alexametrics
الأولى

حوار وطني وُلد ميّـــتا

مدّة القراءة : 2 دقيقة
 حوار وطني وُلد ميّـــتا

من مقبرة (روضة ال بورقيبة بالمنستير)، أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد عن انطلاق حواره- مونولوغه الوطني الذي اصطفى المشاركين فيه بحذر مخافة أن يجلس رئيس 'الشعب يريد' الى طاولة نقاش تضم أعداء 'الشعب'. هدفُ الحوار الوطني المتعارف عليه، هو إيجاد حلّ للتأليف بين الخصوم، على قاعدة الوحدة الوطنية والمصلحة الفضلى، الا أنّ بعض الاضاءات القليلة التي قدمها سكان قرطاج عن ملامح حواره -الخارق للعادة، يبدو أنه لن يكون حوارا فعليّا.

الروايات متضاربة بشأن انطلاق الحوار من عده، ففيما يعبر عميد المحامين إبراهيم بودربالة عن مساندته اللامشروطة لرئاسة الجمهورية وتمشيه الفردي، ويؤكد أن لقاءات المنظمات الوطنية هي أول مراحل الحوار، نجد أن المنظمة الشغيلة ورابطة حقوق الانسان يعتبران أن قطار الحوار لم يغادر بعدُ محطته الأولى وأن ضمانات رئيس الدولة لا تكفي للانطلاق في نقاش عام معمّق حول الوضع الكارثي للدولة. الطبوبي، كان أول معارضي الرئيس في تمشيه هذا معتبرا أن لقاءهُ المكتب التنفيذي ليس الا اجتماعا بروتوكليا ولا يمكن بناء حوار وطني على أساسه.

 

يحاول قيس سعيد استنساخ تجربة الحوار الوطني 2014 الحاصل على جائزة نوبل للسلام، مؤطرا الحوار عبر المنظمات الوطنية التي يرى أنها الأجدرُ بالثقة والأكثر تحليا بالجدية والحياد، لكن محاولة إعادة انتاج تجربة طالما ردد سعيد أنها فاشلة وغير حقيقة وخُدعة، لن تنتج سوى نسخة مشوهة أحادية تفرّق أكثر من محاولتها التجميع، وتغيبُ عنها  أبجديات 'الوطنية' وقواعد 'الحوار'.

لن يضم الحوار سوى مساندو الرئيس وأنصار الإجراءات الاستثنائية الأبدية، والمؤمنون أنّ حالة الاستثناء تسمحُ بالديكتاتورية، وأن الفصل 80 يتيح للرئيس السلطة المطلقة في تسطير مستقبل تونس، نظامها السياسي، نظامها الانتخابي، ودستورها القادم.

بصفة الية، أقصى رئيس الجمهورية جميع الأحزاب ورجالات الدولة ومنظمات المجتمع المدني التي شاركت في العشرية الأخيرة، بتعميم وحيد، أسقط الرئيس من طاولة حواره مئات الشخصيات، مرددا في كل مناسبة  أن الحوار " لن يكون إلا مع الصادقين والوطنيين ولن يكون مع من اختار نهج العمالة والارتماء في أحضان الخارج يألبه على وطنه" .

 

سيكون الحوار الوطني المرتقب اذا، مستندا على أن نتائج الاستشارة الوطنية التي لم يشارك فيها سوى 500 الف مواطن. يكرر سعيد أن الاستشارة " لا لبس فيها وتم اعتمادها في عدة دول" الا أننا لا نعلم أي دول خاصة انه يعتبر أنها شكل مستحدث من الحوار كونها "الكترونية" . في هذا السياق أكد سعيد  أن الاستشارة هي قاعدة " لحوار وطني حقيقي وليس حوارا على شكل الحوارات المزيفة".

بعد مرور 3 اسابيع على نهاية الاستشارة الالكترونية التي تأخرت بدورها مؤخرة كامل الروزنامة الرئاسية، لا أثر لأي حوار وطني في الأفق، معارضو الرئيس يزدادون، وحتى مساندوه يبدون تحفظا، بيانات السفارات الأجنبية تتوالى، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في أسفل سلم الأولويات.

 الكل يدعي أنه يملك الحلّ والحقيقة والكلّ يرحب بالحوار والكل يريدُ حوارا مشروطا على المقاس والكلّ يريد اقصاء الكلّ، فمع انحسار دور الأحزاب وفي غياب البرلمان، تعقدت  الازمة السياسية واتسعت الهوة بين مكونات المشهد السياسي وتضاعفت راديكالية البعض في الاصطفاف اما بشراسة خلف رئيس الدولة او خلف معارضيه من الإسلاميين والأحزاب الديمقراطية كالتيار والجمهوري والتكتل ومن المبادرات مثل مواطنون ضد الانقلاب.

 

ماذا ستكون الخطوة القادمة؟ حوار دون متحاورين؟ أم تعيين لجنة لاعادة صياغة الدستور؟ وفي حال التمسك بـ 17 ديسمبر 2022 تاريخا للانتخابات التشريعية، متى سيقوم سعيد بتغيير النظام الانتخابي وعلى أي أساس ستتم الانتخابات؟ 25 جويلية، تاريخ الاستفتاء يطل برأسه، فما هو مضمونه وأسئلته ومن سيعدها؟ جميعها أسئلة دون إجابة.

 

تجاوز سعيد احتكار الحوار الوطني، الى إقرار طريقة التصويت في التشريعيات القادمة معلنا  أنّ التصويت في الانتخابات التشريعية القادمة سيكون على الأفراد وليس على القائمات وفي دورتين. لم يتوقف عند هذا الحد، لم يضع سعيد لائحة لمن يُسمح له في الحوار الوطني فقط... بل حدد سعيد، من المسموح له المشاركة في الانتخابات :  شدد قيس سعيد "أنّ البرلمان المقبل سيكون معبراً عن إرادة الشعب بأمانة وصدق، عكس ما حصل في العقود الأخيرة" وأن " اللصوص والانقلابيين" لن يشاركوا في الانتخابات.

 

عبير قاسمي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter