الزيادة في المحروقات وما تحمله من طيّات
ما يزال هاجس الزيادات يمثّل الشغل الشاغل للمواطنين مع تزايد وتيرة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في ظلّ واقع اقتصادي هشّ، ولعلّى قرار وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة بالزيادة في أسعار المواد البترولية خير دليل على ذلك.
أعلنت وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة يوم السبت 30 مارس مع منتصف الليل، إدخال "تعديل جزئي" على أسعار البيع للعموم للمواد البترولية، زيادة بـ 80 مليما بالنسبة للبنزين الخالي من الرصاص ليصبح السعر الجديد 2065 مليما اللتر الواحد، و80 مليما للغازوال بدون كبريت ليصبح ثمن اللتر الواحد 1825 مليما، في حين تقرر الترفيع في الغازوال العادي بـ 90 مليما ليصبح ثمن اللتر 1570 مليما.
الترفيع في سعر المحروقات هذه المرة كان على غير العادة إذ اتفقت كل الأطراف على رفضه وواجه العديد من الانتقادات وقوبل بالاحتجاج سواء من الشركاء الاجتماعيين أو المعارضة والمجتمع المدني.
الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية اعتبر أن هذه الزيادة تمثّل ضربة جديدة قاسمة للصناعة التونسية ودعا إلى وقف نزيف الزيادات في أسعار الطاقة والمحروقات وتجميد أي زيادة في سنة 2019.
كذلك الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري استنكر هذه الزيادة وطالب باتخاذ إجراءات عملية فعالة للحد من تداعياتها والإسراع في الترفيع في نسبة دعم المحروقات في قطاع الفلاحة والصيد البحري، وشدّد على حق هياكله في التحرك والاحتجاج واتخاذ كل الأشكال النضالية المشروعة.
لم يشمل التنديد والرفض فقط المؤسسات الفاعلة في البلاد والقطاعات المعنية، بل شهدت العديد من الولايات في مختلف جهات البلاد تحركات احتجاجية وحالة من الاستياء وغلق لمنافذ المدن تنديدا بهذه الزيادة المشطّة، على غرار الرقاب من ولاية سيدي بوزيد أين نفذت مكونات المجتمع المدني بالجهة وقفة احتجاجية تعبيرا عن رفضهم لهذه الزيادة، وولاية المنستير حيث عمد عدد من أهالي الجهة إلى غلق مجموعة من الطرقات للتعبير عن غضبهم من الزيادة في أسعار المحروقات، وولاية سوسة والقيروان، بالتزامن مع تحركات في العاصمة لا سيما منها طريق روّاد المؤدي إلى المنطقة السياحية قمرت، ومحوّل المروج ميامي.
هذا وتطالب مكونات المجتمع المدني بمختلف ولايات الجمهورية إلى ايقاف السيارات وغلق مداخل المدن إلى حين التراجع عن الزيادة في سعر البنزين.
فما يدعو إلى التساؤل هذه المرّة هو أن وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة سليم الفرياني كان قد صرّح في شهر مارس الماضي بأن لا وجود لزيادة ونفى تخطيط الحكومة للترفيع في أسعار المحروقات، لكن وكسابقاتها، وبمناسبة انعقاد أشغال القمّة العربية في دورتها الثلاثين ومع نهاية الأسبوع وفي حدود منتصف الليل تتخّذ الحكومة قرارها بـ "تعديل" أسعار المحروقات، تعديل مفاجئ في وقت يفاجئ وسط صدمة الشارع التونسي الذي مازال لم يتقبل الزيادات التي سبقتها ليجد نفسه أمام زيادة جديدة. زيادات أثقلت كاهله وخاصة الفئة محدودة الدخل، ولم تراعي الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد وتسعى في كل مرّة إلى ضرب المقدرة الشرائية للمواطن الذي يعيش منذ سنوات حالة من الضيق المالي بسبب غلاء الحياة اليوميّة وأمام حكومة اختارت المضي قدما في اتخاذ قرارات موجعة وبشكل منفرد.
حكومة صمّاء عن التنديد والرفض المتواصل للزيادات التي تقرّها بين الفينة والأخرى، وفضّلت الحل الصعب واتباع سياسة الترفيع المتواصل خاصة في المحروقات ففي سنة 2018 شهد هذا القطاع زيادة بـ 4 مرّات.
هذا وقد تعرف بعض المواد الأساسية في الفترة القادمة زيادة مرتقبة وهو ما يفسرّه تضرّر الاقتصاد الذي يعاني أساسا من الاقتصاد الموازي الأمر الذي سيزيد من وطأة الأعباء المعيشيّة في ظلّ عجز الحكومة عن اتخاذ التدابير اللازمة وتبني الإصلاحات الضرورية الفعّالة لانقاض الاقتصاد والتخفيف عن المواطن من تداعيات زيادة الأسعار وتأثيرها على الاستقرار الاجتماعي للبلاد.
وماتزال الحكومة إلى حدّ الآن تفتقد سياسة واضحة في السيطرة على الأسعار وتعديلها وقد تخرج التحركات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، كل مرّة جرّاء السياسة الخاطئة، عن السيطرة في حال عدم مراجعة الحكومة لقراراتها.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires