الاقتصاد الموازي ينخر الاقتصاد التونسي و يفتك به
نشر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقرير حول القطاع الموازي في تونس وانعكاساته السلبية على الاقتصاد التونسي ، وأشار المنتدى الى العلاقة الوثيقة بين الفقر والبطالة وانتشار الاقتصاد الموازي في ظل حكومات ضعيفة .
و بحسب التقرير ارتفعت نسبة الاقتصاد الموازي منذ سنة 2011 فقبل الثورة كان الاقتصاد الموازي يمثل 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام و بعد الثورة أصبح يشكل حوالي 53 بالمائة . و أوضح المنتدى أن الاقتصاد الموازي يتغذى من أزمة القطاع الاقتصادي المهيكل ، فكلما كان الاقتصاد المهيكل في أزمة ارتفع منسوب الاقتصاد الموازي. أيضا للاقتصاد الموازي علاقة وثيقة بمستوى الفقر في البلاد لهذا السبب نجد انه و في البلدان المتقدمة بالكاد يتجاوز الاقتصاد الموازي 10 بالمائة وهو المثال الايطالي ، أما في البلدان النامية تصل نسبة الاقتصاد الموازي الى حدود 50 و 60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام و هو ما يحدث في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء .
و الملاحظ أن وحدات الانتاج غير الرسمية عادة ما تمتلك رأس مال بشري و مادي منخفض ، لهذا السبب يلجأ البعض الى الاقتصاد الموازي كونه أقل تكلفة من الاقتصاد المنظم .
و حول مصادر الاقتصاد الموازي أشار منتدى الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية إلى أن " الديوانة تعد أحد مراكز التهريب و الفساد و ذلك عبر نشر البعض لبيانات كاذبة عن طبيعة وقيمة المنتجات ، حاويات غير مسجلة ، تهرب من زيارات المراقبة … "
و نقل تقرير المنتدى دراسة عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أنجزت سنة 2017 وأشارت الى أن 30 مسؤولا في الديوانة تورطوا في هذا النوع من الممارسات . و أكدت نفس الدراسة انه وقع اقالة 55 شخص بسبب شبهات تورطهم في ملفات فساد من هذا النوع .
و وفق المنتدى، 80 بالمائة من تجارة التهريب غير الشرعية تمر عبر الموانئ والمطارات .
من جانبها أجرت جمعية جسور مسحًا شمل 1200 شركة تتعامل مع الديوانة التونسية ، أكد 24 بالمائة منهم أنهم أجبروا على دفع رشاوى في عام 2016 مقابل 32 بالمائة عام 2014. و71 بالمائة من المستطلعين يعتقدون أن حملة مكافحة الفساد لا تؤثر على الفاسدين و لا تقاوم الظاهرة .
وبحسب مسح العينة الذي أجرته جمعية جسور على 1000 تونسي تتراوح أعمارهم من 18 سنة فما فوق ، يعتقد التونسيون أن بؤر الفساد متأتية من الديوانة بنسبة 64 بالمائة ، المحاكم 17 بالمائة ، و الشرطة 9 بالمائة . و أفاد المستجوبون في الدراسة التي أعدتها الجمعية ، ان الفساد موجود بنسبة 44 بالمائة لدى رجال الأعمال ، الإدارة التونسية بنسبة 27 بالمائة والسياسيين بنسبة 24 بالمائة . وبحسب المستطلعين ، فإن أفضل وسائل الضغط للتقليل الفساد هم : الفاعلون الأجانب بنسبة 50 بالمائة ، الحركات الاجتماعية
بنسبة 24 بالمائة والإعلام بنسبة 22 بالمائة .
و في خصوص تجارة التهريب عبر الحدود ، تحدث تقرير منتدى الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية عن تساهل الدولة مع هذه الافة "على مدى أكثر من أربعة عقود كانت الدولة متساهلة مع هذا النوع من التجارة بين تونس وليبيا لأسباب تتعلق بالفقر ، الأمر الذي أدى الى انتشار تجارة التهريب عبر الحدود بصفة كبيرة و لهذا النوع من التجارة تأثير كبير على الاقتصاد التونسي " .
و أوضح تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انه يوجد ما بين 25 و 30 نسمة يعيشون من تجارة التهريب في بن قردات من هذه التجارة و يبلغ رأس مال كل تاجر جملة حوالي 300 ألف دينار فيما يبلغ رأس مال تجار الجملة البالغ عددهم 60 تاجرا حوالي 18 مليون دينار.
و يتم إدخال حوالي 300 ألف لتر من الوقود يوميًا من ليبيا الي تونس اي 110 مليون لتر سنويا. و يتراوح حجم التبادل اليومي بين مليون و 3 ملايين دينار ، أي ما يقارب 750 مليون دينار سنويا. و يقدر رقم المعدل السنوي للمعاملات التجارية في منطقة رأس الجدير بـ 1100 مليون دينار.
و من بين الآثار الاقتصادية السلبية على قطاع التجارة ، أشار التقرير الى ولاية صفاقس التي تأشرت سلبيا من هذه الظاهرة ففي سنة 2010 كان في المنطقة الصناعية بصفاقس 42000 عامل في هذا قطاع الأحذية ، و في عام 2016 لم يتبق سوى 2000 عامل. و يعود هذا بالاساس الى الأحذية صينية مستوردة بطريقة غير مشروعة.
و تحدث التقرير على حدوث "دمقرطة" بعد الثورة وانتشار تجارة التهريب يديرها بارونات جدد ينفون وجود الدولة وشرعيتها. علاوة على ذلك ، هذه التجارة عبر الحدود مخترقة بشدة من قبل الجريمة المنظمة والإرهاب .
لا يزال الاقتصاد الموازي ينخر الاقتصاد التونسي ، وسط تغافل السلطات التي لم تنجح في مواجهة هذه الظاهرة ، و التي تكشف عن وضع اجتماعي و اقتصادي دقيق . ففي بعض الحالات تدفع البطالة و التهميش الى هذه النوع من الممارسات و في حالات أخرى يستغل البعض تغافل السلطات من اجل الكسب غير المشروع .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires