الإتحاد للحكومة: إذا أردتم السلام، استعدّوا للحرب
نفّذ الإتحاد العام التونسي للشغل يوم الخميس 17 جانفي 2019 إضرابا عاما في القطاع العام و الوظيفة العمومية بعد فشل ماراطون المفاوضات مع الحكومة حول الزيادة العمومية، و خلال يوم الإضراب و على هامش التجمع العمالي في بطحاء محمد علي، واصلت قيادات الإتحاد في المسار التصعيدي و كيل التهم للحكومة و إعتبارها فاقدة لإستقلالية القرار الوطني و رهن البلاد لصندوق النقد الدولي، كما أعلن الأمين العام نور الدين الطبوبي خلال مداخلته أن المكتب التنفيذي الوطني للمنظمة الشغيلة دعا إلى انعقاد هيئة إدارية وطنية يوم السبت 19 نوفمبر لإتخاذ جملة من الخطوات التصعيدية في ظل إستمرار تمسك الحكومة بعدم تلبية مطالب الإتحاد في علاقة بالزيادة في أجور الوظيفة العمومية.
و بعد تنفيذ الإضراب و تحقيقه لنسب نجاح قياسية، ظهر رئيس الحكومة يوم الجمعة 18 جانفي 2019 خلال زيارة لمصنع ساجام كوم و تكلم بعقلانية محاولا تهدئة الأوضاع مع المركزية النقابية للإتحاد و إتبر أن الطرف الذي انتصر في الإضراب هي الديمقراطية و الحكومة لا تتعامل مع الإتحاد بمنطق الغالب و المغلوب والإضراب شكل من أشكال التعبير في الأنظمة الديمقراطية، رغم أن الإضراب كان مكلفاً في وقت تحتاج فيه البلاد إلى العمل والإنتاج و مضاعفة الجهود.
كما أعلن يوسف الشاهد عن إستئناف المفاوضات و كلّف الوفد الحكومي بعقد جلسة مع الاتحاد في الأسبوع المقبل و مواصلة الحوار مع الشريك الإجتماعي من أجل إيجاد الحلول.
في نفس السياق أكد محمد الطرابلسي وزير الشؤون الإجتماعية أن جلسات الحوار والتفاوض مع الإتحاد ستنطلق بدءا من الأسبوع القادم و أن الحكومة قريبة جدا من توقيع اتفاق نهائي مع الإتحاد.
وأشار إلى أن التشاور تم استئنافه مع الإتحاد منذ اليوم الثاني للإضراب مؤكدا أن المسائل الأساسية المتعلقة بفحوى الإتفاق تم التوصل لها و التفاهم حولها ولم يتبق إلا بعض المسائل التي تتطلب مزيدا من الحوار والتفاوض .
إنعقدت يوم السبت 19 ديسمبر 2019 بالحمامات، الهيئة الإدارية الوطنية للإتحاد العام التونسي للشغل و التي قرّرت الدخول في إضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام كامل يومي الأربعاء 20 فيفري والخميس 21 فيفري 2019 في تصعيد غير مسبوق في تاريخ المنظمة، و رغم عديد محاولات التهدئة و خاصة بعد دعوة رئيس الحكومة لإستئناف الحوار إلا أن الإتحاد واصل نهجه التصعيدي و قد تضمن البلاغ الختامي للهيئة الإدارية إتهامات للحكومة بشنها حملات تشويه و شيطنة ضدّ الاتحاد، كما إستنكرت إصرار الحكومة على عدم الاستجابة لإستحقاق الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية، وإستمرار التفصّي من التزاماتها بعدم تطبيق أغلب بنود الاتفاق في القطاع العام الخاصّة باستكمال التفاوض في القانون العام للمنشآت والدواوين والبدء في مراجعة الأنظمة الخصوصية وتشكيل لجان مشتركة لإصلاح المؤسّسات العمومية والتحكّم في الأسعار ومراجعة مسالك التوزيع، بما يوتّر المناخ الاجتماعي ويؤكّد خضوع الحكومة التام إلى تعليمات خارجية ورهنها القرار السيادي الوطني لدى الدوائر الأجنبية.
و قد تناول أعضاء المركزية النقابية و على رأسهم الطبوبي مسألة السيادة الوطنية في جميع المنابر الإعلامية و قاموا بكيل الإتهامات للحكومة برهن البلاد و قرارها
السيادي لدى الدوائر الأجنبية و هو ما تواصل في بيان ذكرى تأسيس الإتحاد يوم السبت 19 جانفي 2019، الذي دعت فيه المنظمة الشغيلة إلى ضرورة البحث عن خلاص وطني من السياسات التي كرست دكتاتورية المديونية وارتهان السيادة الوطنية للصناديق الأجنبية وهو ما خلف إقتصادا هشا عقيما، أمام صمت الحكومة التي تجاوزتها الأحداث في علاقة بصندوق النقد الدولي و الإصلاحات التي طلبها لكي يواصل صرف القروض لتونس.
و دعت الهيئة الإدارية إلى حلّ الأزمة السياسية المخيّمة بضلالها على كلّ الأوضاع الداخلية في ظل إستمرار التجاذبات السياسية وحمّى الانتخابات التي تدافعت العديد من الأطراف على التسابق من أجلها بالسعي إلى توظيف بعض الملفّات الاجتماعية والاقتصادية لخدمة أجندات الحملات الانتخابية السابقة لأوانها وفِي نفس الوقت إهمال معالجة الملفّات الوطنية.
يبدو أن الإتحاد العام التونسي للشغل وصل إلى نقطة اللاّ عودة ، فرغم إقرار الإضراب لمدة يومين في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، أكد الأمين العام المساعد المسؤول عن الشؤون القانونية حفيظ حفيظ، أن الاتحاد سيقاضي الحكومة يوم الاثنين 21 جانفي الجاري حول تسخير أعوان للعمل يوم إضراب 17 جانفي 2019.
من جهته إعتبر الأمين العام المساعد سامي الطاهري أن الخطوات التصعيدية ستكون الجواب المناسب للإستهتار الذي أبدته الحكومة في المفاوضات والطريقة الصماء التي تعاملت بها مع مطالب المنظمة الشغيلة.
بدوره قال الأمين العام نور الدين الطبوبي، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال الهيئة الإدارية بالحمامات، "أقسمت بأغلظ الأيمان أن تكون للوظيفة العمومية زيادة في الأجور مثل القطاع العام".
"إذا أردت السلام فإستعدي للحرب" ، هذا ما يفسر توجه الإتحاد العام التونسي للشغل نحو التصعيد الأقصى في سلمه النقابي و ذهابه إلى أبعد الحدود في معركته مع الحكومة حول الزيادة في أجور الوظيفة العمومية، و في ظل الدعوات إلى تغليب المصلحة الوطنية و إستئناف المفاوضات بين الطرفين، هل سيتنهي هذا المسلسل الطويل بإستجابة الحكومة لمطالب المنظمة الشغيلة ؟
أحمد زرقي
تعليقك
Commentaires