تناقضات المسار الانتخابي
بعد طول انتظار و قبل يومين من الاجال النهائية صدر يوم الخميس 15 سبتمبر 2022 ، مرسوم عدد 55 لسنة 2022 مؤرخ في 15 سبتمبر 2022 ، يتعلّق بتنقيح القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه. و جاء في هذا المرسوم تفاصيل النظام الانتخابي المعلن لتشريعيات 2022 و نظام الاقتراع على الأفراد و يتضمن تفاصيل تغيير الدوائر الانتخابية و شروط الترشح.
و نص القانون أيضا على مراجعة عدد الدوائر الانتخابية ، إذ سيتم تحويل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 33 دائرة (27 في تونس وستة في الخارج) المخصصة للاقتراع النسبي إلى 161 دائرة انتخابية (151 في تونس و 10 في الخارج).
قد يبدو هذا القانون واضحا في شكله لكن محتواه يكشف عن جملة من التناقضات لعل أهمها مسـألة مشاركة الاحزاب السياسية من عدمه . بالنسبة لنائب رئيس هيئة الانتخابات ماهر الجديدي فإنّ الأحزاب السياسية يمكنها المشاركة في الحملات الانتخابية وذلك بقرار تضبطه الهيئة. حيث أكد االجديدي أنّ النصّ القانوني لم يمنع الأحزاب السياسية من المشاركة في الحملات الانتخابية قائلا ''لا مانع أن تُشارك الأحزاب السياسية في الحملة الإنتخابية ولكن كيفية مشاركة الأحزاب في الحملة الانتخابية هو موضوع قرار ترتيبي سيصدر عن مجلس الهيئة في الأيام القليلة القادمة وسيُحدّد كيفية مشاركة الأحزاب في الحملة الانتخابية''.
الا أنه و خلافا لتصريحات الجديدي قال الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، أنّ "الأحزاب السياسية لا حق لها في القيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقرر ليوم 17 ديسمبر القادم".
و أوضح المنصري في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، يوم الخميس 29 سبتمبر 2022، أنه "في مقابل ذلك، يحق للمرشحين الأفراد القيام بحملاتهم كمنتمين لأحزاب سياسية والتعريف بها وببرامجها خلال فترة الحملة الانتخابية ".
وتحدث المنصري في تصريحه الاعلامي عن وجود ثلاثة موانع مع انطلاق الفترة الانتخابية، وهي منع نشر نتائج سبر الآراء في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنع الإشهار السياسي (مثل المعلقات الاشهارية)، إضافة إلى منع استعمال الموزع الصوتي والهاتف في القيام بالدعاية .
أي أن مشاركة الاحزاب في مسار الانتخابات التشريعية المنتظرة في 17 ديسمبر 2022 لا يزال غامضا ، في الوقت الذي أعلن فيها عدد من الأحزاب مقاطعة الموعد الانتخابي و هو موقف تبنته جبهة الخلاص و الدستوري الحر على سبيل المثال في المقابل أكدت حركة الشعب الداعمة للرئيس قيس سعيد مشاركتها في الانتخابات المقبلة .
التناقض الثاني الذي يمكن استخلاصه من القانون الانتخابي و هيئة الانتخابات يكمن في دور المرأة في هذه الانتخابات ففي الوقت الذي نص الدستور التونسي على ضرورة إقرار التناصف بين النساء و الرجال و تكريس دور المرأة ، يبدو من الواضح ان المرأة مغيبة سواء في القانون الانتخابي الذي لم يقر التناصف في الترشح للانتخابات التشريعية و اكتفى بتغيير نظام الاقتراع من القائمات الى الأفراد دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ التناصف و هو خرق واضح للفصل 51 من الدستور . و حتى ان هيئة الانتخابات لم تحترم التناصف في تركيبتها "الرجالية " .
التناقض الثالث هو مسألة تشريك الشباب ، و هو شعار رفعه الرئيس قيس سعيد منذ حملته الانتخابية حين أعلن ترشحه للرئاسيات . و بالنظر الى نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 ، تحصل قيس سعيد على 2.777.931 صوتا بفضل الشباب الذين صوت أغلبيتهم ، بين 18 و 35 سنة ، لصالحه . لكن القانون الانتخابي لم يضمن الارضية الملائمة لترشح الشباب بل كرس نظام الاقتراع على الأفراد الذي سيفتح الباب أمام بيع و شراء الأصوات و " البقاء للاقوى " ومن يجمع أكثر التزكيات و ليس للشباب .
ثم أجبر القانون الانتخابي المترشحين على جمع 400 تزكية ، و هو يعد أمرا صعبا . من يستطيع جمع 400 تزكية ؟ الشباب ؟ النساء ؟ مواطني المناطق المهمشة ؟ طبعا لا انما أصحاب المال و الجاه . و سيكون من الصعب على هيئة الانتخابات التثبت من جميع التزكيات في حيز زمني محدود و قد نرى موتى في التزكيات كما شاهدنا موتى يصوتون في الانتخابات و ذلك أمام نقص امكانية المراقبة .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires