أمام رفع الفيتو ضدّها، هل تنجح المساعي في تمرير حكومة الجملي؟
رغم نفي الحبيب الجملي : تركيبة الحكومة قد تتغير قبل الجلسة العامة
الهاروني: النهضة ستصوّت لحكومة الجملي وتطالبه ببعض الاصلاحات
مكتب مجلس النواب يحدد موعد جلسة منح الثقة للحكومة
في الحلقة قبل الأخيرة وبعد التردّد وتأجيل الإعلان عن تركيبة الحكومة في أكثر من مناسبة، قرّر الحبيب الجملي تقديم تشكيلة حكومته المتكونة من –كفاءات مستقلة.
يوم الخميس 02 جانفي 2020، وفي ندوة صحفية قدّم الجملي التركيبة النهائية لأعضاء حكومته التي سيسعى رفقة الحزب الأول في الانتخابات التشريعية والذي كلّفه بتشكيلها، إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من التأييد والموافقة أمام البرلمان.
أعضاء الحكومة الجدد بلغ عددهم 28 وزيرا و14 كاتب دولة من بينهم 10 نساء، وبعد الإعلان عن هوياتهم التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيس البرلمان راشد الغنوشي وسلّمه قائمة الأعضاء المقترحين لتحديد موعد للنظر فيها وعرضها لنيل الثقة والمصادقة عليها. يوم أمس السبت 04 جانفي، أقرّ مكتب مجلس نواب الشعب خلال الجلسة التي عقدها للغرض تاريخ 10 جانفي جلسة عامة لمنح الثقة للحكومة التي اقترحها الحبيب الجملي، تحديد هذا التاريخ كان بناء على طلب كتلتي النهضة وقلب تونس ربما لمزيد التشاور ومنح مزيد من الوقت للنهضة حتى تستطيع توفير العدد الكافي من الأصوات لتحصل لتمرير حكومتها.
الإعلان عن أعضاء الحكومة تلته ردود أفعال مختلفة ومتباينة بين الاستغراب والدهشة من بعض الأسماء الموجودة وبين التشكيك في استقلالية البعض الآخر ولعلّى أكثر الانتقادات التي وجهت للجملي كانت بسبب الظهور المحتشم للمرأة التونسية. أحزاب وأطراف أعربت منذ البداية عن عدم منحها الثقة لحكومة الجملي، وأخرى اشترطت القيام بتحوير صغير وتغيير بعض الأسماء حتى تصوّت لها، الجملي نفى القيام ببعض التغييرات لكن بعض ما توفّر من معلومات يؤكد أن تركيبة الحكومة قد تتغيّر قبل الجلسة العامة.
لم تنل التشكيلة الحكومية التي اقترحها رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي رضا العديد من النواب والأحزاب بما في ذلك حركة النهضة التي عبر جزء من قياديها عن عدم رضاهم. عبد الكريم الهاروني اعتبر أن الحكومة المقترحة قد تنال الثقة لو تم تغيير بعض الأسماء فيها و أن ما ينقصها هو النفس السياسي لان الأحزاب جعلت لتحكم و ليس لتصوت على حكومة الكفاءات، سمير ديلو أيضا عبر عن عدم رضاه على بعض الاختيارات.
بعض المعطيات الخاصة التي تحصلت عليها بيزنس نيوز تؤكد أن بعض النواب من حركة النهضة، الغير راضين عن عدم –توزيرهم- من قبل الجملي أو عدم تعيين بعض المقربين منهم يهددون بعدم التصويت للحكومة في صورة تشبث راشد الغنوشي و الحبيب الجملي بموقفهم أو المرور بقوة إلى التصويت و عدم فسح المجال أمام الحوار و النقاش.
حركة النهضة عقدت ندوة صحفية اليوم الاحد 05 جانفي 2020، اثر مخرجات مجلس شورى الحركة وصرّح رئيس المجلس عبد الكريم الهاروني، في ندوة صحفية، بأن المجلس قرّر التصويت لفائدة الحكومة وذلك لما تقتضيه مصلحة البلاد، وبيّن أن حركة النهضة لديها تحفظات على بعض الأسماء وطالبت الجملي بالقيام ببعض التعديلات قبل الإعلان عن تشكيلته وحتى الآن قبل جلسة منح الثقة، وهي تنتظر تفاعله مع ذلك. وشدّد الهاروني على أن النهضة ترفض أن تكون حكومة مستقلين، لأنها وفق تصورها لا يوجد حكم دون أحزاب ولا ديمقراطية دون مشاركة الطبقة السياسية الفاعلة.
رئيس الجمهورية قيس سعيد أيضا عبر عن عدم رضاه حول بعض الأسماء المقترحة وطلب من رئيس الحكومة المكلف إعادة النظر فيها قبل عرضها على مكتب المجلس لتحديد جلسة منح الثقة، و اتهمت مستشارة سعيد للإعلام رشيدة النيفر الجملي بتسريبه للقائمة لوضع الجميع أمام الأمر الواقع و فرض الأسماء التي تم اقتراحها دون مراجعتها أو حتى تقديم إجابة عن التحريات التي طلبها رئيس الجمهورية حول بعض الأسماء.
وفق القانون، لن تصبح القائمة رسمية إلا بعد عرضها على أنظار المجلس للتصويت الجمعة المقبل و بالتالي فان فرضية تغير بعض الأسماء تبقى واردة حتى بعد تصريح رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بكونه لن يغير أي اسم قبل عرض القائمة و ان أي تغير سيكون بعد نيل الثقة رغم ما قد يسببه قراره من مشاكل صلب حركة النهضة.
وسط تساؤلات عن قدرته على حشد التأييد المطلوب من الأحزاب السياسية لتمرير حكومته، يستعد الجملي لعرضها على البرلمان وكلّه ثقة في حصولها على موافقة 109 نائبا من جملة 217. وفي حال فشله فإنه دستوريا يحق للرئيس اختيار الشخصية التي يراها الأنسب لتشكيل حكومة جديدة في مهلة أقصاها 60 يوما.
عضو مجلس النواب عن حركة تحيا تونس وليد الجلاد صرّح بأن حزبه لن يمنح موافقته على تركيبة الحكومة بصفة قطعية، ووصف طريقة خروج الجملي للإعلام وتأجيله الإعلان عن تركيبة الحكومة في أكثر من مرة مع تسريب التركيبة الحكومية بالمهزلة. معتبرا أن الحبيب الجملي "فاقد الشيء من حيث الاستقلالية والكفاءة ولن يقدم أي إضافة". وأوضح أن الحكومة لم تحترم مبدأ الكفاءة باستثناء اسمين أو ثلاثة وان تركيبة بهذا الضعف لن يستطيع حزبه الموافقة عليها ولن يوافق عليها أي شخص له الحد الأدنى من الوطنية.
وفي السياق ذاته، أكّد النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي، كذلك، أن الكتلة الديمقراطية التي تضم 41 نائبا من حركة الشعب والتيار الديمقراطي وعدد من المستقلين، قررت عدم منح الثقة للحكومة المقترحة التي أعلن عنها الحبيب الجملي.
وقال أن "ما سميت بحكومة الكفاءات، هي في الحقيقة حكومة حركة النهضة وحزب قلب تونس"، موضحا في هذا الصدد أن " حركة النهضة ترغب في تشكيل حكومة على أساس المحاصصة الحزبية تغيب عنها الرؤية والبرامج".
من جانبه، أوضح النائب عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي أن ن حزبهم لن يصوّت لفائدة حكومة الحبيب الجملي مبدئيا، معتبرا الحكومة حكومة التلفيق لأن بها أسماء لا تستجيب لشروط الاستقلالية الحقيقية وعليها بعض الشبوهات التي تثير الكثير من الجدل.
بدوره كتب أحمد نجيب الشابي تدوينة على صفحته الرسمية فايسبوك، أشار فيها إلى أن حكومة الحبيب الجملي هي حكومة النهضة في كل الأحوال سواء تكونت من مستقلين أو كفاءات أو أشباه كفاءات، فالنهضة هي من تحملت مسؤولية تشكيلها وهي الحزب الفائز في الانتخابات وهي التي ستتحمل مسؤولية نجاح الحكومة أو فشلها أمام المواطنين. وطلب الشابي من المعارضة أن تتهيأ للتقدم بمبادرة إنقاذ، تقي مؤسسات الدولة من أخطار الاهتزاز وتعرض خارطة طريق للخروج من الأزمة بعد أن تنبأ بفشل الحكومة في اداء مهامها وما قد ينتج عن هذا الفشل من تفاقم للازمة الاقتصادية ومن ارتفاع لمنسوب التوتر الاجتماعي ومن استفحال للازمة السياسية والمشاحنات الأيديولوجية والتهديدات الأمنية.
في المقابل أصدر حزب قلب تونس بيانا نفى فيه أن يكون له فيتو على بعض الأسماء التي وردت في تركيبة الحكومة، وفي هذا الصدد صرّح رئيس كتلة قلب تونس بمجلس نواب الشعب حاتم المليكي بأن حكومة الحبيب الجملي استجابت لما طالب به حزب قلب تونس بخصوص حكومة كفاءات مستقلة لكن الحزب استاء من الطريقة التي تمّ تقديمها بها، حيث أن الجملي كان عليه تقديم القائمة أثناء الندوة الصحفية التي عقدها بعد أن قدم المقترح للرئيس مضيفا أن حدث من تسريب للقائمة أضر بهيبة الدولة و اقلق مختلف الحساسيات السياسية سواء المعارضة للجملي أوالداعمة له.
و اعتبر المليكي أن حكومة الجملي ضمت ثلاثة أنواع الأول هو شخصيات معروفة و تاريخها معروف و من السهل الحكم لها و لكفاءتها مثل نور الدين السالمي و فاضل عبد الكافي و منجي مرزوق و النوع الثاني هو شخصيات غير معروفة و لم يتم تجريبها في المواقع القيادية لكن سيرتهم الذاتية موجودة و سيتم الاطلاع عليها و مناقشتها أما النوع الثالث فهو الشخصيات الإدارية و اغلبهم من القضاة.
و عن التصويت للحكومة من عدمه أكد المليكي أن حزب قلب تونس لا يتخذ قراراته بصفة عشوائية والمؤشرات الأولية توحي بأنه لا شي يمنع الحزب من التصويت على الحكومة فهي استجابت لمبدأ لاستقلالية و لمبدأ الكفاءة التي اشترطها الحزب و بالتالي فلا يوجد ما يمنعه التصويت لها مبدئيا في انتظار قرار الحزب.
إلى حدّ الآن وبعد الحصول على أصوات النهضة ومبدئيا أصوات قلب تونس وبعض المكونات فإن حكومة الجملي ستمرّ خاصة وأن قلب تونس سيعمل على اقناع كتلة الإصلاح الوطني لوجود شخصيات محسوبة عليه في هذه التركيبة والنهضة ستعمل على اقناع ائتلاف الكرامة لكسب مزيد من الأصوات لمنح الثقة للحكومة.
حركة النهضة التي كلفت الجملي بتشكيل الحكومة لن تقبل فرضية حكومة الرئيس أو انتخابات أخرى لذلك ستسعى إلى كسب حزام سياسي واسع لتمرير الحكومة حتى وإن كانت غير راضية على بعض الأسماء.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires