alexametrics
الأولى

أيام على 2020: لا أثر لثورة قيس سعيد أو حكومة الحبيب الجملي!

مدّة القراءة : 4 دقيقة
أيام على 2020: لا أثر لثورة قيس سعيد أو حكومة الحبيب الجملي!

 

رغم سعي الأطراف المكونة للساحة السياسية الحالية، إلى التوصل إلى حل للازمات القائمة التي تعانيها البلاد على جميع الأصعدة، ورغم اتباع الأطياف المتداخلة، مسار "تشاوري" لتجاوز ما يعترضها من عقبات، فإن الأزمة السياسية لم تراوح مكانها.


استمرار الحال على ماهو عليه والضبابية التي تلف المشهد السياسي مردها أساسا تشبث حركة النهضة منذ البداية برئاسة الحكومة واختيارها للحبيب الجملي الشخصية "اللغز" في تشكيل الحكومة، بداعي أنها الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والمخوّل له تكليف من يمثلها لرئاسة الحكومة وتشكيلها مع إصرارها على موقفها في عدم تشريك حزب قلب تونس في هذه الحكومة. وفي المقابل تتمسّك الأطراف الأخرى ويمثلها أساسا حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب بعدم مشاركتهم في حكومة "النهضة".

 الحبيب الجملي الذي مرّ على توليه مهامه في تشكيل الحكومة، شهر، ما يزال يخوض مشاوراته ومفاوضاته حتى أنه طلب التمديد في المهلة الدستورية لأنه في حاجة إلى مدة إضافية لأن ما سبقها استغله في ضبط الإجراءات العامة ورسم آليات ومنهجية جديدة في إدارة الشأن الحكومي.

 

رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بدأ مشاوراته السياسية وحاول تشريك غالبية الأطراف السياسية والأحزاب والمنظمات الوطنية والكفاءات بحثا عن توافقات لحكومته المقبلة. مهلة دستورية أولى لم تسعفه في تشكيل حكومته لكنها ربما تعكس فشله و-الحزب المكلف- في ضمان الأغلبية الكافية للتصويت على الحكومة خاصة أمام انسحاب ثاني أكبر الكتل "التيار والشعب" من المشاورات لعدم حصولهما على حقائب وزارية، الأمر الذي قد يساهم في اضعاف حظوظ الحكومة القادمة في نيل الثقة في البرلمان.

رغم هذه الحركية المتسارعة في محاولة تشكيل الحكومة في أقل فترة ممكنة إلا أن البعض يحاول المسك بخيوط اللعبة لإعادة التموقع وهو ما جعل الوضع السياسي يزداد قتامة وغموضا أمام عدم بروز بوادر حلول.

 

غموض يلف المشهد الحالي في وقت تعيش فيه البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي والتوتر الاجتماعي في ظلّ ركود تام لأجهزة الدولة سواء من حيث استقالات بعض الوزراء المتتالية أو الذين ينتظرون حكومة جديدة ووزراء جدد يخلفونهم في مهامهم ومن جهة أخرى عدم وضوح رؤية الحكومة المقبلة والأطراف التي ستشارك فيها وهل ستقدم حركة النهضة بعض التنازلات المؤلمة، حتى لا يفشل اختيارها للحبيب الجملي... بين هذا وذاك ملفات حارقة وضعت على الطاولات أو بين الرفوف تنتظر تشكيل الحكومة وتولي الوزراء الجدد لمهامهم والنظر فيها بما أن الوزراء الحاليين أغلبهم بالنيابة وينتظرون ساعة المغادرة.

ما تعيشه رئاسة الحكومة من غموض على مستوى تصريف الاعمال أو من حيث التشكيلة المرتقبة، لم يكن بمنأى عمّا تشهده رئاسة الجمهورية من جهتها من ضبابية أمام صمت الرئيس قيس سعيد المتواصل بالرغم من الانتقادات التي أصبح يتعرض لها مؤخرا في غياب موقفه من ملفات عدة مطروحة على الساحة الوطنية والدولية.

الفصل 77 من الدستور التونسي ينص على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة ويختص في ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة.

 

منذ أن أصبح قيس سعيد بقصر قرطاج والأنظار كلها متجهة نحوه علّه يكون المنقذ لما تعيشه وعاشته البلاد من أزمات حكم متتالية حتى انه أريد بانتخابه تغيير الوضع السائد والقطع مع سياسة الحكم الواحد وخدمة جهة على حساب بقية الجهات.

 تداولت بعض الأخبار في الآونة الأخيرة حول عزم الرئيس المنتخب بـ 2 فاصل 8 مليون صوتا، قيس سعيد، تقديم مبادرة في كلمة سيلقيها بمناسبة الذكرى الثامنة للثورة التونسية. معلومة عبّر كثيرون عن ارتياحهم لسماعها لثقتهم في رئيسهم الذين انتخبوه، وتساؤل البعض عمّا سوف تحمله هذه المبادرة في مشهد سياسي مشتت تغلب عليه الصراعات من كل اتجاه وصوب، وأنّ قيس سعيّد مستاء من مسار المفاوضات وطلب الجملي التمديد في آجال تشكيل الحكومة بشهر آخر.

 

اليوم الاثنين 16 ديسمبر، نفت المكلّفة بالاتصال في رئاسة الجمهورية رشيدة النيفر، ما يروّج من قبل بعض وسائل الإعلام خلال عطلة نهاية الأسبوع أنّ رئيس الدولة سيلقي خطابا، يعلن خلاله عن مبادرة جديدة كجزء من تشكيل الحكومة. النّيفر أكّدت أنّ رئيس الجمهورية يحترم الدستور ومؤتمن على تطبيق القانون، وأشارت إلى أنه لو كان يريد التدخّل في تشكيل الحكومة فإنّه كان قد قام بذلك عندما طلب منه رئيس الحكومة المكلف التمديد بشهر. لكن في نفس السياق لم تستبعد النيفر أن يقوم قيس سعيد بإعداد مبادرة تشريعية يقترحها بعد تنصيب الحكومة. 

في سياق آخر، أشارت النّيفر أنّ عدم تعيّين ناطق رسمي باسم رئاسة الجمهورية تعود أسبابه إلى التجربة السيّئة مع هذا المنصب في الماضي، حسب تقيّيمهم، مشيرة إلى أنّ الهدف في رئاسة الجمهورية إنارة الرأي العام وليس خلق الضبابية. وأكّدت أنّ مصالح الإعلام برئاسة الجمهوريّة لا تعتمد المحسوبيّة والتميّيز بين الصحفيّين.

 

قيس سعيد رئيس الجمهورية من ناحيته عقد لقاءات مع عدد من الكتل السياسية وممثلي الأحزاب، بعد أن تلقى دعوات من مختلف الأطراف السياسية للقيام بوساطة بين الفرقاء السياسيين وفي بلاغ لرئاسة الجمهورية، تم التأكيد على أن رئيس الجمهورية شدّد على "ضرورة تغليب جميع الأطراف للمصلحة الوطنية والتسريع بتشكيل حكومة جديدة تعمل على إيجاد الحلول اللازمة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية العاجلة وتلبي آمال الشعب التونسي".

 في علاقة بدواليب الدولة، اكتفى قيس سعيد فقط ببعض الزيارات في الجهات الداخلية واستقبال الشباب بقصر قرطاج والاستماع إلى مشاغلهم، لكن على المستوى الدولي فإن رئيس الجمهورية إلى اليوم لم يكلّف نفسه عناء زيارة الدول الشقيقة والصديقة وحتى الأجنبية التي تجمعنا بهم علاقات ديبلوماسية وعملية.

 

إلى حدّ اليوم وتقريبا بعد مرور شهريْن من توليه رئاسة الجمهوريّة، قيس سعيّد ظلّ رئيسا غامضا بالنسبة للدّول الخارجيّة التي لم يمنحها فرصة التعرّف عليه، خاصّة وأنّ وضعيّة تونس تفرض عليه التحرك نحو الأطراف الخارجية. الديبلوماسي السابق جلال الأخضر، صرح لموقع حقائق أون لاين بأنه "من غير المعقول" أن لايبادر رئيس الجمهورية قيس سعيد بالقيام بزيارة إلى الخارج خاصّة أنّ الأطراف الخارجيّة مازالت بصدد الانتظار للتعرّف عليه وعلى توجهاته مشيرا إلى أنّ سعيّد مازال "غامضا'' لدى الأطراف الدولية سواء رؤساء الدول أو مؤسسات على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجلس الأمن.

جلال الأخضر وصف عدم تحرّك قيس سعيّد في الجانب الخارجي لتعزيز علاقات تونس مع الدول الخارجيّة بـ ''السكوت الغريب والعجيب''، مشيرا إلى أنّه تأخّر كثيرا في عرض مبادراته الخارجية في وقت تحتاج فيه ميزانية البلاد للسنة المقبلة الى تمويلات خارجية، ودعاه إلى التواصل مع من وصفهم بـ "شركاء تونس الاستراتيجيين وأصحاب القرار الدولي". 

 

بين غموض ومصير الحكومة القادمة وركود رئاسة الجمهورية، يخيّم ضباب كثيف على المشهد السياسي التونسي بانتظار انقشاعه في الأسابيع القليلة المقبلة بعد الإعلان الرسمي عن تشكيلة الحكومة.

مروى يوسف

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter