انتشر منذ يوم امس الاحد 14 مارس 2021 تسجيل صوتي للنائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار تحدث فيه عن قضية رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي و اطوار القضية ، و قال رئيس الكتلة الديمقراطية داخل البرلمان ان نبيل القروي لن يغادر السجن :"و ان غادر فسيكون مؤقتا لأن في انتظاره احكام سجنية بخمسة سنوات على الأقل في قضية اللوبيينغ " ، أشار محمد عمار في ذات السياق الى ان حزب قلب تونس سيتدثر خلال الشهرين المقبلين :" قلب تونس انتهى بدخول نبيل القروي الى السجن وهو حزب لا يمتلك هياكل او مكاتب جهوية " و أضاف قائلا :" هو ليس بحزب انما مجرد كتلة داخل البرلمان و قد يقوم فاضل عبد الكافي او فوزي اللومي او حتى حركة تحيا تونس بشراء نواب حزب قلب تونس " .

و تم تسجيل هذا المقطع المسرب من محادثة جرت بين محمد عمار و النائب راشد خياري  و الذي تعمد تسجيل كلام محمد عمار في منزله و دون علمه كما يفعل الجواسيس و عصابات المافيا في سقطة أخلاقية لا مثيل لها ، و ليس بغريب عن النائب الذي لطالما مجد الإرهاب و التطرف و اعتمد التلون من اجل كسب أصوات ناخبيه للوصول الى البرلمان ، في نقس الوقت لم يقدم النائب المستقيل من كتلة ائتلاف الكرامة أية مبادرة تشريعية  و لا يتجاوز حضوره داخل لجان المجلس ال 3 بالمائة فيما تبلغ نسبة حضوره داخل الجلسات العامة حوالي 34 بالمائة منذ انطلاقة مدته النيابية في نوفمبر 2019 .

و لم ينفي النائب محمد عمار هذا التسريب و قام بنشر فيديو على صحفته على الفايسبوك اتهم فيه النائبان معاذ بن ضياف وراشد الخياري بالخيانة و المتاجرة بالدين :"لم أرى نذلا مثل راشد الخياري و اتحداك ان تنشر التسجيل كاملا "و تابع رئيس الكتلة الديمقراطية :" يريدون توريط رئيس الجمهورية قيس سعيد "  و قام النائب عن التيار الديمقراطي بنشر تدوينة حول تقرير وزير الاصلاح الاداري السابق و الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي حول التجاوزات التي وقعت من طرف وكيل الجمهورية السابق البشير العكرمي .

و في وقفة احتجاجية تضامنية قام بها حزب قلب تونس يوم امس الاحد ،  طالب رئيس المكتب السياسي للحزب عياض اللومي، النيابة العمومية بفتح تحقيق جدّي في هذه التسريبات مشيرا الى ان :" رئيس الجمهورية قيس سعيد يتحكم في القضاء عبر زوجته لتحوّل قصر قرطاج إلى فضاء لحبك الدسائس والمؤامرات"  حسب تعبيره ، و هو ما أكده رئيس كتلة قلب تونس في البرلمان  أسامة الخليفي الذي اعتبر في تصريح لإذاعة الديوان اف ام صباح اليوم الاثنين ان تسريبات محمد عمار تثبت ان رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي :"هو في محكمة رئيس الجمهورية و حزامه السياسي و رئيس الجمهورية قيس سعيد هو من يحاكم نبيل القروي " و حول اقوال محمد عمار بان حزب قلب تونس انتهى  قال الخليفي ان :" محمد عمار يتحدث بالأحرى عن التيار الديمقراطي و هو الذي يعيش مشاكل و استقالات " في إشارة الى استقالة امين العام التيار غازي الشواشي يوم السبت 12 مارس 2021.

و من انتشار التسريب هبت قيادات نهضاوية للاستنكار و التنديد بتصريحات النائب محمد عمار مع التنبيه الى خطورتها رغم انها لا تحتوي على اسرار او مسائل خطيرة كالتي تخفيها حركة النهضة ، و استغل القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام التسريب ليتهم رئيس الجمهورية قيس سعيد بالتآمر على مؤسسات الدولة و على رئيس البرلمان راشد الغنوشي  للإطاحة به :" إن التسريبات الواردة على لسان الثرثار المهذار محمد عمار تبين أن الرئاسة منخرطة على سبيل اليقين في التآمر على مؤسسات الدولة وإرباكها بدل أن تكون عامل استقرار ووحدة بين التونسيين. الرئاسة منخرطة مباشرة في نسج المؤامرات والدسائس للإطاحة برئيس البرلمان" و أضاف عبد السلام في تدوينته التي نشرها صبيحة اليوم الاثنين 15 مارس :" على قيس سعيد أن  يختار بين أن يكون  رئيس دولة  مؤسسات وقانون أو مجرد حاجب لغرفة مغلقة ومظلمة يسكنها مجموعة من المتآمرين والمتحيلين " .

من جهته دعا النائب عن حركة النهضة نور الدين البحيري الى فتح تحقيق في هذا التسريب و الكشف عن المورطين :" على التّونسيين عموما والحكومة والمؤسستين الامنية والعسكرية والقضاء المستقلّ على وجه الخصوص  الوعي بخطورة التّهديدات والمخاطر التي تستهدف الدّولة والتعاطي مع التّسريبات بالجدّية والمسؤولية اللازمتين وفرض علويّة القانون " و اعتبر البحيري ان التعاطي مع التسريبات الفضيحة يعد امتحانا عسيرا للدولة داعيا في ذات السياق :"مكوّنات المجتمع المدني  والإعلاميين والمنظّمات المستقلّة وعموم التونسيين  وخاصّة الشّباب الى التسلّح باليقظة والتحرّك جماعات وفرادى لمنع وإفشال أي محاولة لطمس الحقيقة ومغالطة الرّأي العام والتواطئي مع المذنبين المحتملين للإفلات من العقاب" و تخفي هذه التدوينة رغبة القيادي في حركة النهضة ضرب رئيس الجمهورية و الذي لم يتردد في انتقاد الحركة و اتهامها بالفساد .

و حرصت بالتالي القيادات النهضاوية على التنديد بهذا التصريح و اعتباره قضية دولة  لصرف النظر عن المسائل المهمة التي تهم البلاد و العباد ، فلم نشاهد هذا الحرص و الاستياء حين بلغ الانكماش الاقتصادي 8.8 بالمائة سنة 2020 و عندما خفضت وكالة الترقيم السياسي موديز التصنيف السيادي لتونس الى  B3  مع افاق سلبية او حين بلغت البطالة نسبة ال 17 بالمائة و شاهدنا في المقابل انتشارا واسعا للتسريب في الصفحات الموالية لحركة النهضة تحت عنوان :"خطير " و " تسريب حصري" ليتحول الخبث و الغدر و نشر المحادثات الى انجاز تستغله بعض الأطراف لتصفية حساباتها بدل المواجهة .  

و فضحت التسريبات مستوى السياسيين في تونس و الذي تطور من اتهامات لفظية الى اعتداءات جسدية تحت قبة البرلمان وصولا  الى محاولات استدراج و تسجيلات خفية و كأننا في فيلم ابطاله جواسيس، و بدل التسابق و التنافس على تقديم مقترحات و مبادرات تشريعية و لإيجاد حلول للازمة الاقتصادية الراهنة يتسابق بعض النواب على الفضائح و الترسيبات و لضرب خصومهم .

رباب علوي