alexametrics
الأولى

حين يكون وزير الداخلية هشام الفوراتي في خدمة يوسف الشاهد..

مدّة القراءة : 4 دقيقة
حين يكون وزير الداخلية هشام الفوراتي في خدمة يوسف الشاهد..

 

يبدو أن وزير الداخلية هشام الفوراتي يظهر حماسا واستعدادا لتلبية توقعات رئيس الحكومة يوسف الشاهد.. مخاطر كبيرة هي التي يتحملها، محيلا الى صورة من الماضي ظننا اننا قطعنا معها، وهي أن تنفذ قوات الأمن  أوامر سياسية، وأن تكون السلطة التنفيدية في خدمة المصالح الضيقة.

 

الشرطة في خدمة الحكومة لا المواطن؟ لقد عانت تونس طويلا من هذه المتلازمة. في عام 2011 وفي أعقاب الثورة، وعدت قوات الأمن بأنها لن تُعيد أخطاء الماضي حين كانت أداة في  يد السلطة والعائلة الحاكمة.  وتعهدت أنها ستكون حصرا في خدمة المواطن عبر تطبيق القانون. لكن.. يبدو أننا سنشهد قريبا كسر هذا الالتزام من طرف واحد،  حيث –بصفة غير مباشرة- يهدد هشام فوراتي، وزير الداخلية الحالي  بالغاءه عبر محاولاته المتكررة لإرضاء رئيس حكومته يوسف الشاهد.

أمام حقائق جلية تتحدث عن نفسها، يأتي بيان وزارة الداخلية  بلغة خشبية لا تحمل في أسطرها سوى سوء النية وان كانت تنكر ذلك..

أما الحقائق التي يسعى البعض الى تجاهلها فهي الاعتقال غير الاعتيادي  لنبيل القروي في 23 أوت في منطقة مجاز الباب. المرشح الذي له أفضلية الفوز في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 15 سبتمبر أي بعد ثلاثة أسابيع من الان. ايقاف يحيل الى مدى التشابك بين الطبقة السياسية والجهاز الأمني. تعود أشباح الماضي  مع عودة الاعتقالات العشوائية والحماس المفرط والتعسف القديم الذي كان يلقب بالأداة القميعة لنظام بن علي. المستراب في الأمر وما يجعله يتخذ منحى خطيرا هو  كون التعسف ترعاه أجهزة الدولة ذاتها..

في طريق عودة المرشح للرئاسة نبيل قروي العاصمة بعد أن أمضى يومًا للقاء المواطنين كجزء من حملته الانتخابية. وصل إلى نقطة الاستخلاص على متن سيارة "رينج روفر" محاطا بفريق حملته الانتخابية فتم  إيقافه من قبل قوات أمنية قادمة على  متن عدة سيارات رفاعية الدفع، بعض أفراد الفرقة كان في الزي المدني ويصعب التفرقة بينه وبين المواطنين والبعض الآخر يكتفي بحمل شارة الشرطة.

تعرض فريق الحملة الذي يضم عدة كاميرات وطاقم تلفزيوني للترهيب على الفور من قبل الشرطة ومنعوا من تصوير الاعتقال. في البداية تحدثت قناة نسمة عن  الاختطاف  لأن أعضاء الفرقة الأمنية لم يرتدوا الزي الأمني وفي أي بلد مهدد في اي لحظة من قبل الارهاب وكون المرشح مهددا بالقتل عشرات المرات، أغلب الظن انها كانت عملية اختطاف ولم يكن هناك من مؤشر يدل على عملية أمنية.

 

وسرعان ما انتشرت  ردود أفعال وسائل الإعلام والمجتمع المدني والطبقة السياسية الإسلامية والتقدمية. من حمادي الجبالي إلى لطفي زيتون ومن عبد الكريم الزبيدي إلى أحمد نجيب الشابي  كان محتوى الخطاب واحدا وهو التنديد  بالتداخل بين جهاز الأمن والسلطة الحاكمة.

 

وردًا سريعًا على الجدال، نشرت وزارة الداخلية بيانا يؤكد أن" قرارالايقاف كان على خلفية بطاقة ايداع في السجن من قبل القطب القضائية المالي  ضد نبيل القروي وتم اعلامه وأطاع أوامر الوحدات الأمنية ".

إلا أن  هذه الرواية ليست صحيحة لأن إساءة استخدام السلطة واضحة من خلال مقاطع الفيديو القليلة التي نشرها فريق الحملة الانتخابية لنبيل القروي.

عندما تصدر المحكمة مذكرة اعتقال أو أمر إيداع ، فإن تنفيذها من قبل الشرطة يستغرق عدة أيام ، وأحيانًا أشهر، وأحيانًا لا يحدث أبدًا، كما كان الحال مع الوزير السابق ناجم الغرسلي.  أما التوقيف الذي يتم بعد ساعات فقط من صدور أمر الإيداع لا يمكن رعايته الا من داخل الدولة.  عادة، عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مثل هذا الأمر، فإن اأمن  يستدعي المتهم في منزله أو في محل عمله. بينما حين يتم تسجيله في السجل الوطني للأشخاص المطلوبين، يتم إيقافه على جانب الطريق أثناء فحص الشرطة الروتيني أو عند الحدود.أما يوم الجمعة الماضي، تلقى المرشح الرئاسي نبيل القروي معاملة خاصة. هذه ليست المرة الأولى، فقد تكرر الأمر سابقا عند تنفيذ قرار من هايكا للاستيلاء على المعدات ووقف بث قناة نسمة في أفريل الماضي، وهو اليوم الذي تلى ظهور نبيل القروي في صدارة نوايا التصويت للرئاسية.

 

يتحدث وزير الداخلية هشام الفوراتي عن تنفيذ اجراء بسيط، عادي، على الرغم من القبض على نبيل القروي بملابس مدنية بتعسف، وطبعا بما أن منطقة مجاز الباب هي منطقة مؤمنة من قبل الحرس الوطني ، فما الذي يفعله ضباط الشرطة هؤلاء هناك؟

 

والأخطر أنه اثناء الاعتقال قامت قوات الشرطة والحرس الوطني بالاستهزاء بنص دستوري وبند قانوني من خلال منع الصحفيين الذين يرافقون نبيل القروي من تصوير الحادثة اذ تنص الفصول 9 و 10 و 11 من مرسوم قانون الصحافة بوضوح على منع أي نوع من عرقلة أو ضغوط  على الصحفي أثناء عمله. وتنص المادة 14 من نفس القانون على أن أي شخص يسيء إلى أو يهين أو يهاجم الصحفي بالكلمات أو الأفعال أو الأفعال أو التهديدات  خلال أدائه لواجبه ، يعاقب بتهمة التعدي على موظف أثناء عمله. نفس الممارسة لوحظت عند ايقاف السياسي والإعلامي، برهان بسيس الذي حكم عليه بالسجن من قبل محكمة الاستئناف، واعتقلته قوات الأمن على الطريق بالكاد بعد ساعتين من إدانته!عندما تريد قوة الشرطة تنفيذ أمر قضائي  بسرعة الضوء، فإنها تفعل ذلك..

كل هذه العناصر جعلت المجتمع المدني ووسائل الإعلام تتفاعل، ولكن أيضًا قوات الأمن نفسها. في يوم الاثنين، 26 أوت أصدرت نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل يوم أمس الاثنين 26 أوت 2019، بيانا أكدت فيه توفرها على معلومات تفيد بضلوع بعض من إطارات الدولة في تحالفات ذات منحى سياسي من شأنها التأثير على النتائج النهائية للانتخابات.

 

شهدت التدخلات بين الجهاز الأمني والجهاز السياسي انقطاعا منذ وصول الباجي قائد السبسي إلى السلطة. لبعض الوقت، كان تطبيق القانون هو مجرد تطبيق القانون.. وذلك لتجنب التحيز الإيديولوجي أو السياسي وتداخل السلطات. لم تتغير الأمور إلا حين وصول هشام الفوراتي إلى وزارة الداخلية، الرجل الذي عينه يوسف شاهد ضد إرادة الراحل الباجي قائد السبسي.

ينتمي الفوراتي إلى هذا الجيل الذي يحترم الأوامر فقط، دون التحقق من شرعيتها، وضمان تطبيقها بحماسة. لم يتردد وزير الداخلية أبدًا في تعبئة وسائل الدولة لإرضاء الشاهد.هي فرصة  لتحسين صورته لدى رئيسه لكنه خاطر بخيبة الأمل التي تلقاها الراي العام ووسائل الإعلام الوطنية والدولية، نظرًا للانتهاكات التي تمت ملاحظتها يوم الجمعة  من  تعبئة "جيش" لاعتقال شخص عنوانه معروف ، الى منع الكاميرات من التصوير.. مخاطرة هشام فوراتي لمجرد تلميع صورته، تنبأ بعودة شياطين الماضي متى انصاعت الشرطة لأوامر السياسة..

 

 رؤوف بن هادي – ترجمة عبير قاسمي

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter