الصفحات الفيسبوكية الممولة: خرق للقانون الانتخابي - بلا عقاب !
في النظم الديمقراطية، تعتبر الحملة الانتخابية شرطا أساسيا للعملية الديمقراطية لأنها تساهم في صناعة وعي الناخب وموقفه السياسي والانتخابي، وهي توفر الفرص للمترشحين للتعريف ببرامجهم ومخاطبة الناخبين بعرض أفكارهم ومبادئهم والقضايا التي يتبنونها، وتشترط الحملة ضمان تكافئ الفرص بين جميع المترشحين أمام الناخب، وتكون هذه العملية مقننة وفقا للضوابط القانونية والتشريعية حتى لا تنحرف عن مبادئها بسبب الإخلالات التي يمكن أن تتعلق بعدم احترام السقف الانتخابي وضوابط التمويل، والتجاوزات خصوصا الإشهار السياسي والتمويل الأجنبي.
وتشترط الانتخابات الديمقراطية منح الناخبين فرص متكافئة بين جميع الأحزاب والمترشحين، وتلتزم وسائل الإعلام العمومية بوضع استراتيجية اتصالية تضمن التكافئ في الظهور الإعلامي والتغطية الإعلامية للحملات بين جميع المترشحين.
هدف الحملة الانتخابية: التعريف بالبرامج وتحفيز الناخب
والحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء هي مجموع الأنشطة التي يقوم بها المترشحون أو القائمات المترشحة أو مساندوهم أو الأحزاب خلال الفترة المحددة قانونا، للتعريف بالبرنامج الانتخابي أو البرنامج المتعلق بالاستفتاء باعتماد مختلف وسائل الدعاية والأساليب المتاحة قانونا قصد حث الناخبين على التصويت لفائدتهم يوم الاقتراع.
ومن هنا، تعتبر الحملات الانتخابية ضرورية لتحقيق هذه الأهداف. كما أنّ الانتخابات التي تشهد قدراً عالياً من التنافسية تمنح المرشّحين فرصاً عادلة لعرض مواقفهم على المواطنين والتنافس على أصواتهم. وبهدف ضمان تساوي الفرص، وحرصاً على أن تعكس الانتخابات في نهاية الأمر إرادة المواطنين.
لكن رغم أن الحملة تنطلق يوم 02 سبتمبر فهي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا موقع الفيسبوك ما يشبة الدعاية الرقمية الافتراضية.
انتهاك القانون الانتخابي: اطلاق حملات سابقة لأوانها
كثيرا ما تواجه الحملة الانتخابية والدعاية السياسية خروقات وانتهاكات من طرف المترشحين وممثلي الأحزاب بتجاوزهم القانون.
وهو ما أكده تصريح عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنيس الجربوعي يوم 14 أوت 2019 خلال الندوة الصحفية التي عقدتها الهيئة بمقرها بالبحيرة 2 بقوله أن الهيئة تتابع الصفحات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي وستتدخل لمنعها بصرامة لتعارضها مع القانون ودخولها في التمويل الأجنبي مشيرا إلى أنه سيتم احتساب تكلفتها في السقف الانتخابي.
وتثير الصفحات الفيسبوكية الممولة الجدل لأن تقنية تمويلها على موقع الفيسبوك تكون بالعملة الأجنبية وهو ما يثير إشكاليات حول مدى خرقها للقانون بما أن موعد الحملة لم ينطلق بعد ويمثل إشكالا آخرا في علاقة بطريقة احتساب تمويل هذه الصفحات في السقف الانتخابي أو التمويل الأجنبي.
وفي هذا الإطار أكد نبيل بفون رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة تطالب المترشحين بإحترام سقف التمويل مشيرا إلى أن لجنة مختصة مكونة من وزارة المالية والديوانة والبريد التونسي وهيئة مكافحة الفساد والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وهيئة التحاليل المالية ستعمل على رصد كل التحويلات المالية لفائدة المترشحين وتراقب أنشطتهم مشددا على أن الهيئة لن تتسامح مع انتهاك القانون وستتدرج في معاقبة مخالفي القانون الذي يصل إلى عقوبات خطيرة كالحرمان من النتائج.
وأنشأ عديد المترشحين منذ مدة وحتى بعد تنبيه الهيئة وإرسالها لتنبيهات إلى المترشحين والأحزاب بخصوص الصفحات الفيسبوكية الممولة التابعة لهم.
وتواصل الصفحات الممولة لأحزاب معينة ومترشحين بالظهور على مواقع التواصل الاجتماعي في خرق واضح للقانون الانتخابي، الذي يقتضي انتظار الحملة الانتخابية للقيام بأعمال دعائية والالتزام بحدود السقف الانتخابي.
حركة تحيا تونس
وظهرت صفحة ممولة تحمل اسم سليم العزابي تتحدث عن انجازات حكومة الشاهد وغلقه لمصنع السياب بصفاقس.
وظهرت صفحة ممولة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد يصافح أحد الأطفال ويرفق بصورة شعار '' بالأمل والثقة نتقدم''
حركة النهضة:
ظهرت صفحة لحركة النهضة تتضمن سبر آراء لاختيار مرشح وفيها صورة عبد الفتاح مورو.
مشروع تونس:
كما ظهر زعيم حركة مشروع تونس محسن مرزوق في فيديو ممول على صفحته ويظهر فيه بين أهله بمدينة الغريبة بصفاقس.
أفاق تونس:
وبدوره ظهر رئيس حزب أفاق تونس ياسين براهيم وهو يتحدث عن تبنيه للأفكار والتعهدات التي التزم بها المرشح للرئاسية عبد الكريم الزبيدي.
أما نبيل القروي فقد حملت صفحته الممولة بإسم حزبه قلب تونس صورته وهو بإحدى اجتماعات حزبه حيث كتب شعار '' معا من أجل تونس أفضل''
ائتلاف تحرك: عمر منصور:
كما برزت صفحة أخرى بإسم ائتلاف تحرك في صورة على صفحة ممولة تحمل صورة كتب عليها '' نعاودوا نبنيوا الدولة.. عمر منصور'' وهو والي تونس السابق والمرشح للرئاسية.
عبد الكريم الزبيدي:
وتواجدت على مواقع التواصل الاجتماعي وبصفة مكثفة على الفيسبوك صفحة باسم '' بعد السيف نعلق منجل'' وهي موالية لعبد الكريم الزبيدي المرشح للانتخابات الرئاسية.
حزب البديل:
بدوره استعمل حزب البديل صفحة ممولة ظهرت فيها صورة مهدي جمعة
كذلك فقد كان للمترشحين للتشريعية نصيب في تمويل الصفحات ومنهم النائب ياسين العياري الذي تناول في صفحة ممولة حصيلة عمله البرلماني طيلة عهدته النيابية الفارطة وهو مترشح في الدوائر الانتخابية بقائمته حركة أمل.
أمام كل هذه الصفحات الممولة نتسائل كيف ستتعامل معها الهيئة خاصة لتضارب تصريحاتها إذ تقول أحيانا أنها ستحتسبها في السقف الانتخابي أي سقف التمويل المحدد قانونيا للمصاريف على الحملة أو في باب التمويل الأجنبي الذي يمنعه القانون والسؤال أيضا عن مدى قدرة الهيئة على تكييف هذه الخروقات الى عقوبات تصل إلى الحرمان من النتائج.
يواصل الأحزاب والمترشحين للرئاسية منذ مدة في إنشاء الصفحات الفيسبوكية الممولة رغم التنبيهات المتتالية من الهيئة التي لا تزال لم تعلن بعد عن قرارتها الصارمة رغم تواصل ظهور الصفحات كما أنها لم تحدد أيضا طريقة احتسابها.
يبدو أن الحملة الانتخابية للمترشحين للرئاسية والأحزاب ستكون مهمة للغاية لأن المنافسة كبيرة وستكون أيضا عرضة للوقوع في التجاوزات كالإشهار السياسي واستغلال المنابر الإعلامية الذي سيزداد أكثر في انطلاق الحملة يوم 02 سبتمبر الى غاية 13 سبتمبر وعلى الهيئة القيام بدورها لمنع هذه الممارسات واعلان قرارتها فيما يتعلق بالصفحات الممولة حتى لا تحد العملية الانتخابية عن مصداقيتها وشفافيتها وضوابطها القانونية.
سناء عدوني
تعليقك
Commentaires