الاقتصاد التونسي على المحك
مدّة القراءة : 2 دقيقة
تجد حكومة نجلاء بودن اليوم نفسها أمام تحديات اقتصادية كبيرة ، و ذلك نتيجة تراكمات ووضع اقتصادي متدهور منذ سنوات و تفاقم نتيجة جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي بصفة عامة و الاقتصاد التونسي بصفة خاصة.
و سجل النمو الاقتصادي في تونس نسبة 3.7 بالمائة سنة 2012 ، و نسبة 2.6 بالمائة سنة 2013 ، و 2.3 بالمائة سنة 2014 ثم تدحرج سنة 2015 ليسجل 0.8 بالمائة ، و ذلك بسبب العمليات الارهابية التي جدت تلك السنة و التي أثرت على القطاع السياحي و هذا بالاضافة الى الأوضاع السياسية والأمنية التي عاشتها ليبيا الشريك الاقتصادي الاول لتونس عربيا و اقليميا.
ثم جاءت الأزمة الصحية لتعمق الازمة الاقتصادية ، حيث تراجع النمو الاقتصادي في تونس و وصل الى حدود 8.8 - بالمائة سنة 2020 ، يأتي ذلك بعد تراجع الناتج المحلي الإجمالي ، و أيضا بعد تراجع الإنتاج و انتكاسة السياحة في ذلك الوقت .
وفي الثلاثي الثاني من السنة الحالية سجلت تونس نموا اقتصاديا بنسبة 16.2 بالمائة بالمقارنة مع الثلاثي الأول من سنة 2020 بحساب الانزلاق السنوي لأسعار السنة السابقة و بلغ الانكماش الاقتصادي في الاشهر الاربعة الاولى من السنة الحالية 3 بالمائة ، و قد تبدو الارقام التي تم تسجيلها خلال الأشهر الأولى من سنة 2021 أفضل من المؤشرات التي تم تسجيلها سنة 2020 و التي فاق فيها عجز الميزانية ال 11 بالمائة ، لكنه يبقى وضعا صعبا يتطلب إجراءات عملية تخرج تونس من أزمتها الاقتصادية .في هذا السياق توقع البنك الدولي في تقريره حول "آفاق الاقتصاد العالمي" ، أن تبلغ نسبة النمو في تونس 3 بالمائة سنة 2021 و3.3 بالمائة سنة 2022 و توقع البنك الدولي انتعاشة اقتصادية طفيفة في تونس بعد سنة صعبة لكن في الاخير تبقى هذه الانتعاشة رهينة الاجراءات التي ستتخذها الحكومة التونسية في الفترة المقبلة .
و لعل أبرز التحديات التي تواجهها تونس هي أزمة الديون التي ظلت في ارتفاع متواصل ، اذ ارتفع الدين العام من 39 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام في عام 2010 الى حدود 81،52 بالمائة في جوان 2021 بقيمة 99،3 مليار ، و للاشارة توقع قانون المالية لسنة 2021 أن يصل الدين العام الى حوالي 90،13 من الناتج الداخلي الخام بقيمة 109 مليار دينار آخر السنة الحالية .
و بالنظر الى هذه المؤشرات الاقتصادية خفضت وكالة موديز منذ شهر فيفري الماضي تصنيف تونس من B2 إلى B3، مع نظرة مستقبلية سلبية ، لهذا السبب و بالنظر الى حساسية المرحلة الحالية على الحكومة الحالية الإسراع في تطبيق برنامج اقتصادي يحقق التوازنات المالية و يسترجع الثقة في المؤسسات المالية خاصة منها صندوق النقد الدولي الذي دخلت معه تونس في مفاوضات منذ شهر أفريل الماضي وتوقفت في شهر جويلية بسبب للتحولات السياسية التي وقعت .
ويعد هذا التوقيت مهما لتونس أيضا لان مؤسسات الترقيم السيادي بصدد إعداد تقاريرها و تصنيفاتها التي ستصدر أواخر شهر أكتوبر الحالي و التي تعد حاسمة للمؤسسات المالية الدولية و التي ستحدد اثرها موقفها و قرارها في خصوص إقراض تونس من عدمه .
و الى جانب الافتراض الذي أصبح ضرورة لا مفر منها ، على الحكومة التونسية العمل على تركيز إصلاحات اقتصادية تقوم على المبادرة الحرة و الدفع نحو الاستثمار و خاصة تعصير و رقمنة الادارة ، فالاقتصاد التونسي اليوم اصبح على المحك و يتطلب قرارات جريئة تقطع مع الوضع السابق الذي أثبت فشله .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires