وجّه النائب ياسين العياري رسالة لوم إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد من خلال صفحته الرسمية على الفايسبوك يوم أمس الأحد، لقراره بمنع نواب الشعب من الحصول على جواز سفر دبلوماسي وتركهم رهينة قرار أجنبي قد يسمح لهم بالحصول على الفيزا من عدمها حسب قوله. النائبة نسرين العماري كذّبت رفض رئاسة الجمهورية تسليم النواب جوازات رسمية وأكدت أنّ رئاسة مجلس النواب لم تتلق أي ردّ من رئاسة الجمهورية حول هذا الموضوع إلى حين انعقاد جلسة في الغرض بين رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية.

الجدل الذي أثاره النائب العياري لم يكن الأول من نوعه حول موضوع جواز السفر الدبلوماسي حيث سبقته رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين التي رفعت قضية ضد وزارة الخارجية حول سحب جواز سفرها الدبلوماسي ومنعها من السفر به وإن كانت الوضعية تختلف، فحينها كان سحب جواز السفر معّللا بقرار من السلطة الأصلية المحدثة للهيئة أي مجلس نواب الشعب  بعدم التمديد لها و قرار رئاسة الحكومة بانتهاء المدة القانونية للهيئة وإنهاء مهامها وإعلامها بذلك عن طريق مكتوب رسمي ومن الطبيعي إنهاء الامتيازات بحكم انتهاء التكليف. فبن سدرين حينها لم يعد لها أي صفة رسمية للتمتع بجواز سفر دبلوماسي ووزارة الخارجية أيضا لم يعد لها أي سند قانوني لمنحها هذا الامتياز.

المشرع التونسي حدد أنواع جوازات السفر والشروط القانونية للتمتع بها من خلال القانون عدد 40 لسنة 1975 مؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر حيث قسّمها إلى ثلاث  أنواع، جواز السفر الدبلوماسي وجواز السفر الخاص وجواز السفر العادي.

جواز السفر  الديبلوماسي حددت شروط تسليمه وفقا لأمر، وهو أزرق اللون ويُمنح مجانا من طرف وزارة الخارجية لكلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ووزير الخارجية المباشر و كل من يرى رئيس الجمهورية ضرورة لتسليمه جواز سفر دبلوماسي. حسب الخبير الديبلوماسي وزير الخارجية السابق والخبير في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الخارجية أحمد ونيِس في تصريح لبيزنس نيوز وأضاف أنه لا يمكن لوم رئيس الجمهورية قانونيا في صورة عدم تسليمه لجواز سفر دبلوماسي لأعضاء مجلس النواب لكن يمكن لومه أخلاقيا وإداريا لأنّ عضو مجلس النواب هو ممثل للشعب وللوطن في الخارج وبعد تمكينه من هذا الامتياز من المجحف سحبه منه.

ويتم استعمال جواز السفر الدبلوماسي في المهمّات الرسمية ويسمح لحامله عدم الاستظهار بالتأشيرة في عدد من البلدان التي لها اتفاقيات في هذا المجال مع الحكومة التونسية ويضمن له الحصانة الديبلوماسية طيلة تواجده في الخارج ويقع ارجاعه بعد انتهاء مهام حامله إلاّ بالنسبة لرؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية السابقين.

الخبير الدبلوماسي عبد الله العبيدي في تصريح لبيزنس نيوز اليوم الإثنين 9 ديسمبر 2019،  أكّد أنّ الجدل القائم الآن حول موضوع الجواز الدبلوماسي يرجع بالأساس إلى قلّة انسجام مجلس النواب وكان من الأجدر أن لا يتمّ طرح هذا الموضوع خارج أسوار المجلس ويتمّ حله داخل الأطر القانونية والدبلوماسية مؤكدا أن جواز السفر الدبلوماسي لا يمنح صاحبه حصانة خاصة عكس ما هو شائع وغير صالح إلاّ في دول الاعتماد ولا يمكّن صاحبه من امتيازات خاصة.

وأضاف العبيدي أن المتعارف عليه في تونس هو أنّ أعضاء مجلس النواب وأعضاء البعثات الديبلوماسية المقيمين في الخارج وكذلك مستشاري رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضاء الهيئات الدستورية، يتمتعون بجواز السفر الدبلوماسي إلاّ أن رئيس الجمهورية له الحقّ في تحديد من يخول له التمتع بهذا الامتياز عن طريق أمر. وأتبع  العبيدي أنّ كل دولة لها قانونها الخاص في تسليم جواز سفر دبلوماسي، فرنسا مثلا تمكّن سياسيين ورؤساء أحزاب من هذا الامتياز و لا تقتصر على الهيئات الدبلوماسية وكذلك ألمانيا والمملكة المتحدة في حين أنّ هناك دول لا تسلّم جواز سفر دبلوماسي الا للبعثات الدبلوماسية و الوزراء. وأكّد العبيدي في نفس التصريح أنّ حمل جواز سفر دبلوماسي لا يعفي صاحبه من الإجراءات الروتينية المعمول بها مثل التفتيش في المطارات.

جواز السفر الخاص يُمنح مجانا من طرف وزارة الداخلية لعدد سامي من إطارات الدولة أثناء تكليفهم بمهام رسمية في الخارج ويقع سحبه منهم من طرف شرطة الحدود حال عودتهم من الخارج ويسمح لحامله عدم الاستظهار بالتأشيرة في عدد من البلدان التي لها اتفاقيات في هذا المجال مع الحكومة التونسية. كما أنّ جواز السفر العادي أخضر اللون وهو حق لكل مواطن حامل للجنسية التونسية ولا يسحب إلاّ بحكم قضائي بات.

يبدو أنّ الجدل الواقع حاليا حول موضوع جواز السفر الدبلوماسي له ما يبرره خاصّة في ظل الغموض التشريعي، حيث أن المتعارف عليه بين دول العالم أو في جلّها هو أن عضو مجلس نواب الشعب يتمتع آليا بجواز سفر دبلوماسي و بالحصانة أثناء قيامه بواجبه فهل سيكسر رئيس الجمهورية قيس سعيد العرف ويمنع أعضاء مجلس نواب الشعب من إجراء يتمتعون به فعلا ؟

حسام بن أحمد