السرقة في تونس : هل يوجد قانون خاص بالبراكاج ؟
نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية خبرا مفاده:" دخول قانون البراكاج حيز التنفيذ " هذا الخبر الذي تداوله المئات من التونسيين و عدد من المواقع الالكترونية ينص على معاقبة كل من يقوم بعملية "براكاج" بالسجن لمدة 15 سنة.الخبر اثار فرحة التونسيين حيث اجمع عدد كبير من المدونون على أهمية إرساء هذا القانون الردعي من اجل التقليل من عمليات السرقة وحماية المواطنين و كتب البعض:" انه خبر جيد لطالما انتظرناه " فيما طالب البعض الاخر بتشديد العقوبة على مرتكبي عمليات السرقة:"15 سنة غير كافية يجب الترفيع في عدد سنوات السجن ". يأتي هذا الخبر في الوقت الذي أصبحت فيه عمليات السرقة تتصدر الصحف والمنابر الإعلامية و أصبحت حديث التونسيين خاصة بعد الضجة التي احدثتها عملية البراكاج التي تعرضت لها إعلامية تونسية في الطريق السيارة تونس الحمامات خلال عودتها الى منزلها .
BNCheck قامت بالبحث في حيثيات هذا الخبر ، و بالنظر في المجلة الجزائية تبين لنا ان المجلة الصادرة سنة 1913 ورد عليها حوالي 58 تنقيح ، و صدر اخر تنقيح سنة 2005 بمقتضى القانون عدد 46 المؤرخ في 6 جوان 2005 و قام حينها بإعادة تنظيم بعض أحكام المجلة الجنائية وصياغتها و وردت النسخة المنقحة في الرائد الرسمي يوم 17 جوان 2005 .
من جهة أخرى وردت اخر إضافة على المجلة الجزائية على الفصل 263 مكرر من خلال القانون عدد 7 لسنة 2018 الخاص بتعزيز حماية الفلاحين من السرقات و لا علاقة له بالقانون المتداول حيث نص هذا الفصل :"
يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام كل من يرتكب سرقة :
:الآلات والمعدات الفلاحية، تعددت أو انفردت، وتعد آلات ومعدات فلاحية على معنى هذا الفصل الجرارات والمجرورات والمحاريث والشاحنات المخصصة لنقل المنتوج وآلات الجني وآلات الحصاد وآلات وتجهيزات الري ومحركات ومضخات المياه.
المحاصيل الفلاحية، وتعد محاصيل فلاحية على معنى هذا الفصل الخضر والثمار والحبوب قبل الجني أو بعده والسعف في نخيله.
المواشي، تعددت أو انفردت، وتعد مواشي على معنى هذا الفصل الخيل والإبل والأبقار والأغنام والماعز.
ويمكن اعتماد كل الوسائل الحديثة أو التقليدية المؤدية لتقفي آثار المسروق ومعرفة مكانه قصد إثبات جريمة السرقة.
مع العلم ان دخول أي قانون حيز التنفيذ يجب ان يمر ضرورة بمصادقة مجلس نواب الشعب ومن ثم ينشر في الرائد الرسمي في هذا السياق و بالبحث قائمة القوانين التي صادق عليه مجلس نواب الشعب و في قائمة مشاريع القوانين التي سينظر فيها خلال الدورة البرلمانية المقبلة لم يرد أي مشروع تنقيح يتعلق بإضافة قانون او فصل خاص بالسرقات فالخبر بالتالي عار من الصحة .
و بالبحث في مصدر هذا الخبر وجدنا ان صفحات على موقع الفايسبوك قامت بنشر هذه التدوينة منذ سنة 2019 و تم تداوله حينها من قبل بعض المدونين، الا ان الخبر لقي رواجا كبيرا خلال هذا الأسبوع بعد نشره من قبل بعض المواقع الالكترونية، لكن هذه المواقع تعمدت إعادة الخبر المتداول على صفحات الفايسبوك حرفيا دون ذكر المصادر او حيثيات القانون .
كيف تقدم مقترحات القوانين؟
مقترحات القوانين يجب ان تقدم من عشرة نواب على الأقل ويمكن ان تقدم من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة. و في صورة حصول مقترح القانون على العدد الكافي من امضاءات النواب على مكتب مجلس نواب الشعب إحالة مقترحات ومشاريع القوانين إلى اللجنة المختصة لدراستها في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إيداعها و ذلك حسب الفصل 135 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب .
اما بالنسبة لآخر المقترحات الخاصة بتنقيح المجلة الجزائية فقد تعلقت بفصول أخرى لا علاقة لها بجريمة السرقة ، حيث تقدم النائب في مجلس نواب الشعب مبروك كرشيد في شهر مارس 2020 بمشروع قانون لتنقيح الفصلين 245 و247 من المجلة الجزائية : مشروع قانون "تجريم القذف الالكتروني" ، قبل ان يقوم في وقت لاحق بسحبه بعد موجة الانتقادات التي لحقت المقترح . و ردا على الكم الهائل من الهجوم الذي واجهه مبروك كرشيد أشار النائب المستقيل من حركة تحيا تونس ان الهدف من مقترحه هو :"أخلقة الحياة السياسيّة و الاجتماعية وذلك عبر التصدّي إلى الجريمة الإلكترونيّة المتعلّقة بهتك الأعراض والمساس من شرف الأفراد والجماعات بدون وجه حقّ و للحدّ من انتشار الإشاعات التي تمسّ من اعتبار الأشخاص و رمزيتهم الاجتماعية والسياسيّة "
في نفس الاطار صادق مجلس وزاري تحت اشراف رئيس الحكومة السابق الياس فخفاخ في شهر جوان 2020 على مشروع قانون خاص بتنقيح أحكام الفصل 96 من المجلة الجزائية و لم يتم الى اليوم المصادقة على هذا التنقيح في البرلمان .
ينصّ هذا التنقيح على أنه:
"يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكلّف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما".
جريمة السرقة في القانون التونسي
يعرف القانون التونسي "السرقة" كل :" من يختلس شيئا ليس له يصير مرتكبا للسرقة" ويجب ان تتوفر في عملية السرقة أربعة اركان وهي تعريف الجريمة بأنها تنطوي على أربعة أركان وهي: الأخذ، شيء منقول، مملوك للغير والقصد الجرمي.
قد تكون عقوبة السرقة مشددة تصل الى السجن مدى الحياة حسب ما حدده الفصل 260 الذي ينص على انه :" يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الأمور الخمسة الآتية :
أولا: استعمال العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد للواقعة له السرقة أو لأقاربه،
ثانيا: استعمال التسور أو جعل منافذ تحت الأرض أو خلع أو استعمال مفاتيح مفتعلة أو كسر الأختام وذلك بمحل مسكون أو بالتلبس بلقب أو بزي موظف عمومي أو بادعاء إذن من السلطة العامة زورا،
ثالثا: وقوعها ليلا،
رابعا: من عدة أفراد،
خامسا: حمل المجرمين أو واحد منهم سلاحا ظاهرا أو خفيا.
و ينص الفصل 264 من المجلة الجزائية على انه :" يكون العقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا بالنسبة إلى كل أنواع السرقات والاختلاسات الواقعة في غير الصور المبيّنة بالفصول من 260 إلى263 من هذه المجلة.
وتجدر الإشارة أيضا ان محاولة السرقة هي أيضا موجبة للعقاب
و يمكن في صورة وقوع " عملية براكاج " بسلاح البيض توجيه تهمة حمل و مسك سلاح ابيض وفق الامر الحكومي 12 جوان 1969 المتعلق "بضبط توريد الأسلحة والاتجار فيها ومسكها وحملها "وينص هذا الامر على معاقبة كل من يحمل سلاح ابيض 6 اشهر و سنتين لمسك السلاح.
تراجعت عمليات السرقة خلال الأشهر الأولى من سنة 2020 مقارنة بالسنة الفارطة 2019 و لا يعود ذلك الى الإجراءات او القوانين الردعية بل بسبب إجراءات الحظر الصحي و حظر التجول حسب ما أكده الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني فكانت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التونسية للحد من انتشار فيروس كورونا في خدمة الامن و ساهمت بشكل كبير في الحد من الجرائم وفق احصائيات وزارة الداخلية.
ر.ع
تعليقك
Commentaires