الشقق الصيفية المفروشة .. تجارة موسمية مُربحة
مع دخول شهر جويلية وارتفاع درجات الحرارة يكون قد رُفع الستار عن موسم الصيف الذي ينتظره الجميع لأخذ قسط من الراحة والإستمتاع بالشواطئ والسباحة .. ولئن يختار البعض الحجز في الفنادق على شاطئ البحر وبطبيعة الحال فإن الإسترخاء وحمامات الشمس هي أكثر الأنشطة رواجا، فإن آخرين يعتبرون أن كراء شقة على مقربة من البحر هو الحل الأمثل والأوفر لقضاء عطلة مع أفراد العائلة وهو خيار صار يحظى بإقبال أكبر من طرف التونسيين مما يدرّ على أصحاب الشقق مداخيل إضافية.
حلّ فصل الصيف منذ شهر جوان الذي شهد ارتفاعا في درجات الحرارة فاقت في بعض الأيام 40 درجة ولمقاومة هذه الموجة من الحر قام البعض منذ أشهر بحجز مكان لهم قرب الشواطئ حيث النسيم العليل.
تداول المعلومات والمعطيات حول فرص كراء الشقق وحجز الفنادق يتم بالأساس عبر الإعلانات والإتصال المباشر والتخفيضات والوكالات العقارية، إلى جانب الشبكة العنكبوتية وخاصة موقع "آر بي آن بي" .. إطلالة سريعة على محتوى هذا الموقع تعطي فكرة عن نجاح الموسم، حيث لم يعد شيء يُذكر للحجز خلال الشهرين القادمين.
عادة ما تفضّل الأسر بحكم ارتفاع عدد أفرادها، قضاء العطلة الصيفية في شقق يتم اكتراؤها نظرا لانخفاض الكلفة مقارنة بالإقامة في الفنادق .. ورغم ارتفاع الأسعار فإن شقق الكراء ما زالت تلقى إقبالا ملحوظا من طرف العائلات .. هذه الشقق التي تارة تكون في شكل منازل وطورا شققا في عمارات وأحيانا إقامات فاخرة وكبيرة بها مساحات خضراء ومسابح وهي تعرض للكراء بأسعار خيالية تختلف وفقا لعديد المقاييس.
من بين هذه المقاييس أن بعض المناطق مطلوبة ومرغوب فيها أكثر من غيرها وجودة البحر وسمعة الشواطئ وتوفّر وسائل الترفيه وقرب البحر من موقع الإقامة ومدة الحجز وفترتها ... كلها عوامل تسمح للشخص باختيار الشقة التي تناسبه وتراعي ميزانيته.
وتبقى منطقة الحمامات من بين الوجهات المرغوبة خلال عطلة الصيف لجمال شواطئها وعلبها الليلية ومطاعمها وفضاء المارينا .. فهي كلها مُحفّزات لا يُستهان بها إذا ما أضفنا إليها القرب الجغرافي من العاصمة وهو ما يجعل هذه المنطقة السياحية تشهد كل عام نسبة حجز عالية جدا ..
في مواقع الإعلانات ومن ضمنها "آر بي آن بي" تتراوح الأسعار بين 40 أورو (130 دينارا تقريبا) لليلة الواحدة و600 أورو (حوالي 2000 د) في الليلة.. وإذا احتسبنا مدة إقامة بعشرة أيام لعائلة كبيرة العدد فإن التكاليف تصبح مشطّة جدا رغم أنه عادة ما يتم اقتسام هذا المبلغ بين الأفراد المنتفعين.
ولئن كان البعض يفضلون قديما الشقق على الفنادق لأسباب مادية ومالية بحتة فإن الأمور تغيرت اليوم إذ أصبح الناس يبحثون عن شقق وإقامات فاخرة تضاهي المستوى المتوفر في النزل والفنادق.. فالشقق التي توجد بها مسابح وحدائق يتهافت عليها المصطافون الذين يتشكلون في مجموعات تساهم كل واحدة منها بحصتها من المبلغ الجملي حتى يخف العبء ويصبح الترف في متناول الجميع.
في جوهرة الساحل سوسة أو غيرها من المناطق الساحلية تبدو الأسعار منخفضة نسبيا وهي في متناول كل الإمكانيات .. لكن سواء تعلق الأمر بمدينة الحمامات أو قليبية أو المهدية فإن الأسعار تتراوح بين مئة دينار وآلاف الدنانير لليلة الواحدة، حسب المعايير والمقاييس الآنفة الذكر.
فمقارنة بإقامة عادية بأحد الفنادق فإن من بين المزايا الكبرى التي وفرها كراء الشقق هو إمكانية استقبال عدد غير محدود من الزائرين والضيوف وهو ما يراهن عليه المصطافون للحد من التكاليف. وقد التقينا بعض الشبان منهم الذين أكدوا لنا أنهم صاروا يحبذون هذا الخيار.
"نحن مجموعة من 10 أصدقاء، فينا أزواج بأطفالهم وكذلك غير متزوجين ونسعى إلى أن نلتقي خلال العطلة الصيفية .. منذ سنوات نكتري فيلا كبيرة في مدينة الحمامات بها مسبح وعديد الغرف وقد وجدنا راحتنا من حيث حريتنا والتصرف في وقتنا واقتناء مشترياتنا والإعداد للمأكولات، فضلا عن السهر إلى ساعة متأخرة من الليل كما أنه بإمكاننا السباحة مساء .. الأطفال أيضا فرحون وسعداء بوجودهم هناك"، حسب ما أفادتنا به فريال وهي إحدى المتعاملات مع موقع "آر بي آن بي".
كما أضافت متحدثتنا أنه "للذهاب إلى الفندق يجب حوالي 300 دينار للشخص الواحد في الليلة الواحدة، لذلك علينا تخصيص 1200 د في كل ليلة، لكن إذا كنا عشرة، لا يدفع الشخص الواحد سوى 120 د وهذا أمر مقبول مقارنة بأسعار الفنادق".
فكراء شقة مقارنة بالحجز في فندق، ينطوي على كثير من الإمتيازات التي تغري المصطافين من التونسيين والأجانب، وخاصة من هؤلاء باعتبارهم لا يناقشون كثيرا الأسعار كما أن عدد زائريهم محدود وهي مسألة هامة جدا لأصحاب الشقق الذين يجدون أنفسهم في بعض الحالات أمام العشرات من المقيمين في شقة قد تتداعى محتوياتها في نهاية موسم الصيف لكن هذا لا يشكل مشكلا كبيرا باعتبار أن المداخيل تسمح لصاحبها باتخصيص جزء منها للقيام بأعمال الصيانة والإصلاحات اللازمة، سيما وأن تلك المداخيل لا تخضع غالبا لأية أداءات.
البعض من مالكي الشقق اتخذوا من هذا النشاط تجارة موسمية وهم عادة من أصحاب المهن الحرة أو كبار الموظفين الذين ذهب بعضهم إلى حد تشييد إقامات صغيرة تتكون من شقق خاصة بالمصطافين .. هذه الشقق ذات الكراء المغري عادة، قد تدرّ على صاحبها مداخيل قد تصل إلى 8 آلاف دينار للشقة الواحدة وهو ما يدفع البعض بكراء منزله خلال موسم الصيف فالعديد متساكني المناطق الساحلية والشاطئية يقومون بكراء إقاماتهم الرئيسية وقضاء شهري جويلية وأوت عند الأهل أو الجيران مقابل بضعة آلاف من الدنانير.
لا شك أن استئجار الشقق المفروشة خلال الصيف قد دخل عاداتنا ولئن أضر بمداخيل بعض الفنادق، فإن الوحدات الفندقية لا تشكو من هذه تجارة إيجار الشقق فبعض الفنادق لا توجد بها غرفة واحدة شاغرة .. يبقى من الأهمية بمكان تنظيم هذه السوق التي تفلت من كل رقابة فخزينة الدولة لا تستفيد من هذا القطاع في شيء كما أن هذه المعاملات تفتقد لاي ضمانات من الناحية الأمنية، فعرض شقة للكراء، دون معرفة هوية المقيمين فيها بالفعل ودون التصريح بعدد الأشخاص الذين سيحتلون المكان لفترة معينة في حي ما، تعد مسألة اعتباطية وفوضوية وتتعارض مع قواعد الأمن الضرورية.
(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires