alexametrics
الأولى

الصمت الحكومي و ضبابية حقيقة رفع الدعم من عدمه

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الصمت الحكومي و ضبابية حقيقة رفع الدعم من عدمه


منذ أشهر تعيش البلاد التونسية على وقع ضبابية برنامج الإصلاح المقدم  من الحكومة التونسية  لصندوق النقد الدولي ، البرنامج الذي خيرت الحكومة التونسية بقيادة رئيستها نجلاء بودن إخفاء تفاصيله ، لينطلق الفاعلون في الشأن الإقتصادي و المالي في تونس للبحث في طيات تقارير الصندوق من أجل الحصول على ما توفر من معطيات حول الإصلاح و مقوماته و معرفة إن كان رفع الدعم على المواد الأساسية هو من ضمن الأليات التي ستعتمدها تونس في برنامج اصلاحاتها . 

 

منظومة الدعم في تونس التي  انطلقت  منذ الإستقلال  و بناء الدولة الحديثة و التي  تعود  إلى أربعينيات القرن الماضي عن طريق  إحداث  الصندوق العام للتعويض بمقتضى  الأمر العالي المؤرخ في 28 جوان 1945 و الذي  كان ضمن حزمة الإجراءات الإجتماعية بعد الأزمة التي عرفتها تونس خلال  الحرب العالمية الثانية وما خلفته من أزمة حادة في الأرياف و إرتفاع أسعار المواد  الأساسية في الأسواق العاملية و تم إرساء مخطط لدعم القدرة الشرائية للمواطنين . 

و بناءا على ما تم ذكره في دراسة مشتركة بين المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية و مؤسسة konrad-adenauer-stiftung  حول  منظومة الدعم  في تونس التي ترتبط إلزامية وجودها بعدة عوامل من بينها إرتفاع نسبة البطالة ،العجز الذي تسجيله الميزانية العامة ، تراجع سعر صرف الدينار ، الديون الخارجية ، تراجع السياحة ، ضعف معدل النمو 

منظومة الدعم التي تم وضعها لدعم القدرةالشرائية للمواطن ، التخفيف من وطأة تقلبات الأسعار العالمية والتحكم في الأسعار و إحتواء نسبة التضخم في حدود المعقول و التي هي اليوم محور نقاش بين كل من صندوق النقد الدولي، الحكومة التونسية ، المنظمة الشغيلة و جميع الأطراف الفاعلة إقتصاديا في تونس 

تواترت في الآونة الأخيرة التصريحات حول منظومة الدعم ، أصوات تنادي الحكومة بكشف ما إن كان رفع الدعم رهن الإتفاق مع صندوق النقد الدولي للتمكن من الحصول على دعمه لتونس . 

 و أمام تواصل الصمت الحكومي في علاقة بمنظومة الدعم في تونس  ، جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، في حوار تم نشره في جريدة المغرب يوم 1 نوفمبر 2022 ، بين أن" الاتفاق مبني على برنامج وضعته الحكومة التونسية شارك فيه عدد كبير من ومسؤولين من الإدارة والبنك و أن  الدعوة ليست لرفع الدعم بل تحويله الى مستحقيه الذين لا يستفيدون اليوم منه مفسرا أن  كلفة الدعم في  تونس اعلى بكثير من الانفاق الاجتماعي واعلى من الانفاق الاستثماري لهذا السبب اذا كانت هناك نظرة اجتماعية تعمل على حماية الفئات المهمشة و أنه  من الضروري اعادة هيكلة الدعم العام من خلال الية استهداف تؤمن الحماية الاجتماعية الأكبر لهذه الفئات فقد اثبتت كل الدراسات المهتمة بالدعم ان الدعم على السلع غير مجد لهذا اليوم لتكون هناك حماية اكبر للفئات الاكثر ضعفا وللمهمشين الذين يعملون بالقطاع غير الرسمي والفقراء من الضروري اعادة نظر في كيفية توجيه الدعم. "

تحويل الدعم لمستحقيه لم يكن حديث جهاد فقط بل أيضا وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد الذي تبنى نفس أقوال ممثل صندوق النقد الدولي و" أن منظومة الدعم ستبقى قائمة و لكن سيتم توجيهها  و من ثمة ستتم عمليات الترفيع في الأسعار  مشيرا إلى أن الحكومة وضعت منصة للغرض سينطلق العمل بها خلال السنة القادمة "و كان ذلك في تصريح للتلفزة الوطنية الأولى . 

هذا التصريح المتأتي من الحكومة لم يبين من سيكون المنتفع من منظومة الدعم و ماهي المعايير التي حددتها الحكومة لتوجيه الدعم و هل كل المواد الأساسية سيتم رفع الدعم عنها  ، تساؤولات أشار إليها الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي  عندما شدد أن  رفع الدعم والتفويت في مؤسسات القطاع العام مرفوض تماما، و ان المنظمة النقابية كانت قد قدمت خلال ندوة صحفية تصوراتها لاصلاح منظومة الدعم بالتركيز على ضرورة توجيهه لمستحقيه منبها في ذات الوقت إلى وچوب الانتباه الى المغالطات التي تنشرها بعض الجهات في علاقة بمستحقي الدعم حيث أن الحكومة تعتبر ان الفئات والعائلات المعوزة هي من يستحق الدعم معتبرا هذا التوجه في مغالطات ومرفوض أصلاً لأن كل الموظفين و العمال والاساتذة والمعلمين كلهم في حاجة اليوم الى الدعم مجددا بأن الاتحاد مصر على الخطوط الحمراء في علاقة بالتفويت ومراجعة منظومة الدعم بالشكل المطروح من قبل الحكومة.

تصريح نور الدين الطبوبي يضعنا أمام إحدى الفرضيات التي ربما ستعمد الحكومة إلى اجرائها في علاقة بمستحقي الدعم الى و هي تقسيم الشعب التونسي إلى ثلاثة اصناف ، الصنف الأول و هم الأكثر ثراءا و ليسوا من مستحقي الدعم  و الصنف الثاني الاكثر فقرا و هم المعنيون بالدعم  و ما بين الصنفين صنف ثالث يجب أن يثبت بطرق لم يتم الإعلان عنها بعد أنه في حاجة إلى الدعم.

توجه الحكومة في خلق طبقية الدعم  يعيدنا إلى  فلسفة السياسية الماركسية، التي تسعى لتقسيم المجتمع  إلى طبقات اجتماعية معادية .

الحكومة الحالية جعلتنا نضع فرضيات في ضل غياب الخطاب الرسمي لها الذي كان من المفروض أن يكون في إطار حوار مع كل الأطراف  و معلنا  لكامل أطياف الشعب التونسي و هذا ما جاء على لسان الخبير بمركز الدراسات التابع للاتّحاد العام التونسي للشغل عبد الرحمان لاحقة في إذاعة موزاييك  ،يوم  الجمعة 21 أكتوبر 2022، الذي سبق أن أكد  أنّ" إصلاح منظومة الدعم يتطلّب حوارا وتوافقا وطنيين و أنه  لا يمكن إصلاح منظومة الدعم في ظلّ ارتفاع الأسعار عالميا، و أنّ إصلاح منظومة الدعم لا يتم إلاّ خلال انخفاض الأسعار واستقرارها و هذا لا يمكن أن يكون إلا في إطار حوار وطني وحملة تفسيرية للمواطنين." 

اجراءت رفع الدعم عن غير مستحقيه ، انطلقت الحكومة في الإعلان عليها بدون سابق إنذار حيث كشفت  وزيرة المالية سهام نمصية البوغديري أنه سيتم رفع الدعم على المحروقات بصفة نهائية بحلول سنة 2026 لتبلغ أسعارها الحقيقية وذلك تطبيقا للاصلاحات التي انطلقت فيها تونس بخصوص التعديل الآلي لأسعار المحروقات، مشدّدة على أن الحكومة ملتزمة بالانطلاق في اعداد منصة خاصة بتوجيه الدعم المتعلق بالمواد الاستهلاكية نهاية هذه السنة. 

و كأن جميع أطياف الشعب التونسي في غنا عن الدعم الموجه للمحروقات في حين أنّ الدول الأوروبية عادت إلى مواطنيها وستدعم الغاز والكهرباء خلال الشتاء القادم .

الصمت الحكومي، غياب الخطاب الرسمي التفسيري الموجه للشعب ، التستر عن المعلومة كلها آليات تعمد إلى استعملها الحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي و كانما الإصلاحات التي وقع اقتراحها  هي الوحيدة التي ستتحمل تبعاتها في إقصاء واضح لكل الاطرف بما في ذلك الشعب التونسي . 

 نهى المانسي 

 

 

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter