم خلف قائد الحركة الاسلامية الذين يرفضون وجوده في المجلس والذي قدموا ضده قضايا ارهاب وتسفير  الشباب الى سوريا !لم يكن سلوك عبير موسي مُفاجئا لكنه كان مقلقا. وستواصل هذا السلوك المعادي للاسلام السياسي بطريقة فظة، خلال الفترة القادمة خاضة اذا انتخب الغنوشي رئيسا للمجلس. موسي بدورها ترشحت لرئاسة المجلس لكن مع تقوقعها ورفضها الدخول في تحالفات، لا تملك رئيسة الدستوري الحر الدعم الكافي  لترشحها.

 

رعاة البقر في جُبــب وعمائم

 

أول رقصات نواب ائتلاف الكرامة كانت وصف زملائهم النواب ب"الدواب" في تدوينة للاسلامي المتطرف راشد الخياري وصف فيها نواب الكرامة برعاة البقر. الراعي، لم يُحاط علما بجدية وحرمة المكان الذي دون منه تلك الجمل التي يمكن أن تعتبر ثلبا وفق القانون التونسي ولا يبدو أنه يدرك أننا في تونس، بلد شمال افريقي لم يرع البقر في تاريخه، وأننا في 2019 ولم تعد لفظة راع بقر رائجة ! لاندري كيف يعتبر هؤلاء الحبيب بوقيبة صاحب تاريخ دموي، ورعاة البقر في الغرب، أبطالا. عربون كراهية وتطرف في أول ساعات العمل النيابي، تلاها تهجم وعنف لفظي ضد نائبة الدستوري الحر عبير موسي. واذا تجاهلنا العمائم على رؤوسهم في فضاء عمومي في حضور الدولة المدنية، فلن نتجاهل شعار رابعة الذي رفعه نواب الكرامة.  مادليل هذا الشعار الاخواني الذي لا علاقة له بتونس، في أي سياق ظن هؤلاء أن هذا الشعار سيكون رمزيا؟ من المفهوم أن يكونوا خارج التاريخ بمرجعيات قروسطية، لكن أن يكونوا خارج الجغرافيا أيضا، احدهم يظم أننا في غرب أمريكا وأحدهم يظن أننا في مصر، وأحدهم يظن أننا في أفغنستان.. على نواب الكرامة أن يعقدوا اجتماعا ليحددوا موقعهم في الخريطة، لأننا نعرف مسبقا موقعهم السياسي ;   تحت، امرة حركة النهضة.

 

الى غاية اليوم، الكتلة الأولى التي اعلنت تشكلها بوضوح هي كتلة الاصلاح الوطني التي تجمع مستقلين، البديل التونسي، مشروع تونس وعيش تونسي. الطرفان الذان أعلنا نوايا تشكيل كتلة، هما التيار الديمقراطي وحركة الشعب. سيتواصل الامتحان التشريعي في الايام القادمة، ولا شك أن الاسلاميين سيتعضادون (النهضة، الكرامة، الرحمة) بينما لا توجد مؤشرات على تجميع بقايا العائلة الديمقراطية (النداء، تحيا تونس، قلب تونس). راهن العديد على فشل هذه الجلسة الانتخابية الاولى والمرور الى دور ثان، لكن أغلبية الاصوات التي توجهت للحركة الاسلامية تبشر بأن الحركة سيطرت على باردو فقط بنسبة 24 بالمائة من المقاعد.

خارج أسوار الجلسة، كان للنساء رأي اخر. صبيحة اليوم عبرت مجموعة من النسويات عن رفضهن للحصانة التي تُسقط التتبعات القضائية حتى في قضايا مدنية كالتحرش الجنسي، "المتحرش ما يشرعش" هي وقفة احتجاجية بنون النسوة من تنظيم حملة انا زادا التي انطلقت اثر حادثة اتهام النائب عن قلب تونس بالتحرش بقاصر أمام معهد، في الطريق العام. اليوم اذن ينتهي المسار القضائي وتخسر التلميذة اصيلة ولاية نابل معركتها دون أن يعرف الراي العام حقيقة هذه الاتهامات.. وتلك قصة اخرى.

 

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter