alexametrics
الأولى

إمرأتُنــا.. في التشريعِ والمُجتمع

مدّة القراءة : 5 دقيقة
إمرأتُنــا.. في التشريعِ والمُجتمع

لاشكّ أننا نبهجُ جميعنا، لسماعِ تراتِيبنا المشرفة كلبد نامٍ، في مجالي حقوق الإنسان وحقوق المرأة. نطربُ لمن يُمجّد تجربتنا الفتيّة ويشيد بتميّز تونس عن نظيراتها من دول الجوار، بترسانة قانونية تحمي المرأة وبنسب هي الأعلى عربيا في ريادة المرأة مجتمعيا. لكن يبدو أن إنتشاءنا بهذا الـغزل العالميّ أعمانـا عمّا مازال -منذ الإستقلال- منقوصًا.

 

القانون، ينّظم الحياة ولكنّـه لايصنع وعيا، تطبيق القانون والإرادة السياسية الحقيقية هي من تصنع وعيا. منذ 48 ساعة، جاءنا الموتُ من سيدي بوزيد، واضحًا، أحمرًا قانيا على الإسفلتْ الخشن. 12 عاملة وعاملا فلاحية قـَضَوْا، زُهقت أرواحهم تحت حديد عربات العملاق الياباني "isuzu". كانوا في طريقهم الى إحدى الضيعات الفلاحية للعمل، معظمهم من قرية واحدة ويحملون نفس اللّقب. حادث مأساويّ-سيرياليّ أعاد إلى الواجـهةِ السؤال عن وضعية النقل الفلاحي في تونس، ناهيك عن تشغيل القُصّر والعنف الإقتصادي ضد المرأة، وعدم إحترام مجلة الشغل وغياب نظام الضمان الإجتماعي. مثال واحد من نسوة المغيلة قادر أن يرينا كل مواطن النقص، التي قد تشوّه صورتنا المثالية -لا سمح الله- عن المرأة التونسية " البيّة" وحياتها الرائعة في بلد يطيب في العيش- جدّا.

 

جائزة نوبل للسلام؟

الجمعة 14 أكتوبر 2016، أمضى كلّ من وزارة المرأة والأسرة والطفولة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بروتوكول اتفاق لوضع كراس شروط ينظم نقل العمّال والعاملات في القطاع الفلاحي. ينصّ الاتفاق على مباشرة إعداد كراس شروط ينظّم نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي، وإحداث لجنة ترأسها وزيرة المرأة وتتركب من أعضاء ممثلين عن المنظمات الوطنية والهياكل الحكومية المعنية ويعهد إليها إعداد كراس الشروط المذكور. ومن أهم بنود الاتفاق هو التزام اللّجنة بتقديم أشغالها في أجل أقصاه شهرا من تاريخ إمضاء هذا البروتوكول. 3 سنوات مرت ولم يتم اعداد صفحة من كراس الشروط المنشود، التي صادق على انجازه-رعايته منظمتان سبقا وتحصلا على جائزة نوبل للسلام في 2015. بناء على نصّ البروتوكول وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السّن نزيهة العبيدي، هي رئيسة اللّجنة التي ستعد كراس شروط يُنظم نقل العمّال والعاملات في القطاع، بمشاركة المنظمات الموقعة على الاتفاق. هذه الأطراف الذي ائتمنها الفلاحون والفلاحات على حمايتهم من شاحنات الموت، قد "تبدي قلقها" .."تطالب السلطات بالتحرك".. تعزي عائلات الضحايا وتنشر الصور على صفحاتها.. لكنها تأبى أن تلتزم بتطبيق بروتوكول كان يمكن أن يجنبنا كارثة وطنية. وزيرة المرأة نزيهة العبيدي كانت قد صرحت عقب هذه الفاجعة أن كراس الشروط لا يمكن أن ينفذ دون تنقيح قانون النقل البري. اذن اضافة الى الأطراف المذكورة تنضاف الى لائحة المقصرين السلطة التشريعية، مجلس نواب الشعب.

 

قانون النقل البري، هل مازال صالحا لهذا الزمن؟

الفصل 33 من قانون النقل البري يخضع تعاطي نشاط كراء كل صنف أو مجموعة أصناف من العربات المعدة لنقل الأشخاص أو البضائع لكراس شروط وتصريح مسبق لدى المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالنقل. وتتم المصادقة على كراس الشروط المذكور بقرار من الوزير المكلف بالنقل. هذا هو الفصل اليتيم الذي يمكن تنزيله على قضية النقل الفلاحي. فصل فضفاض لايحدد طبيعة النشاط التي تتعطاه العربات، ولا يحدد شروط السلامة، ولا يخص قطاع الفلاحة الذي يختلف عن نقل البضائع والأشخاص بأحكامه الخاصة.هي اذن معضلة قانونية تتمثل في عدم امكانية تنفيذ كراس شروط النقل الفلاحي دون حاضنة أو دعامة قانونية واضحة وصريحة. وللتذكير فان حركة النهضة كانت تقدمت بمبادرة تشريعية منذ جانفي 2019 لتنظيم نقل عاملات وعمال القطاع الفلاحي.

 

قانون العنف ضد المرأة

يعرف هذا القانون العنف كل فعل أو امتناع عن فعل من شأنه استغلال المرأة أو حرمانها من الموارد الاقتصادية مهما كان مصدرها كالحرمان من الأموال أو الأجر أو المداخيل، والتحكم في الأجور أو المداخيل، وحضر العمل أو الإجبار عليه. ويعرف التمييز ضد المرأة : كل تفرقة أو استبعاد أو تقييد يكون من آثارها أو أغراضها النيل من الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات على أساس المساواة التامّة والفعلية في الميادين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،

الفصل 6، تتخذ الدولة كل التدابير اللازمة للقضاء على كل الممارسات التمييزية ضد المرأة خاصة على مستوى الأجر والتغطية الاجتماعية في جميع القطاعات ومنع الاستغلال الاقتصادي للمرأة وتشغيلها في ظروف قاسية أو مهينة أو مضرة بصحتها وسلامتها وكرامتها. هذا قول القانون لعل فيه الفصل بين التشريع وتطبيقه، اذ يكون أجر المرأة 10دينار فيما يكون اجر الرجل15 دينار. 70من العاملين في الأراضي الفلاحية هن نساء، يقمن بنفس الأعمال الشاقة ل12 ساعة بفترة راحة لا تتجاوز الساعة، يعملن في ظروف لا انسانية، ويتم نقلهن بظروف لا انسانية، هذه الممارسات تتعارض ومقتضيات المواثيق الدولية الضامنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أضف لذلك تشريعاتنا الوطنية التي نفخر بها أمام أنظار العالم.

 

مجلة الشغل

80 بالمائة من النساء الريفيات تعملن دون عقود عمل خلال فترة العمل الموسمي ودون راحة أسبوعية، 35بالمائة من النساء في تونس ناشطات كعاملات في القطاع الفلاحي، تعمل 450 ألف امرأة في المستغلات الفلاحية الصغرى، حسب احصائيات وزارة التكوين المهني والتشغيل. ساعات العمل في القطاع الفلاحي تمتد من الساعة الرابعة فجرا إلى الخامسة مساء، وهي فترة تتجاوز مدة العمل المسموح بها في في مجلة الشغل التي تؤكد على أن عدد ساعات العمل بالمؤسسات الفلاحية محدد ب 2700 ساعة عمل في السنة باعتبار ثلاث مائة يوم عمل وتقر بحق العامل في راحة أسبوعية، وساعات إضافية.99 بالمائة من الريفيات  يعملن في القطاع الفلاحي لأكثر من 9 ساعات، وتفيد احصائيات وزارة المرأة والأسرة والطفولة أن 12 بالمائة فقط من العاملات في القطاع الفلاحي يتمتعن بالتغطية الاجتماعية في حين أن الفصل عدد 94 من مجلة الشغل ينص على أن العاملين لوقت جزئي في القطاع الفلاحي يخضعون لنظام الضمان الاجتماعي ونظام جبر الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.

 

  قانون مكافحة الاتجار بالبشر

القانون الأساسي 61 لسنة 2016 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر يهدف الى منع أشكال الاستغلال التي يمكن تطال المواطنين وخاصة النساء والأطفال. ينطبق هذا القانون على حالة العاملات في الفلاحة والقصر الذين يشغلهم أصحاب الضيعات، اذ تتمثل العملية في سمسرة بين صاحب الضيعة وسائق الشاحنة كي يوفر له يد عاملة رخيصة مقابل مبلغ مالي. هي اذن سمسرة في الأشخاص يتلقى عليها الطرفان خدمة فيما يقومان باستغلال النساء والأطفال بأجرة بخسة لأكثر من 12 ساعة دون أدنى شروط الحماية. هي ممارسة شبيهة بالرق يكون فيها أحد الطرفان في حالة خضوع واستغلال واستضعاف فيما يتمتع الثاني بربح مادي نتيجة استغلال الطرف الأول. كما يمنع استغلال القصر اي الأطفال دون سن 18 الذين يستغلهم أصحاب الضيعات بعد انقطاعهم عن الدارسة للعمل في أنشطة فلاحية صعبة ومرهقة دون أي احترام لحقوق الطفل.

 

 العديد من الوزارات تتداخل في هذه القضية، وزارة المرأة، الداخلية، والفلاحة. لكن تصريحات وزرائها لا ترقى لإمتصاص الغضب اثر هذه الفاجعة ولا تصلح لمواساة واحتواء الحزن الذي غيم على المضيلة-وعلى تونس. حيث صرحت نزيهة العبيدي وزيرة المرأة أن الحكومة لا تتحمل مسؤولية الحادث. وصرح سمير بالطيب أن وزارته لم تتمكن من القضاء على شبكات النقل العشوائي، فيما اكتفى وزير الداخلية هشام الفوراتي بالترحم على أرواح الضحايا وإعلان "فتح تحقيق"..

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter