alexametrics
الأولى

الصحفيون يعرفون وزراء الحبيب الجملي أفضل منه، ربما على الصحفيين تشكيل الحكومة !

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الصحفيون يعرفون وزراء الحبيب الجملي أفضل منه، ربما على الصحفيين تشكيل الحكومة !

 

 

يوم 2 جانفي انتظر الملايينُ طلّة رجل النهضة، الحبيب الجملي ليُعلن عن تشكيلة فريقه الحكوميّ. الثانية ظهرا، عُقدت الحواجب وامتعض الصحافيون والتقنيون الذين احترموا الوقت والتزاماتهم. رفعوا معاصمهم الى وجوههم ليقرؤوا الوقت على ساعات اليد، حركوا سبّاباتهم بضجر على شاشات الهواتف،  الثانية والنصف.. الثالثة الا رُبع، الثالثة ..لم يأت بعد.

 

قدم رئيس الحكومة المكلف، متأخرا بساعة ونصف، فتح ملفا أحمرا قانيا  نُقش عليه شعار الدولة التونسية، لم يرتدي نظّاراته هذه المرة، جذب ورقة رُقنت على "الوورد" وشاهدها الالاف مُسربة على الفايسبوك قُبيل ساعات، وألقى الأسماء مراوحا بين النظر لقائمته والنظر لعشرات الكاميرات المُصوبة نحوه.

 

تهجّأ بعض الاسماء، تلعثم، هرع الى نظارته تُنقذه. لم يعلم من هي روضة الجبالي العربي، لم يتذكر لقبها العائلي ومنصبها الوزاري. لم يعلم ان كان لقب وزير المالية عبد الرحمان الخشتالي بفتح الخاء أم بضمها. لم يفهم كيف ينطق لقب "رياض دبو" كاتب الدولة للبيئة. حرّك نظارته في عصبية، همّ بنزعها وتراجع.

 

طبيعيّ أن ينسى الجملي بعض وزراءه ووزيراته -القليلات- أو يصيبه التردد أمام أعين الاعلام الوطني والعربي والدولي، نظرا لعدد الأسماء التي تلاها : 42. أكبر الحكومات عدديا في تاريخ تونس. بيد أنه من غير الطبيعي أن لا يقدم السير الذاتية  للذين اصطفاهم من المئات، ومن المفترض أنهم أعلى الكفاءات المستقلة الذين لا تسع صفحات "الوورد" البسيطة انجازاتهم وشهائدهم وخبرتهم ومؤهلاتهم وعلاقاتهم..  ربما هُم مغمورون لدى الرأي العام، لكنهم اختيروا وفقا لمبدأ الكفاءة، وماقد يُحدد الكفاءة غير السير الذاتية ؟ الولاءات، الانتماء الحزبي والعائلي، هذه ليست المعايير التي اعتمدها الجملي. نحنُ أمام حكومة تكنوقراط، قد يظهر بعض منهم في الحملات الانتخابية لبعض الأحزاب، لكنهم مستقلون. قد تجمعهم صور بقيادات الحركة الاسلامية، لكنهم مستقلون. قد تربطهم صلة عائلية ببعض القيادات في قلب تونس، لكنهم مستقلون. قد تظهر مقابلات صحفية قديمة، انخراطات ممضاة باسمائهم، لكنهم مستقلون.

 

السير الذاتية، معلومات ترسم ملامح الوزير للعامة وللصحافة، هي حصيلة مسار أكادمي أو مهني، وعليها أن تكون دقيقة ومحينة، وتتوفر على مايبرر الكفاءة. طيلة الثاني من جانفي كانت قاعات التحرير في المؤسسات الصحفية خلايا نحل تكتب سير الوزراء وتجترح المعلومات الشحيحة والصور الغائبة.  في بيزنس نيوز شرعنا في نشر السير الذاتية بعد ساعة واحدة من نشر القائمة الرسمية. مع نهاية اليوم كان الصحفيون يعرفون وزراء الحبيب الجملي ومهنهم  وأين درسوا وماذا درسوا ومن تزوجوا وأين يعيشون. من أصغرهم ومن أكبرهم سنا وكيف تُنطق اسماؤهم . شُكلت الحكومة فيما يقارب الثلاثة اشهر، وتمكن الصحفيون من التعريف بأعضائها للرأي العام في ساعات.

 

توقع الجميع أن رئيس الحكومة المكلف وفريقه سينشر سير وزراءه متأخرا- كعادته، وبالفعل، نشرت صفحة الحبيب الجملي صور الوزراء وتعريفهم بعد 24 ساعة من نشر بيزنس نيوز وعشرات وسائل الاعلام لـكامل السير الذاتية الثانية والأربعين.  من هم اذا؟ كأّن لسان حال الحبيب الجملي وفريقه يقول، لا نعلم..أُرفقت كل صورة عضو في الحكومة بسطر واحد من التعريف أو سطرين في أقصى الحالات يحتل فيه الاسم والوزارة النصف! ذهب غالب الظن، الى أن الجملي اختزل التعاريف حتى يتمكن من ايضاحها لمجلس الشعب، في جلسة منح الثقة. هو اذن يملك المعلومة، يعرف وزراءه، يعلم لما اختارهم، له حجج جاهزة لا شك. مساء أمس 6 جانفي، جاء الرد بالنفي من داخل مجلس الشعب.

هشام العجبوني النائب عن الكتلة الديمقراطية، نشر أمثلة عن السير الذاتية التي أرسلها الحبيب الجملي الى أعضاء مجلس النواب، ساخرا من خَوَاء الوثائق الرسمية التي من المفترض أن يدرسها النواب ويدقق فيها حتى يقرروا التصويت بمنح الثقة من عدمه.

مثالين نشرهما العجبوني، السيرة الذاتية لوزير السياحة روني الطرابلسي التي لم تتجاوز 5 اسطر.. والسيرة الذاتية لفتحي بيار كاتب الدولة للشباب التي لا تحتوي سوى حالته المدنية ونشاطه الجمعياتي.

 

من هذا، نفهم أن نواب الشعب سيصوتون على ملفات فارغة وعلى شخصيات لا يعرفون عنهم سوى اسمائهم وأعمارهم. يطرح هذا احتمالين خطيرين بنفس القدر، الأول أن الحبيب الجملي لا يعرف وزراءه، مما يحيل الى أنه لم يختار أعضاء حكومته. الاحتمال الثاني، هو أن السير الذاتية لأعضاء الحكومة فارغة وخالية من الشهائد والتجارب المهنية وبالتالي يفقد توصيف "حكومة كفاءات"  شرعيته ومعناه ! ليس من السويّ أن نطلب من الصحافة المعلومة، التي يجهلها السياسي نفسه.

 

عبير قاسمي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter