alexametrics
الأولى

زواج المصالح بين اليمين و اليسار في تونس

مدّة القراءة : 3 دقيقة
زواج المصالح بين اليمين و اليسار في تونس

لا تعرف السياسة المستحيلات و بصفة خاصة لا تعرف السياسة في تونس المستحيلات ، يظهر ذلك من خلال زيجات و تقارب غريب عجيب بين توجهات و ايديولوجيات مختلفة معروفة بعدائها الشديد في عالم السياسة  .


 فعداء اليمين و اليسار في تونس تحول الى تحالفات سياسية فرضتها المصالح المشتركة ، وهو ما نشاهده اليوم في " مبادرة مواطنون ضد الانقلاب " و هي مبادرة تأسست رسميا يوم 8 نوفمبر 2021 ، و تسعى الى الغاء الحالة الاستثنائية التي اعلن عنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية الماضي . هذه المبادرة التي تتخذ المعارضة مكانا لها اليوم في الساحة السياسية  تتكون من جوهر بن مبارك اليساري الفكر ، الحبيب بوعجيلة اليميني المتشدد ، عبد الرؤوف بالطيب الديمقراطي الاجتماعي ، رضا بلحاج الذي يصف نفسه بالبورقيبي ، الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي الذي يتبع العائلة الديمقراطية الاشتراكية و هذا بالإضافة الى  سميرة الشواشي عن حزب قلب تونس الوسطي  وعبد الرحمان الادغم القيادي السابق في حزب التكتل و هو حزب ديمقراطي اشتراكي ، أحمد الغيلوفي القيادي السابق في حركة الشعب القومية الناصرية  و يسري الدالي القيادي السابق في ائتلاف الكرامة .

مبادرة مواطنون ضد الانقلاب التي تأسست لمعارضة الرئيس قيس سعيد تذكرنا بهيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات . هذه الهيئة التي تأسست سنة 2005 لمعارضة نظام الرئيس زين العابدين بن علي،  تكونت من  نشطاء سياسيين من توجهات سياسية مختلفة على غرار أحمد نجيب الشابي أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي حينها ، حمة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي  التونسي ، عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية في تلك الفترة و  سمير ديلو القيادي في حركة النهضة .

 و نشأت هذه الهيئة بالتالي من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ، الحزب الديمقراطي التقدمي ، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ، حركة النهضة ، المؤتمر من أجل الجمهورية ،  حزب العمال الشيوعي التونسي و القوميون الناصريون بتونس. و تم في اطار هذه الهيئة تنفيذ اضراب جوع  تحت شعار " الجوع ولا الخضوع "  قبيل انطلاق قمة المعلومات  للمطالبة بحرية العمل الحزبي والجمعياتي ، حرية الإعلام والصحافة و إنهاء معاناة المساجين السياسيين .

مشهد هيئة 18 أكتوبر 2005 يتكرر اليوم في مبادرة مواطنون ضد الانقلاب و رغم تغير المطالب و اختلاف الوجوه  لكن التصور السياسي هو نفسه فهو تحالف وقتي تحكمه المصالح . و الواضح من هذا التقارب أن الأيديولوجيا في هذه الأحزاب ليست مسألة مقدسة و قد تتحول و تتناسى في زخم الصراعات و الأهداف السياسية.  و يذكرنا هذه التحالف بمقولة " قلوبنا مع اليسار وجيوبنا مع اليمين " ، و يذكرنا أيضا بالتحالفات التي وقعت بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 و بعد انتخابات سنة 2014 و تحالف حزب نداء تونس مع عدوه اللدود حركة النهضة الذي أفرز مشهدا سياسيا مشوها .

فصورة  زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وهو يزور المضربين عن الطعام في اطار مبادرة مواطنون ضد الانقلاب و على رأسهم المناضل اليساري عز الدين الحزقي ، تحيلنا الى إمكانية تقارب جديد بين الإسلام السياسي و اليسار التونسي هدفه الإطاحة بالرئيس قيس سعيد . في نفس الوقت يبدو ان رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يبالي بهذه التحالفات وهو لا يبالي حتى بالاحزاب السياسية كتنظيم سياسي فهو الذي لطالما أشاد بالبناء القاعدي و الديمقراطية الشعبية يرى في الاحزاب السياسية مصدر كل الشرور . 

رباب علوي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter