الديوانة التونسية وحملات التشويه - القانون لا يحمي الجاهلين به
يبدو أن التسرع في القاء اللوم على عاتق الدولة والمؤسسات الوطنية دون أدنى جهد في التثبت من التشاريع والقوانين المنظمة للحياة العامة والحياة الاقتصادية، يتواصل هذا الأسبوع. من تدوينة النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف التي اتهم فيها البنك المركزي بمؤامرة كونية للتدخل الخاجي في الاقتصاد الوطني الى الاتهامات المتكررة ضد الديوانة التونسية بحجز هبات خارجية شريطة دفع مبالغ طائلة مقابل التمكين من استغلالها.
بداية الاسبوع، تحولت تدوينة طبيبة تونسية مقيمة بالخارج قامت بجمع بضائع موجهة للأعمال الخيرية الى قضية رأي عام، أقيمت فيها عشرات المحاكمات الفايسبوكية لاتهام الديوانة باحتجاز البضائع واشتراط مبلغ مالي مقابل اخراجها، وانتشرت شائعات عن الفساد الديواني وانتقاد المؤسسة التي اتهمت بتعطيل تمكين المعوزين والفئات الفقيرة من المساعدات الموجهة لهم.
بعد التثبت مع مصدر في الديوانة، علمت بيزنس نيوز أن الرواية الحقيقة مخالفة للهيستيريا الفايسبوكية التي انطلقت في تشويه الديوانة دون تثبت من الاطار القانوني. السيدة المعنية بالأمر، لم تقم باعلام السلطات أن البضائع التي بحوزتها هبات ومساعدات عبر مطلب قانوني في الغرض، وصنفت البضائع مع بقية أغراضها وحقائبها، مما قد يحيل الى أنها كانت معدة للبيع والتجارة خاصة أنها متمثلة في البسة واغطية ومواد مدرسية ودرجات هوائية وألعاب. كان تدخل الديوانة وحجز البضائع في ميناء حلق الواد لمدة 24 ساعة رد الفعل القانوني والطبيعي مُطالبة بخلاص أداءات البضائع، مثل سائر المعاملات الديوانية التي تحدث بصفة يومية. لا يمكن لأي تونسي مقيم بالخارج ادخال كميات من البضائع مجهولة المصدر دون فواتير أو دفع اداءات، والتوقع أن الديوانة ستقوم بتمريرها بدعوة أنها "مساعدات'' دون تقديم الوثائق التي تفيد بأنها هبات. التعامل مع الجمعيات والافراد فيما يتعلق بإرسال الهبات ذات الصبغة الخيرية يتم وفقا لمقتضيات القانون والتشريع الجاري به العمل و يشمل الفصل 272 من مجلة الديوانة وقرار وزير المالية المؤرخ في 29 ديسمبر 1955، في اطار عمليات منتفعة بامتيازات وعمليات القبول مع الإعفاء التي تستوجب مطالبا في الغرض لتعريف البضائع على أنها هبات وتحديد صيغتها المخالفة للصيغة التجارية أو الربحية.
لاحقا وفي الاسبوع ذاته، صرحت المعلقة في برنامج "اللي بعدو" مرام بن عزيزة أن قوات الديوانة منعت هبة امارتية متمثلة في سيارات اسعاف، واشترطت مبلغا خياليا مقابل السماح باستغلالها. المعلقة، ادعت أن لها صديقا تونسيا مقيما في الامارات أراد تقديم مساعدة لأحد المستشفيات وقام بارسال سيارتي اسعاف تحمل تجهيزات طبية اسعافية متطورة، لكن السيارات تم حجزها لدى الديوانة مقابل شرط دفع مبلغ 340 الف دينار.
هيثم زناد الناطق الرسمي باسم الديوانة نفى قطيعا تصريح الممثلة وعارضة الأزياء، ووصف ادعائها بالكذب ومحاولات التشويه. زناد أكد أنه لا يوجد اثر قانوني في سجلات الديوانة على تلقي سيارات الاسعاف التي تحدثت عنها بن عزيزة، ولا يوجد أي وثيقة أو طلب في الغرض في كل مصالح الديوانة، مشددا أنه لم يتم حجز أي سيارات اسعاف وأن المعدات الطبية ليست مسؤولية الديوانة وحدها، اذ أن وزارة الصحة تتدخل لضمان سلامة المعدات الطبية الموجودة داخل سيارة الاسعاف، ووزارة التقل تتدخل لتمكين السيارة من رخضة للسماح لها بالجولان في الطرقات التونسية، متهما المعلقة بنشر أخبار زائفة للطعن في مصداقية مؤسسة الديوانة.
لدى تثبتنا من الاطار القانوني المنظم لتلقي هبات طبية من الخارج، وجدنا أن الهبات مثل سيارات الاسعاف والمعدات معفية من دفع اي مليم للدولة التونسية، لأنها تندرج ضمن حالة المساعدات والتي تتمتع بامتيار جبائي. وفق مجلة الديوانة فان المساعدات الموجهة للمستشفيات العمومية من الخارج تعفى كليا أو جزئيا من دفع المعاليم والأداءات المستوجبة العمليات لأنها إرساليات وعمليات التوريد الاستثنائية التي لا تكتسي صبغة تجارية.
تصريح قيس سعيد رئيس الجمهورية لدى زيارته مكان حادثة عمدون، حول سماح الديوانيين "بتمرير المخدرات وتعطيل سيارات الاسعاف" كان أول الاتهامات التي شككت في مصداقية الديوانة. ورغم ان رئيس الدولة أكد في كلمته لدى الاحتفال بذكرى بعث الديوانة التونسية أن هذه المؤسسة عماد من أعمدة الدولة الوطنية ومن الضروري تحيين التشريعات التي تنظم عملها، الا رئيس المكتب الوطني للنقابة الموحدة للديوانة، حمدي عكاشة رد قائلا، على أن رئيس الدولة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة يمكنه الاطلاع على المجهودات التي تقوم بها الديوانة مشددا أن الديوانة تحبط يوميا تهريب المخدرات.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires