alexametrics
الأولى

التونسي والمناسبات ... مكره أخاك لا بطل

مدّة القراءة : 3 دقيقة
التونسي والمناسبات ... مكره أخاك لا بطل

 

يمثّل عيد الفطر مناسبة سنوية تحيي خلالها العائلات التونسية موروثا ثريا من العادات والتقاليد التي تختلف من جهة إلى أخرى، وتشترك كلها في تحضير الحلويات والأطباق التي تقدّم في أوّل أيّام العيد.

 

عيد الفطر عند التونسيين هو مناسبة دينية عقائدية احتفالية، تبدأ حركيته منذ آخر أيام شهر رمضان حيث تزدهر تجارة بيع الملابس والأحذية، وتفتح المخابز أبوابها إلى انبلاج الفجر نظرا لإقبال العائلات التونسية على صنع الحلويات التقليدية وتعرف مساحات بيع الألعاب اكتظاظ غير مسبوق وكأن باقي أيام السنة تقفل المتاجر والمحلات أبوابها.

 

هلال شوّال لهذه السنة تعذّرت رؤيته بعد أن صرّح مفتي الجمهورية عثمان بطيخ في وقت متأخر من ليلة البارحة الاثنين أن أوّل أيام عيد الفطر هو يوم الأربعاء، ظهور المفتي أثار ردود أفعال مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي نظرا لتأخره وانتظار العائلات كلمته التي أبت أن تنطق، الأمر الذي كان محل سخرية خاصة وأن المعهد الوطني للرصد الجوي أصدر بلاغ منذ أيام يؤكد أن المعطيات الفلكية تفيد بأنه لا يمكن رؤية هلال بداية شهر شوال بعد غروب شمس يوم الاثنين 03 جوان في أغلب البلدان الإسلامية وقارات العالم وهو ما يشير فلكيا إلى أن أوّل أيّام عيد الفطر يكون يوم الأربعاء 05 جوان.

 

وبمجرّد القاء مفتي الجمهورية لكلمته إلا وانطلقت صفحات التواصل الاجتماعي - التي لا يسلم سالم منها - في الاستغراب والسخرية وكيف أن تونس "كبرت وصارت –تعيّد- دون السعودية" خاصة بعد أن أعلنت عديد الدول العربية الإسلامية أن اليوم الثلاثاء هو أوّل أيام عيد الفطر على غرار السعودية وقطر والكويت والامارات والجزائر والبحرين.

 

ماتزال الاستعدادات التي انطلقت قبل أيام من مجيء العيد، حثيثة لإعداد بعض المأكولات وخاصة منها المتوارثة جيلا بعد جيل ترسيخا للعادات والتقاليد الغذائية، وبدأت وسائل النقل العمومي والخاصة تشهد حركيّة على غير العادة لتأمين السفرات للمواطنين وتقريب المسافة بينهم.

يوم العيد ينطلق فجرا "بوطبيلة" يجوب الشوارع والأحياء التي ألفها وألفته وهو يقرع طبوله تهليلا بحلول عيد الفطر ويهنى الناس بقدومه بمقابل مادي عادة ما يكون زهيدا كهبة من المواطنين كل حسب امكانياته.

 

ثلاثة أيام من الاحتفال تختلف مظاهرها حسب الجهات ووفق العادات والتقاليد فهناك من يزور المقابر للدعاء للأموات ومن يذهب لزيارة الأقارب وتقديم التهاني ويحرص الأطفال على اللعب مع أقرانهم بملابسهم الجديدة.

 

أما العادات الغذائية فتتوزع حسب كل جهة فتشتهر ولاية صفاقس وجربة بطبخ "الشرمولة" والتي تتكون من البصل والزبيب تستهلك مع السمك المالح بصفاقس و"شرمولة" جربة فتتكون من البصل والطماطم ومن فوائدها تحفيز الرغبة في شرب الماء وبالتالي تحقيق الارتواء.

 

أما أهل الجنوب في جهة الجريد فيقومون بطبخ الفول وتوزيعه على الضيوف لتقوية المعدة وتهيئتها لما بعد الصوم.

 

في حين تنفرد بن قردان بإعداد "عصيدة الفارينة بالمعقود" التي يقع تناولها مع أكلات أخرى على غرار الكسكسي.

وتتميز جهة الساحل وتونس العاصمة بطهي "الملوخية" و "الحلالم" لتعويد المعدة على استرجاع نسق الغذاء العادي بعد شهر من الصيام، والتي تستهلك مع "الحلو العربي" والمشروبات.

 

وفي بنزرت تقوم نساء الجهة بإعداد طبق من أسماك القاروص والوراطة والمرجان كوجبة لأول أيام العيد.

 

بعد شهر التوبة النصوحة للبعض وشهر الشهوات ومائدة الإفطار المتنوعة والسّحور وما يخفيه من عادات وانشغال التونسي ببطنه أكثر من كل شيء، وتكثيف حملات المراقبة على المحلات وتركيز الاتصال الحكومي على مراقبة أسعار المواد الغذائية بمختلف الأسواق، سيدخل التونسي مرحلة أخرى من السبات الصيفي بانطلاق العمل بنظام الحصّة الواحدة الذي يستبشر به أغلبية الموظفين بالرغم من غياب الإنتاج والإنتاجية ويمثل لهم عيد من نوع آخر وبطعم مختلف والذي يساهم بدرجة كبيرة في تعطّل مصالح العديد من المواطنين لما يحمله هذا النظام من ركود لحركة العاملين بالمؤسسات العمومية.

 

ولئن ينتظر الكثيرون فترة العمل بنظام الحصة الواحدة فإن البعض الآخر كأصحاب المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي لا يتحمسون له باعتبارهم من أكثر القطاعات تضررا منه خاصة القريبة من مقرات عمل الموظفين والتي تقتصر مداخيلها عمّا يوفره لها الموظفون والعملة.

 

العمل بنظام الحصة الواحدة ظاهرة سلبية تتميّز بها تونس عن باقي دول العالم في وقت تعاني فيه البلاد من صعوبات اقتصادية حيث يعمل التونسي والإدارات العمومية ثلث السنة ساعات معدودات في اليوم.

 

عادات دأب التونسي على ممارستها واعتاد تطبيقها واستحالة العيش بدونها حتى أصبحت حياته منظمة وفق روزنامة المناسبات والأعياد بما يجعل له نكهة خاصة وطعما فريدا وجوّ استثنائي يراوح بين الحداثة والمحافظة على ما تبقى من العادات والتقاليد التي مازالت حية عبر الزمن.

 

تختلف المناسبات بأوقاتها وخاصياتها وما تحمله من دلالات حتى أن تتالي الأعياد وكثرتها أصبح مصدر ضجر للعديد مع تواتر المناسبات "الدخيلة" وما تحمله من مصاريف وأضرار مادية حتى أن البعض من التونسيين يجبر على اقتراض مبلغ مالي من أجل الاحتفال بمناسبة ما، ويصر على الاحتفاء كلّفه ذلك ما كلّفه غير عابىء بتدهور المقدرة الشرائية ولا بالارتفاع الجنوني للأسعار.

 

مروى يوسف

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter