الزبيدي..مورو..الشاهد..لمن ستكون الأسبقية في الرئاسية؟
بعد وفاة رئيس الجمهوريّة الراحل الباجي قائد السبسي، وتولّي رئيس مجلس نوّاب الشعب محمد الناصر رئاسة الجمهوريّة تمشيا مع ما ينصّ عليه الفصل 84 من الدستور التونسي، قرّرت الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها يوم 15 سبتمبر 2019، عوضا عن التاريخ الأصلي الذي كان محددا ليوم 17 نوفمبر 2019. وحدّدت موعد فتح باب تقديم الترشّحات للرئاسيّة يوم 2 أوت 2019، إلى غاية يوم 9 أوت من نفس السنة، وسيتمّ النظر في الملفّات من 11 إلى 14 أوت 2019، وستعلن الهيئة عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيا في الإنتخابات الرئاسية يوم 31 أوت 2019.
لئن فتح باب قبول الترشّحات للرئاسيّة يوم الجمعة 2 أوت 2019، بمقرّ الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات، سارعت العديد من الشخصيات السياسية للهيئة لتقديم ترشّحاتها، على غرار منجي الرحوي عن حزب الجبهة الشعبية، ومرشح التيار الديمقراطي محمد عبو، و رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، و رئيس حزب "قلب تونس"نبيل القروي. ووصل عدد الترشّحات للرئاسيّة إلى حدود اليوم الخميس 8 أوت، 40 مترشّحا، بين مستقلين ومترشحين عن الأحزاب، كما توجّهت الأنظار إلى من سيكون مرشّح الأحزاب السياسية البارزة في المشهد السياسي للرئاسيّة، وبقي متابعي السباق الرئاسي ينتظرون من سيكون مرشّح حزب تحيا تونس وحزب حركة النهضة ونداء تونس للرئاسيّة والذّي من المتوقع أن يحتدم السباق للرئاسة بين المترشّحين عن هذه الأحزاب.
حركة تحيا تونس ومرشّحها للرئاسيّة
حركة تحيا تونس تعتبر من الأحزاب البارزة ليس لأنّها حركة قديمة في الساحة السياسية بل لأنّ رئيس هذه الحركة هو رئيس الحكومة يوسف الشاهد. فإنّ حزب تحيا تونس كما إختاروا تسميته بالتوافق بين قيادات هذه الحركة، هو مولود جديد في الساحة السياسية لم يمض على تأسيسه خمسة أشهر. في 27 جانفي 2019، بمدينة المنستير، ولد هذا الحزب الذّي ساهم في تأسيسه العديد من الشخصيات الوطنيّة ذات المرجعية البورقيبية والحداثية في إجتماع حاشد، على غرار مصطفى بن أحمد رئيس كتلة الإئتلاف الوطني البرلمانية، الذي صرّح خلال إجتماع قيادات هذه الحركة أنّ هذا الحزب قائم على الفكر البورقيبي والفكر الإصلاحي التونسي ويهدف إلى التصدّي لأي مشروع رجعي. وخلال اجتماع المنستير بيّن أنصار تحيا تونس أنّ هذا الحزب قائم أساسا على مبدأ التشاركية والديمقراطيّة في القرارات، حتى أنّ إختيار إسم الحزب تمّ بالتصويت على ثلاثة مقترحات "تحيا تونس" أو "نداء الوطن" أو "أمل تونس"، ليتمّ الإتّفاق على تحيا تونس. وفي بيان تمّ نشره بعد هذا الإجتماع للحركة، بيّن هذا الأخير أنّ حركة تحيا تونس تهدف إلى القطع مع التسلط وتعتمد الحوار والديمقراطية، وتقوم على علاقة أفقية تنطلق من القاعدة وتختار قياداتها المحلية والجهوية والوطنية بالانتخاب، وتضمن المساواة بين كافة الجهات، وتعتمد على الخبرة والكفاءة في تسييرها، وتعمل من أجل تنمية اقتصادية شاملة وقطع دابر الفساد ومحاربة الإرهاب، وتعمل على توحيد العائلة السياسية لحماية المكتسبات الوطنية وإعادة إشعاع تونس الدولي.
يوم 4 مارس 2019، أعلنت مصالح الوزير لدى رئيس الحكومة المكلّف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، عن تأسيس حزب تحيا تونس بصفة رسميّة، وتمّ تنصيب رئيس الحكومة يوسف الشاهد رئيسا للحركة يوم غرّة جوان 2019، خلال إنعقاد المجلس الوطني الأول للحركة. كما تمّت المصادقة على النظام الداخلي للحزب وتزكيّة وثيقة إندماج حزب المبادرة في حركة تحيا تونس، وانتخب رئيس حزب المبادرة كمال مرجان رئيسا للمجلس الوطني لتحيا تونس وتمّ تعيين سليم العزابي أمينا عاما للحركة. وتمكّنت الحركة في ظرف وجيز من تركيز قائماتها للإنتخابات التشريعيّة بـ 33 دائرة انتخابية داخل تونس وخارجها، واتّفق أنصار هذه الحركة على أن يكون رئيس تحيا تونس يوسف الشاهد هو مرشّحهم للإنتخابات الرئاسيّة.
تبيّن اليوم الخميس الخيط الأبيض من الأسود، حين أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن ترشّحه للإنتخابات الرئاسيّة خلال إجتماع المجلس الوطني للحركة. وقام سليم العزابي الأمين العام للحركة بسؤال كلّ أعضاء المجلس وأنصار الحركة قائلا ''هل تقبلون أن يترشّح يوسف الشاهد للإنتخابات الرئاسيّة؟''، فوافق جميع الحضور برفع الأيدي بما فيهم يوسف الشاهد رفع يده معلنا عن ترشّحه مع التصفيق وغناء النشيد الوطني.
في هذه الأثناء إستغلّ الشاهد منبر الحزب معبّرا عن شكره للثقة التي منحها له أنصار حزبه، وقال أنّه متحمّل لهذه المسؤوليّة على الرغم من السبّ والشتم الذي تعرّض له، قائلا ''أنا لم أنزل إلى مستوى الخصوم وتعرضت لكل أنواع القصف العشوائي''. ونفى ما تمّ تداوله أنّه أبرم صفقة مع حركة النهضة على أن يتنازل عن منصب رئاسة الحكومة وأن يكون مرشّحها للرئاسية.
هكذا إنتصر الشاهد لدعوة العزابي الّذي قال في تصريحاته الإعلاميّة ''أتمنى أن يوافق الشاهد''، مبيّنا أنّ رئيس الحكومة هو الوحيد القادر على رئاسة الدولة، والشاهد بدوره بعد وفاة رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي، إمتنع عن التصريح لوسائل الإعلام إن كان سيترشّح أم لا، نظرا لحزنه عن رحيل الرئيس، وقوله إنّ الوقت غير مناسب لذلك. وما إن قرّر قياديو تحيا تونس ترشيح الشاهد، دخلت حركة النهضة في نقاشات مطوّلة داخل هياكلها، بعد أن كان الغنوشي يسعى إلى تحقيق التوافق مع الشاهد ولما لا يكون هو عصفوره النادر من خارج الحركة. ففي تصريحه لموزاييك أف أم يوم 2 جوان 2019، قال راشد الغنوشي إنّه سيعيد النظر في علاقته بيوسف الشاهد وبحكومته في حالة إعلانه عن ترشّحه للرئاسية، حتى أنّ رئيس مجلس الشورى للنهضة عبد الكريم الهاروني، قال ''تحاورنا مع الشاهد حول مستقبل الحكم، وهو اليوم مرشح تحيا تونس وليس مرشح النهضة''.
رئيس الحكومة يوسف الشاهد من خلال خبرته في الحكم وإلمامه بكافّة دواليب الدّولة منذ تعيينه رئيسا للحكومة على امتداد ثلاثة سنوات حسب ما قاله اليوم في مؤتمر المجلس، ونظرا لمكوّنات حركة تحيا تونس للعديد من الأطياف البورقيبية والتقدميّة والدستوريّة، نجد نسبة إمكانية فوزه في الرئاسيّة أو مروره للدور الثاني مقارنة بغيره من الذّين تقدّموا للرئاسيّة، نسبة محترمة، فقط لا يفوتنا أن نذكر الوجه المستقل والمحايد والذّي دخل السباق الرئاسي ''عبد الكريم الزبيدي''.
نداء تونس وعبد الكريم الزبيدي
حركة نداء تونس، حزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، الذّي ساهم في انتخابه رئيسا للدّولة سنة 2014، بـ مليون و731 ألف صوت، هو حزب إلتفّ حوله كلّ التقدّميين في تلك الفترة ضدّ النهضة وأنصارها. إذ شهد على إمتداد أشهر إنقسامات وتشقّقات داخله وفقد قيمته التي كانت في الفترة الرئاسيّة الأولى، وبعد وفاة مؤسّسه الراحل الباجي قائد السبسي، قرّر نجله المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي التنازل طوعا من الترشّح على رأس قائمة نداء تونس عن دائرة تونس 1 كما كان ذلك مبرمجا قبل وفاة الرئيس الراحل، وعدم ترشّحه للإنتخابات التشريعيّة ولا حتى للرئاسيّة، معلّلا ذلك إلى ضرورة حفاظه على لقب الراحل الذّي أحبّه كل التونسيين وأنّه لن يضيّعه بالمنافسة على المناصب، وقال أنّ مهمّته الآن ثقيلة في إعادة وحدة نداء تونس كما كان يحلم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. ودعا كلّ النّدائيات والندائيين والذين غادروا الحزب إلى الالتفاف حول نداء تونس الذي أسّسه الراحل، وهو خيار موفّق من نجل الرئيس فهو بهذا القرار أنقذ نفسه من نتيجة فشله الفاضح والواضح في حال ترشّحه للرئاسيّة.
بهذا الخيار بقي مرشّح نداء تونس للرئاسيّة مجهولا والكلّ بدأ في التكهّن في من سيكون مرشّح النداء وإن كان سيكون من داخل الحركة أو من خارجها. إلى أن أعلنت حركة نداء تونس يوم الثلاثاء 6 أوت 2019، في بيان لها أنّها تساند وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي ليكون مرشّحها في الإنتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، وبالتالي فكّ لغز النداء وظهر مرشّحها. واعتبر النداء في بيانه أنّ الزبيدي له من خصال الكفاءة والتجربة والنزاهة والوفاء على منوال الزعيم الراحل الباجي القائد السبسي، وأنّه تحمّل أمانة وزارة الدفاع في المرحلة الأولى والثانية للانتقال الديمقراطي بكل اقتدار وأمانة وكان النجاح حليفه بامتياز، علاوة على تحمله المسؤوليات في مختلف درجاتها في دولة الاستقلال، ونظرا لقربه من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.
وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي
اختيار عبد الكريم الزبيدي كمرشّح لنداء تونس ليس من باب الصدفة. إنّ ترشّحه للرئاسيّة هو عمليّة مبرمجة ومدروسة بطريقة ذات طابع إستراتيجي وذكي. بعد وفاة رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي، أصبح وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي الوجه والشخصيّة الطاغية على المشهد السياسي، بسرعة البرق وفي فترة وجيزة جدا قامت أطراف مجهولة بتأسيس صفحات على موقع التواصل الإجتماعي الفايسبوك تحمل إسم ''عبد الكريم الزبيدي رئيسا للجمهوريّة''. وارتفع بشكل رهيب أنصار ومتابعي هذه الصفحات والتي فيها المموّلة والغير مموّلة، وعمدت هذه الأطراف بذكر السجّل التاريخي للزبيدي الحافل بالنجاحات في حياته المهنيّة وحتى عند تنصيبه وزيرا على رأس وزارة الدفاع. وأصبح الكلّ يناشد الزبيدي للترشّح في الرئاسية من سياسيين ومواطنين. فحركة آفاق تونس مثلا، أعرب رئيسها ياسين إبراهيم عن دعمه للزبيدي في الرئاسيّة، معتبرا أنّه رجل المرحلة القادمة بامتياز، ودعا كل الذّين تقدّموا للرئاسيّة إلى ضرورة سحب ترشّحاتهم وفسح المجال لعبد الكريم الزبيدي ومساندته.
بعد كلّ هذا العمل المحترف الذّي ساهم في صعود الزبيدي إلى الساحة السياسية بعد أن كان قليل الظهور ومتسمّا بالحياد وغير مسيّس، خرج وزير الدفاع عن صمته وأعرب عن موافقته في الترشّح للرئاسيّة، وتوجّه يوم أمس الأربعاء 7 أوت 2019، إلى مقرّ الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات أين قام بإيداع ملفّ ترشّحه للرئاسيّة، مرفوقا بجوقة من السياسيين وأنصاره وحتى جنود الخفاء الذّين قاموا بحملة الدعاية له، وصرّح بعد إيداعه لملفّه أنّه سيستقيل من منصبه كوزير للدّفاع متعهدا بمواصلة تسيير مهام الوزارة الى حين تعيين وزير جديد، وأكّد على ترشّحه للرئاسيّة كمستقلّ بعيدا عن كلّ الأحزاب، وبالتالي يكون الزبيدي المستقل فوق كلّ الأحزاب وهذه ورقة رابحة تُحسب له. فبعد الشعبيّة التي تمتّع بها والعدد الهائل من التزكيات التي تحصّل عليها من أنصاره في مجلس النواب وحزب آفاق تونس واختياره من قبل نداء تونس، ناهيك عن بقيّة الشعب الذّي ليس بالبعيد أن يصوّت له في الرئاسيّة، معاقبة منهم لباقي الأحزاب التي خذلتهم ولم تكن في مستوى تطلّعاتهم، قادر أن ينجح في الفوز في الإنتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها.
مثّل ترشّح الزبيدي للرئاسيّة مفاجئة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، إذ قال الناطق الرسمي بإسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني، أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يكن على علم بتقديم الزبيدي ترشحه للرئاسية يوم أمس الأربعاء. هنا بقي على الشاهد فقط أن يحسم قراره اليوم بعد إجتماع المجلس الوطني لحزبه، في أن يتشجّع ويعلن عن موافقته للترشّح للرئاسيّة كما دعاه أنصار حركته ويتقدّم غدا الجمعة للهيئة ويقوم بإيداع ملفّه، مثلما فعلت حركة النهضة التي إختارت عصفورها النادر من داخلها، ''عبد الفتاح مورو''.
عبد الفتاح مورو مرشّح النهضة للرئاسيّة
بعد أن ذاع صيت العصفور النادر لحركة النهضة على امتداد ثلاثة أشهر، والكلّ ينتظر من النهضة أن تعلن عن عصفورها النادر الذّي خمّن الجميع أنّه سيكون من خارج الحركة، وبعد أن استوفت الحركة نقاشاتها داخل مجلس الشورى وخاصّة بعد إعلان الزبيدي ترشّحه كمستقلّ وإعلان نبيل القروي ترشّحه على رأس حزبه ''قلب تونس''، أيضا اختيار تحيا تونس ليوسف الشاهد كمرشّح للرئاسيّة، أعلنت أخيرا وفي ساعة متأخّرة من ليلة الثلاثاء الفارط بعد نهاية إجتماع مجلس الشورى، أنّ عصفورها النادر من داخلها وهو نائب رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس النواب الحالي الشيخ عبد الفتاح مورو. حيث أعلن عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى يوم أمس الأربعاء، أنّ مورو تحصّل على 98 صوتا، فيما إختار خمسة أعضاء التحفّظ، وسجّل صفر من المعارضين. واعتبر الهاروني أنّ مورو تمّ اختياره نظرا لما يعرف به من توافق واعتدال وانفتاح وأصالة داخل الحركة وخارجها.
كما قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي تنازل عن الترشّح للرئاسيّة وفوّض عبد الفتاح مورو ليكون هو مرشّح الحركة وسيقدّم يوم الجمعة المقبل ملفّ ترشّحه للهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات، مبيّنا أنّ مقترح ترشّح عبد الفتاح مورو من داخل الحركة هو الوحيد الذّي طرح منذ إجتماع مجلس الشورى يوم السبت الفارط ويوم الثلاثاء الفارط، وإنّ القانون الأساسي ينصّ على ترشيح رئيس الحركة أو الشخصيّة التي يقترحها، وإنّ الغنوشي تنازل عن ترشّحه وقدّم مورو نظرا لتكوينه في مجال القانون وهو صاحب العديد من المسؤوليات المهمة على غرار ترأسه لمجلس نواب الشعب، وهو أكثر الشخصيات التي يمكن أن تواجه بها النهضة الإنتخابات الرئاسيّة، كما أنّ الإختيار جاء بالإجماع.
حركة النهضة اختارت خوض غمار الإنتخابات الرئاسيّة بعصفور نادر من داخلها. واختارت نائب رئيس الحركة نظرا للشعبيّة التي يتميّز بها مقارنة بباقي قيادات الحركة. خاصّة بعد أن اختار راشد الغنوشي اللعب عن مركز في مجلس نوّاب الشعب سنة 2020، بترشّحه في التشريعية على دائرة تونس 1، وهو خيار ذكي فهو بتموقعه في البرلمان قادر على تحقيق ما يصبو إليه. أما عبد الفتاح مورو فنسبة فوزه في الرئاسيّة أو مروره للدّور الثاني أمر ضئيل جدا. حركة النهضة فقدت العديد من أنصارها وقرارات رئيسها في اختيار رؤساء القائمات التشريعيّة وتفرّده بالرأي أثارت غضب العديد من قياديّ الحركة، صحيح أنّ مورو من مؤسّسي حركة النهضة صحبة الغنوشي ولكن اختياره في الرئاسيّة فيه غاية إلى إيهام الشعب أنّ الحركة لم تعد كسابق عهدها إسلامية متعصّبة بل باتت منفتحة وفيها طابع تقدّمي. حتى أنّ معظم قياداتها صرّحوا أنّ النهضة ليس لها نيّة في الحكم الأحادي بل هي مع مبدأ التشاركيّة وتكريس حكم مستقر يقوم على أساس التوافق من أجل إنجاح الإنتقال الديمقراطي للبلاد، وهي ضدّ التغوّل ومع الوفاق دائما، وهي تدرك أنّ البلاد لا يمكن أن يحكمها حزب واحد.
المحامي عبد الفتاح مرور صاحب 71 عاما، نائب رئيس حركة النهضة الذّي قرّر الإبتعاد عنها في سنة 2011 بسبب آرائه، ثم عاد إليها، مورو الذّي شيّع جنازة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي مشيا على الأقدام عملا منه لوصيّة الراحل حسب قوله، صاحب الطابع الفكاهي والقلب المفتوح لكلّ الإنتقادات والقريب من كلّ الأطياف. هل سينصفه قرار مجلس الشورى بترشيحه للرئاسيّة أم ستكون هذه نهاية مناضل داخل التيّار الإسلامي حركة النهضة؟
كُشفت الآن نظريا الأوراق في السباق للرئاسيّة. ومن المنتظر أن تشتدّ المنافسة بين الأحزاب البارزة في المشهد السياسي، المستقّل عبد الكريم زبيدي مرشّح نداء تونس في منافسة مع عصفور النهضة النادر عبد الفتّاح مورو وفي تحدّ واضح مع رئيس حركة تحيا تونس المرشّح للرئاسيّة يوسف الشاهد. سيكون الصندوق هو المقرّر الوحيد على أحقيّة الرئاسيّة لهؤلاء أو غيرهم من المترشّحين، على أن يكون الإنتصار لمصلحة تونس لا لمصلحة الأحزاب.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires