أي حظوظ للمستقلين في الانتخابات التشريعية؟
3 أيام تفصلنا عن الانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم الأحد 06 أكتوبر2019، بدأت التحضيرات تلقي بضلالها على المشهد السياسي لاختيار 217 عضوا في البرلمان الجديد وسط اكتساح غير مسبوق للقائمات المستقلة.
ونحن على أبواب استحقاق كبير، لانتخاب أعضاء البرلمان في ولايته الثانية منذ 2011، لمدة 5 سنوات. 1503 قائمة مترشحة موزعة على 33 دائرة انتخابية مقسمة على 27 دائرة انتخابية داخل تونس و6 دوائر خارجها، وتتوزع القائمات المترشحة بين 687 حزبية و163 ائتلافية و722 مستقلة.
بدأ التنافس يحتدم بين المترشحين في صعود واضح للمستقلين الغير منتمين لفكر سياسي واضح وعائلة إيديولوجية معينة وهو ما أثار موجة من الجدل حول مدى استقلاليتهم ونزاهة مصادر تمويلهم.
فسّر البعض التنامي الملفت للمستقلين بتراجع ثقة الناخبين في غالب الاطياف السياسية التي أثبتت في السنوات الماضية عجزها عن اخراج البلاد من المأزق الذي تمرّ به في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو ما بدأ يتحقق كذلك منذ الانتخابات البلدية لسنة 2018، وما أفرزته من تصدّر للقائمات المستقلة التي تحصلت على المرتبة الأولى بنسبة 32 بالمائة الأمر الذي أحدث مفاجأة خاصة أمام ترشّح الحزبين الأكبر في البلاد، حزب حركة النهضة وحزب نداء تونس، حيث تنافست في تلك الانتخابات 2074 قائمة منها 860 مستقلة و159 ائتلافية و1055 حزبية لتحقق القائمات المستقلة فوزا هاما.
الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعيش على وقعها البلاد هذه السنة تبيّن أن المشهد السياسي برمته يعيش على وقع تغيير غير مسبوق، تجلى ذلك في نتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى التي أفرزت فوز المترشّح المستقل قيس سعيد وقطعت مع منظومة الأحزاب حيث ذهب طيف كبير إلى اختيار شخصية لا تملك رصيدا كاف من التجربة السياسية ولم يسبق لها الانتماء إلى أي حزب، وهو ما أثار ردود أفعال متباينة ومثّل صدمة لدى الأحزاب السياسية وهاهو اليوم يظهر قبل أيام من الانتخابات التشريعية وسط الصعود الملفت للمستقلين كذلك، على غرار قائمات ائتلاف الكرامة وعيش تونسي وغيرها.
ائتلاف الكرامة من بين الأسماء التي مثلت قائماتها محور حديث الساحة خاصة من الوجوه البارزة فيه، حيث ترشّح راشد الخياري عن دائرة منوبة وعماد دغيج عن المهدية وسيف الدين مخلوف عن تونس 1 ويسري دالي عن تونس2 ورضا الجوادي عن دائرة بنزرت.
عيش تونسي التي أثارت الجدل منذ ظهورها ودخولها الساحة السياسية، هي الأخرى تلقى رواجا كبيرا وصعود ملفت بقائماتها المترشحة، حيث تقدمت بـ 33 قائمة انتخابية مستقلة في جميع الهيئات الفرعية تضم مرشحين من فئات مختلفة محامين وممثلين عن المجتمع المدني وفنانيين وعسكريين قدامى وشبان وعدد من المواطنين الممضين على "وثيقة التوانسة".
ومن أبرز رؤساء قائماتها رئيسها سليم بن حسن المرشح عن قائمة تونس 1 وعضوها المؤسس ألفة ترّاس التي تترأس قائمة بنزرت.
فوز المستقلين في الانتخابات البلدية لسنة 2018 بنسبة 32 بالمائة وترشّح المستقل قيس سعيد وتحصله على المرتبة الأولى في الانتخابات الرئاسية بنسبة 19 بالمائة زاد من عزيمة المستقلين والأمل في الظفر بمقاعد في البرلمان القادم خاصة وأن القائمات المستقلة في الانتخابات التشريعية لسنة 2014 لم يحقق أصحابها الأصوات الكافية، لكن اليوم وأمام ما يشهده الواقع السياسي من تغيرات في كل الجوانب أدت إلى خلط جديد في الأوراق، عبّد الطريق أمام المستقلين خاصة منهم المترشحين للانتخابات التشريعية وزادهم حظوظ أوفر في السباق. لكن يبقى السؤال الذي يطرحه جزء كبير من الناخبين هو مدى استقلالية هذه القائمات المترشحة وما إذا كانت تنطوي تحتها بعض الأحزاب المتنكرة تحت غطاء المستقلين من خلال تقديم مرشحين يحملون فكرهم وبرنامجهم في وقت أدركت فيه الأحزاب أن رؤية الناخب أصبحت متجهة إلى المستقلين، وهنا أيضا يمكننا التساؤل عمّا يمكن أن تحثثه القائمات المستقلة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
في ظل تفشي الشعبوية التي طغت على المشهد السياسي لم يعد الناخب يثق في الأحزاب السياسية وهو ما أفرزته كذلك نتائج الانتخابات البلدية في 2018، وأصبح يبحث عن بديل قادر على خدمة البلاد والعباد والخروج بها من الأزمة المستشرية في كل المجالات، فتغيرت بوصلة الاختيار وأصبحت القائمات المستقلة تلقى حظوظها أكثر فأكثر في انتظار يوم الحسم وما سيفرزه الصندوق فلا أحد قادر على التنبؤ بنتائج الانتخابات البرلمانية ولا صوت يعلو فوق إرادة الشعب.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires