alexametrics
الأولى

تونس- أول ايام الخريف تعري هشاشة البنية التحتية

مدّة القراءة : 5 دقيقة
تونس- أول ايام الخريف تعري هشاشة البنية التحتية


شهدت الليلة الفاصلة بين الأحد 27 والاثنين 28 أكتوبر 2019، نزول كميات هامة من الامطار بمناطق مختلفة من ولايات الجمهورية وخاصة بالعاصمة، أدت إلى غلق العديد من الطرقات وتضرّر العديد من المنازل.


وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وجهت منذ يوم أمس الأحد تحذيرا لكافة المواطنين والبحّارة بتوخي الحذر وعدم الاقتراب من كل المنشآت المائية على غرار السدود والبحيرات الجبلية ومجاري الأودية، وذلك بعد نشرة للمعهد الوطني للرصد الجوي حول التقلبات الجوية المرتقبة والمتمثلة في نزول أمطار رعدية بأغلب المناطق.

 

استفاقت أحياء العاصمة اليوم على سيول جارفة من المياه التي تسربت إلى المحلات السكنية وأدت إلى قطع العديد من الطرقات نتيجة الامطار الغزيرة التي تهاطلت طوال الليلة الماضية ووصف الوضع فيها بالكارثي حيث تعذّر على المواطنين مغادرة محلاتهم السكنية وعلق آخرون في الطريق ولم يتمكنوا من الوصول إلى مقرات عملهم.

 

الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية أعلنت عن تعطّل حركة سير قطارات نقل المسافرين على الخطوط البعيدة وخط أحواز تونس حيث تعطلت على مستوى مدخل تونس وذلك بسبب ارتفاع منسوب المياه على السكة، وأكدت الشركة أنه سيقع استئناف الحركة العادية لسير القطارات اثر انخفاض منسوب المياه، وتقدمت بالاعتذار لحرفائها عن الازعاج الذي سيلحقهم جراء ذلك.

 

كذلك حركة جولان المترو الخفيف عرفت شللا كليا بكافة الخطوط وقد صرّح المكلف بالاعلام بشركة نقل تونس محمد الشملي بأن هذا الاضطراب سببه تهاطل كميات هامة من الامطار وارتفاع منسوب المياه الذي أدى إلى إغراق الشبكة وكذلك الأنفاق.

 

الناطق الرسمي باسم الحماية المدنية معز تريعة تدخّل في إذاعة موزاييك أف أم وأكّد أن وحدات الحماية المدنية متمركزة بأغلب المناطق بتونس العاصمة لانقاذ الأشخاص العالقين وقد تحولت إلى ولاية أريانة وتم تعزيزها ببعض الإمكانيات، بعد أن تسربت مياه الامطار إلى الاحياء السكنية وخاصة منها حي المستقبل الذي يشهد حالة "كارثية"، وقد تحوّل المندوب الجهوي على عين المكان لمعاينة الأضرار.

 

ولاية أريانة من أكثر الولايات التي تضررت من الأمطار وقد قام عدد من متساكني برج الوزير بغلق الطريق الوطنية رقم 8 المؤدية إلى تونس العاصمة تعبيرا منهم عن سخطهم للوضعية الكارثية التي لحقت بمحلاتهم السكنية والأضرار التي خلفتها الأمطار.

 

كذلك متساكني حي المستقبل بأريانة، قاموا بغلق الطريق الرابطة بين بنزرت وتونس في تحرّك احتجاجي لمطالبة السلط الجهوية بالتدخل العاجل لفائدتهم بعد ارتفاع منسوب المياه وتسرّبها إلى منازلهم اثر كميات الأمطار الهامة التي تساقطت ليلة البارحة والتي غمرت الأنهج والأحياء.

 

ونشر المعهد الوطني للرصد الجوي كميات الامطار المسجلة بحساب المليمتر وسجلت ولاية المنستير الأكثر من حيث الكمية اذ بلغت 107 مم، وكانت ولاية تونس قد سجلت 78 مم وأريانة 95 مم.

 

مرة أخرى وفي أقل من شهرين تعرف العاصمة وخاصة ولاية أريانة فيضانات وتضرر لعدد هام من المنازل والمنشآت، فقد عاشت ولاية أريانة خلال الشهر المنقضي فياضانات مماثلة حيث نزلت كميات هامة من الأمطار طالت أحياء عدة، وتحوّل رئيس الحكومة كمال مرجان آنذاك والتقى بالعائلات المتضررة وعاين رفقة وفد مرافق الاضرار التي لحقت محلاتهم السكنية وتدخلات أعوان الحماية المدنية وعمليات شفط المياه.

 

كذلك رئيس الجمهوريّة السابق، محمد الناصر، زار ولاية أريانة للاطلاع عن كثب على مستجدّات الأوضاع والاطمئنان على سلامة المواطنين وعلى حسن سير عمليات الإغاثة، واستمع إلى تقارير أعضاء اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وثلّة من أعضاء مجلس نواب الشعب ورؤساء البلديات المتضررة، وأكّد على ضرورة اتّخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لمزيد ضمان سرعة التدخّل وإحكام التنسيق بين كافة أجهزة الدولة لنجدة المواطنين وتأمين سلامتهم وحماية ممتلكاتهم، مشدّدا على أهميّة التوقّي والاستعداد المسبق ووضع كافة الإمكانيات البشرية والمادية على ذمّة لجنة مجابهة الكوارث تحسبا للتقلبّات المناخيّة القادمة.

 

زيارة رئيس الدولة ورئيس الحكومة لم تكن بالوقع الذي تخيله البعض، وكانت صورية ولم يتم اتخاذ أي من التدابير المعلن عليها في زياراتهم، لحماية المتساكنين وممتلكاتهم، ولعلى خير دليل على ذلك ماخلفته أمطار ليلة البارحة بنفس المناطق التي سبق وان تضررت، وكانت زيارة المسؤولين بمثابة "ذرّ الرماد في العيون" وقتها، لتكميم الأفواه وامتصاص غضب المتساكنين تفاديا لما لا يحمد عقباه.

 

مازالت أضرار فياضانات شهر سبتمبر لم ترمّم بعد، ومازال المواطنون ينتظرون استعدادات الدولة –بالرغم من أنها سبقت وأن تخلت عنهم-  التي ستتخذها باكرا لتفادي حدوث كارثة مثل كارثة نابل في السنة الفارطة، حتى تأتي فياضانات ثانية بأضرار مماثلة وبنفس المناطق المنكوبة.

 

مع عدم استعراف الدولة بما لحق المواطنين من أضرار وأمام عجز الطبقة السياسية عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة في برامجها لمثل هذه الكوارث، ولأن غيوم السماء أصبحت كابوسا بالنسبة للمواطنين، فقد قاموا باتخاذ احتياطاتهم البسيطة فاكتفى البعض بتشييد جدرانا صغيرة في مداخل البيوت لمنع تسرب المياه، في حين تسلّح البعض الآخر بأكياس من الرمال لغلق المنافذ.

 

لم تكن أغلب الجهات بمنأى عن الفياضانات التي اجتاحت العديد من المناطق والكلّ يحذّر من موسم شتوي ممطر ستكون تونس من بين البلدان التي سيشملها، وهو ما عمّق المخاوف أمام إمكانية حدوث أمطار طوفانية وفياضانات.

 

وزارتي الفلاحة والتجهيز عقدتا اجتماعات وأعلنتا عن استعداداتهما لهذا الموسم الشتوي "المخيف" حيث سيتم انجاز 34 مشروعا لحماية 36 مدينة من الفياضانات بكلفة تناهز 248 مليون دينار.

 

لجنة مجابهة الكوارث وتنظيم النجدة بوزارة الفلاحة اجتمعت اليوم الاثنين تحت إشراف سمير الطيب وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري وبحضور عبد الله الرابحي كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري وأعضاء اللّجنة، وتمّ خلال الاجتماع استعراض الوضع الحالي بالتنسيق مع اللجان الجهوية لمجابهة الكوارث، حيث أوصى سمير الطيب بتسخير كل الامكانيات البشرية واللوجستية بالمندوبيات الجهوية للفلاحة وبإبقاء لجنة اليقظة ومتابعة الوضع المناخي في حالة انعقاد دائم بالتنسيق مع منظوريهم بالمندوبيات الجهوية.

 

كما توصي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري المواطنين والفلاحة بتوخي الحذر وعدم الاقتراب من كل المنشآت المائية على غرار السدود والبحيرات الجبلية ومجاري الأودية.

 

يقدر مجموع مياه الأمطار المتساقطة سنويا في تونس بحوالي 36 مليار متر مكعب يذهب 60 بالمائة منها للفلاحة وتبلغ كمية الاستهلاك سنويا 14 مليار متر مكعب.

 

أمام تكرر آفة الفياضانات التي ما انفكت تشهدها تونس في السنوات الأخيرة، وأمام غياب الاستراتيجيات الواضحة من المسؤولين والسياسيين لحماية المحلات السكنية وأصحابها، يبقى هاجس الفيضانات يلاحق المواطنين خاصة أمام الموسم الشتوي الممطر الذي ينتظرنا وبان بالكاشف أن الحلول الوقتية لم تعد تجدي نفعا وأنه من الضروري إعادة تهيئة قنوات الصرف الصحي لأنها لا تستوعب كميات كبيرة من الأمطار في وقت قصير.

 

مروى يوسف

 

 

  

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter