الازمة الحقيقية في تونس هي الازمة الاخلاقية
تسعى تونس الى الخروج من الازمة الاقتصادية التي تعيشها منذ سنوات و التي زادت حدتها مع انتشار فيروس كورونا و تحاول بشتى الطرق البحث عن استثمارات و تمويلات جديدة في نفس الوقت تعيش تونس ازمة اعمق و اخطر من الازمة الاقتصادية و هي أزمة أخلاقية و التي انتقلت من أبواب المنازل المغلقة الى المؤسسات السيادية و بالتحديد الى مجلس نواب الشعب.
و كثيرا ما نشاهد حوارات و نقاشات حول الازمة السياسية و الاقتصادية لكن ما تشكو منه تونس اخطر من هذا فان كان الحل للازمة السياسية في التوافق و ان كان الحل للازمة الاقتصادية في التمويل ، لا يوجد حل مادي لسوء الاخلاق فهي طبع يتربى عليه الانسان يتغذى على التبريرات و يستغل الصمت وهو في الأخير تواطؤ
و هو ما يقع الان في المجتمع التونسي ، فالأزمة الحقيقة هي ازمة اخلاق خاصة و ذلك بالنظر الى ما يقع من احداث عنف وصل الى أروقة المؤسسات السيادية و تحت قبة البرلمان ، فيوم امس الأربعاء يوم مخجل لتونس و للشعب التونسي ، فبعد سنوات من النضال في سبيل تحرير المرأة و تمكينها من حقوق المرأة تهان مرأة تونسية و "تضرب" داخل مجلس النواب بسبب افكارها و مواقفها السياسية .
فيوم امس الأربعاء تعرضت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي الى الاعتداء بالعنف من قبل النائب صحبي سماري خصمها السياسي خلال الجلسة العامة و لم تمضي ساعات حتى اقدم النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف على الاعتداء على النائبة مرة ثانية وسط تواطؤ رئاسة المجلس و التي اكتفت بإجراء نقطة إعلامية للتنديد دون اتخاذ الإجراءات الازمة .
أحداث مخجلة وصادمة ، فالنائب الذي تجرأ على ضرب امرأة يفتقر فعلا للأخلاق و لأبسط شروط الإنسانية و هي الاحترام ، فليس من الضروري ان تكون نائبا او سياسيا او طبيبا او محاميا يكفي ان تكون انسانا ، فالإنسانية شيدت العالم على أسس الحقوق و الحريات و بدون اخلاق يتحول العالم الى غابة .
و الصادم في كل ما يقع من احداث العنف هي التبريرات التي يتجرأ بعض التونسيين على تقديمها فبالنسبة للبعض النائب الذي اعتدى على زميلته داخل المجلس له أسبابه " هي من قامت باستفزازه " ، و للزوج الذي اغتال زوجته بعد خلاف له مبرراته "ان عمله صعب و عليها مراعات ظروفه " و هو ما تداول في الشارع التونسي في قضية رفقة الشارني التي قتلت على يد زوجها الذي يعمل في سلك الأمني فالبعض برر الجريمة بطبيعة عمل الزوج و اتهم الزوجة المتوفاة بالاستفزاز ، و منذ أيام قام زوج بفقع عين زوجته و شوه وجهها بكل وحشية و كالعادة يجد البعض أسباب لكل جريمة تقع و عادة من يكون الحق على الزوجة التي يجب ان تخضع و تراعي و كما يقال بالدارجة التونسية " لازمها تعديلو" أي يجب ان تتغاضى و تصمت .
غياب الاخلاق و هذه التبريرات هي التي ولدت العنف و كرسته في مجتمعنا و هي اخطر من الازمة الاقتصادية التي تعيشها تونس اليوم و هي في تنامي و انتشار و تحولت الى حدث يومي ، و في الوقت الذي كان من الاجدر الحديث على الازمة الصحية التي تحصد أرواح التونسيين يوميا اصبح حديث الشارع التونسي البلطجة التي تقع في مجلس نواب الشعب من قبل بعض النواب " الساهرين على مخافة القانون " .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires