عودة فزّاعة الإرهاب من جديد إلى تونس
يعيش الرّأي العام التونسي منذ أسبوع على خبر مفاده إنطلاق تركيا في ترحيل الإرهابيّين المحتجزين إلى بلدانهم الأصليّة، من ضمنها تونس عبر مطار النفيضة ابتداء من يوم أمس الإثنين. وتداولت العديد من المواقع والصفحات الفايسبوكيّة أنّ عدد السجناء التونسيين من الدواعش لدى تركيا يقدر بحوالي 470 عنصرا بعضهم من النسوة والأطفال.
المتحدث باسم وزارة الداخلية التركية، اسماعيل جاتاكلي، أعلن يوم الاثنين، بدء ترحيل الإرهابيين الأجانب إلى خارج الحدود التركية. وقد تمّ ترحيل إرهابي أمريكي بعد إتمام إجراءاته القانونية في مركز الترحيل، كما أنّ السلطات التركية تعتزم ترحيل إثنين آخرين أحدهما ألماني والآخر دنماركي، ليصل إجمالي المرحّلين يوم الإثنين إلى ثلاثة إرهابيين. كما أشار إلى انتهاء إجراءات ترحيل 7 إرهابيين يحملون الجنسية الألمانية، وأنه سيتم ترحيلهم يوم 14 نوفمبر الجاري.
اسماعيل جاتاكلي أكّد أنّ تركيا عازمة على ترحيل الإرهابيين الأجانب الذين ألقي القبض عليهم في سوريا، إلى بلدانهم. ولفت جاتاكلي إلى وجود 11 فرنسيا وإثنين يحملان الجنسية الأيرلندية في مراكز الترحيل التركية، وأن إعادتهم إلى بلدانهم ستتم فور الانتهاء من إجراءات الترحيل المتخذة بحقهم. كما أنّ وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أكّد أن بلاده ستبدأ بإعادة عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، إلى بلدانهم، اعتبارا من الإثنين المقبل. الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، صرّح يوم الجمعة الفارط أنّ هناك 1201 من أسرى تنظيم ''داعش'' في السجون التركيّة واحتجزت أنقرة 287 متشدّدا في سوريا.
خلقت هذه التصريحات والأخبار، حالة توتّر في التونسيّين وارتكزت مشاغلهم على عودة الإرهاب بقوّة لتونس، كيف لا وتونس منذ سنة 2012 إلى حدود 2016 شهدت العديد من عمليات تسفير المقاتلين إلى بؤر التوتّر وكانت تركيا نقطة عبور الإرهابيّين من مختلف الدّول في اتّجاه سوريا. زد على ذلك، فقد أعلنت وزارة الداخلية التونسيّة أنّ عدد التونسيين الذين انضموا، بعد سنة 2011، الى تنظيمات إرهابية تقاتل خصوصا في سوريا والعراق، بحوالي ثلاثة آلاف شخص.
النقابة الأساسية لشرطة الحدود بمطار النفيضة الحمامات الدولي كذّبت يوم الإثنين في بلاغها هذه الأخبار واعتبرت نيّة ترحيل تركيا دفعة من الإرهابيين إلى تونس مجرّد إشاعات ''مجانبة للصّحة ولا أساس لها''، تمّ ترويجها في صفحات التواصل الإجتماعي بالفايسبوك. كما أنّها لمّحت إلى أنّ هذه الإشاعات من شأنها أن تُثير خوف وتأجيج الرّأي العام، وطمئنت التونسيّين بأنّ وحدات شرطة الحدود بجميع المطارات الوطنيّة والمعابر الحدودية وكافّة الأسلاك الأمنية على جاهزية عالية ولها معنويات مرتفعة لدحض أي خطر يمس من الأمن القومي.
وبعد انتشار هذه الأخبار بشكل واسع وتداولته العديد من الصفحات على موقع التواصل الإجتماعي بالفايسبوك، نشرت وزارة الداخليّة بلاغا أكّدت فيه أنّه لا صحّة لتلك الأخبار، وأنّه لن يتمّ إعادة مقاتلين ينتمون إلى تنظيمات إرهابيّة إلى تونس. وبيّنت الوزارة أنّ كلّ شخص ثبُت انخراطه في تنظيمات إرهابيّة خارج الحدود التّونسيّة ومشاركته في أعمال إرهابيّة، تتمّ إحالته فور عودته إلى أرض الوطن على الهياكل القضائيّة المختصّة ممثّلة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب حتّى يتّخذ ما يراه صالحا في شأنه، تبعا للقوانين الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات.
حتى أنّ رئيس اللّجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، مختار بالنصر، أكّد أنّه لم يتوفّر له معلومات إن كانت تونس من بين الدّول المعنيّين بمسألة إنطلاق تركيا في ترحيل الدواعش المُحتجزين لديها إلى بُلدانهم. كما نفى سفير تركيا الجديد لدى تونس، علي أونانير، أن تكون بلاده نقلت مقاتلين من تنظيم "داعش" الإرهابي من سوريا إلى ليبيا، وتونس، مفيدا أنّ هذا إتّهام سخيف يحاول البعض تعميمه كدعاية كاذبة، وأكّد أنّ تركيا توجد في الخط الأمامي لمكافحة داعش. وأشار إلى أنّ هناك "تعاونا مثاليّا" بين أجهزة الاستخبارات والأمن التركية ونظيرتها التونسية، خصوصا في مجال "تبادل المعلومات".
شبح الإرهاب يخيّم من جديد وبقوّة على المناخ التونسي، من عودة إرهابيّين إلى تونس من تركيا، بالإضافة إلى تصريحات أمنيّين بوجود مخازن للأسلحة بأحد مناطق ولاية سوسة، وأنّ هذه الأخيرة تمّ توزيعها على الإرهابيين ووزارة الداخليّة تنفي ذلك وتعتبره ترهيبا للتونسيّين وبثّا للخوف.
تونس ليست استثناء، معلوم أنّ ترحيل الإرهابيّين إلى بلدانهم من قبل تركيا سيشملها، وهذا إن تمّ سيشكّل خطرا على بلادنا وعلى أمننا القومي. وهذا يجعلنا نتمعّن في مدى جاهزيّة سجون تونس لإستيعاب هذا الكم الهائل من الإرهابيّين المتشبّعين بالفكر المتطرّف وبثقافة القتل والدّم وفي مدى قدرة وحداتنا الأمنيّة على مراقبة هذه العناصر الخطيرة. كما أنّ وجود هذه الجماعات الإرهابيّة في بلادنا، إن صحّ الأمر، سيمنح شرارة أمل إلى الإرهابيين المختبئين في الجبال وكلّ الخلايا النّائمة على تدعيم أسطولهم، ذلك أنّ الإرهابيّين المُرحّلين مهما طالت مدّة سجنهم أو قصُرت سيكونون خزّانا بشريا للعناصر المختبئة.
وزيرالداخليّة التركي، سليمان صويلو، أكّد أنّ تركيا ستُعيد كلّ المقاتلين في صفوف داعش الإرهابي والذين تمّ القبض عليهم إلى بلدانهم الأصليّة حتى ولو كانوا تجرّدوا من جنسياتهم. بين نفيّ من وزارة الدّاخليّة التّونسيّة وتأكيد من وزارة الداخليّة التركيّة، يبقى التونسي في حالة ضياع كلّي والحقيقة غير واضحة.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires