حوار وطني حول النقل: هل يكون حلا في ظلّ بيروقراطية عميقة ؟

انطلقت الحكومة  ووزارة النقل منذ الأسبوع الماضي في الحوار الوطني حول النقل، بالتشارك مع مختلف المتداخلين في القطاع، من إطارات الوزارة ورؤساء مديرين عامين بالقطاع العام والخاص،ومنظمات وطنية وبلديات وشركات النقل الجهوية، وتأتي هذه المبادرة بهدف إيجاد إستراتيجية شاملة لمعالجة مشاكل القطاع تمهيدا للمخطط المديري حول النقل تونس 2040.

حوارات جهوية حول النقل

وتضمن برنامج عمل هذا الحوار الوطني خمسة مراحل أساسية ابتداء من القيام بحوارات جهوية بتنظيم من الولاة في كل ولاية خلال يومي 26 و 27 أفريل الماضي، بإشراف أعضاء من الحكومة ومؤسسات راجعة لوزارة النقل على المستوى الجهوي وبالاشتراك كذلك مع المنظمات المهنية والبلديات ومكونات المجتمع المدني وأعضاء مجلس النواب.

ملتقى حول السلامة المرورية

وتمّ يوم 29 أفريل وبإشراف من وزير النقل هشام بن أحمد تنظيم ملتقى حول السلامة المرورية في مجال النقل العمومي والتنقلات الحضرية المستدامة والتوقيع على اتفاق تعاون بين الشركات الوطنية والجهوية الناشطة في مجال النقل الحضري والجهوي والاتحاد الدولي للنقل العمومي، ويهدف هذا الاتفاق الى تبادل التجارب والخبرات في مختلف المحاور ذات الصلة بالنقل الحضري والنقل العمومي من خلال المشاركة في الندوات والتظاهرات الإقليمية والدولية والدورات التكوينية  وتنظيم تظاهرات مشتركة بتونس وكذلك النفاذ إلى قاعدة المعطيات والدراسات والبحوث التي يعدّها الاتحاد الدولي حول النقل.

وقد أفرزت هذه اللقاءات الجهوية بجملة من التوصيات وتواصل يوم 30 أفريل عقد ندوة حول المخطط المديري الوطني للنقل في أفق 2040 قدم خلالها مكتب الدراسات المكلف من قبل وزارة النقل نتائج هذه الدراسة وتوصياتها.

المخطط المديري الوطني للنقل 2040

سيقع الاستعداد لتنفيذ المخطط المديري الوطني للنقل تونس 2040 من خلال إعادة النظر في السياسات العامة القطاع وتطويره ودراسة المعطيات الكمية حول العرض والطلب وبلورة التوجهات العامة للقطاع على مدى المتوسط والبعيد وتحديد البرامج والمشاريع المبرمجة لتوفير منظومة نقل شاملة بما يساهم في التنمية الاقتصادية.

عرض التوصيات والمخرجات

وتمّ اليوم الجمعة 3 ماي 2019 عرض نتائج وتوصيات ومخرجات الحوار الوطني لاختتام أشغال أسبوع النقل خلال لقاء بمدينة الثقافة، بإشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبمشاركة مختلف الأطراف كالاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وبحضور وزيرة المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي وكاتب عام الحكومة رياض الموخر ووزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي.

وأكد وزير النقل في كلمته خلال الحوار الوطني أنه تم انجاز حوارات جهوية تهم النقل البري والبحري والجوي خلال يومين ب 23 ولاية باستثناء ولاية سيدي بوزيد إذ تزامن إجراء الحوارات الجهوية مع فاجعة السبالة، وتمّ رصد جميع التشكيات ومشاكل قطاع النقل في كل الجهات خلال الحوارات الجهوية كما تم طرح توصيات في الغرض حول ميناء رادس وميناء النفيضة مشيرا أنهما بصدد استكمال طلب العروض.

كما تابع الوزير أن إشكال الخطوط التونسية سيقع تجاوزه في غضون شهر من خلال إجراءات عاجلة ولوجيستية إضافة لتجهيز أراض لإنجاز مشاريع.

وأشار بن أحمد أن مشروع مترو صفاقس في آخر لمساته واستكمل كل الدراسات وتم إنهاء طلب العروض.

ومن جهته قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال إشرافه على الحوار الوطني، إن قطاع النقل يعتبر من القطاعات الحيوية بما أنه يهم الحياة اليومية للمواطن ويمثل نسبة 7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام ويمثل 12 بالمائة من نسبة الاستثمارات مشيرا إلى أن الحوارات الجهوية والتوصيات، أخذت بعين الاعتبار ثلاث محاور أساسية سيقع التركيز عليها وهي:

اللامركزية

أوضح الشاهد أن برنامج النقل سيتضمن إجراءات تضمن تصرف الجهات بهدف دعم اللامركزية لافتا إلى انه سيتم ضخ اعتمادات لتنفيذ كل مخرجات الحوار الوطني التي ستطبق في مجلس وزاري.

المرأة الريفية

أكد رئيس الحكومة أنه سيقع وضع إستراتيجية كاملة لنقل المرأة الريفية بما يضمن شروط السلامة.

ذوي الاحتياجات الخصوصية

بيّن رئيس الحكومة أنه سيقع إبلاء أهمية لذوي الحاجيات الخصوصية من خلال اقتناء وسائل نقل تلاءم حاجياتهم.

وقدمت المكلفة بمهمة لدى وزير النقل سارة رجب مختلف توصيات الجهات وأهمها مراجعة قانون 33 لسنة 2004 المتعلق بالنقل البري وايلاء أهمية لدور البلديات والتخفيض في سعر الوقود أو دعمه وفتح خطوط جديدة لربط المناطق النائية مشيرة إلى توصيات ولاية أريانة بخصوص ربط منطقة رياض الأندلس وسيدي ثابت بالسكة الحديدية وتوصيات ولاية تطاوين بإحداث شركة جهوية للنقل وولاية مدنين بالإسراع في ربط الخط الحديدي قابس مدنين وإحداث مترو نابل.

كما عرضت رجب نتائج الاستبيان الذي نشرته الوزارة على بوابتها لتشريك المواطنين في الحوار والكشف عن توصياتهم ورصد كل تشكياتهم، وأشارت أن 42 بالمائة من المواطنين ينتظرون يوميا وسائل النقل لأكثر من ساعة وغيرها من التشكيات التي تجعل من قطاع النقل يحتاج لإعادة هيكلة.

وأكد رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول خلال كلمته على هامش الحوار حول النقل أن قطاع النقل هو مجال للاستثمار داعيا إلى التخفيض من المحاضر البوليسية المسلطة على سواق سيارات الأجرة تاكسي وغيرها من وسائل النقل.

وأكد الأمين العام المساعد باتحاد الشغل صلاح الدين السالمي أن أوضاع مختلف مؤسسات النقل العمومية متردية وتحتاج للمعالجة ولا سيّما إشكال المديونية التي أثرت حتى على الشركة التونسية للكهرباء والغاز

 والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إضافة لتعطل نقل فسفاط قفصة مشيرا إلى وجود سوء تصرف كبير في الموارد البشرية.

وباختتام كل هذه التوصيات والملاحظات ، من المنتظر أن يقع تنفيذ جل هذه المخرجات في مجلس وزاري وفق ما أكده رئيس الحكومة الذي اعتبر أن هذا الحوار الوطني الثاني من نوعه بعد الحوار الوطني حول الصحة وسيقع العمل عليه في القريب العاجل.

تبقى كل هذه المشاريع رهينة التنفيذ الجدّي والإرادة القوية حيث أن البيروقراطية الإدارية المتعمقة في تونس يمكن أن تحول دون تنفيذ أبسط المشاريع مما يجعل الأجدر معالجة البيروقراطية الإدارية من جذورها لضمان النفاذ الفعلي للمشاريع ولإصلاح قطاع حيوي بحجم قطاع النقل، كما أن غياب التوعية اللازمة بالمحافظة على المكاسب العمومية من مختلف وسائل النقل تظل عائقا ينضاف لمشاكل هذا القطاع، حيث تشهد مختلف وسائل النقل العمومي تخريبا يوميا لمعداتها وأبواب القطارات ونوافذها وتجهيزات الحافلات بحيث أن الانطلاق في الإصلاح يفترض نوعا ما الانطلاق في حوار وطني لتوعية المواطنين بالمكاسب العمومية.

سناء عدوني