تونس على مشارف أزمة حبوب
تحتاج تونس الى حوالي 30 مليون قنطار سنويا من الحبوب أي ما يعادل 3 مليون قنطار شهريا تتوزع تقريبا كالتالي 1,07 مليون قنطار قمح صلب ، 1 مليون قنطار قمح ليّن و0,95 مليون قنطار من الشعير ، في المقابل تقوم تونس بإنتاج ما يقارب 10 مليون قنطار فقط سنويا ما يدفعها الى استيراد حوالي 70 بالمائة من حاجياتها من الحبوب .
و تتوجه تونس الى استيراد الحبوب وسط ارتفاع في قيمتها السوق العالمية اذ تضاعفت قيمة واردات الحبوب من قمح لين ، قمح صلب و شعير خلال ال 10 سنوات الأخيرة ، ففي الوقت الذي بلغت فيه سنة 2010 ، 727.300.207 دينار و 1.536.342.301 دينار سنة 2019 ، وصلت قيمة الواردات من الحبوب الى حدود 1.998.807.934 دينار سنة 2020 .
وليس بالغريب ان ترتفع قيمة الواردات من الحبوب سنة 2020 وذلك بالنظر الى الازمة التي عاشتها السوق العالمية بسبب الجائحة و التي أثرت على الأسعار و على العرض و الطلب أيضا ، و بلغت كمية الحبوب الموردة سنة 2010 2.103.559 طن و 2.119.474 طن سنة 2019 و سجلت ارتفاعا طفيفا سنة 2020 وبلغت 2.783.853 طن ، و للإشارة يكلف قنطار واحد من القمح المستورد الدولة التونسية 110 دينار .
أما بالنسبة لكمية الحبوب المجمعة من قمح صلب ، قمح لين ، شعير و تريتيكال فقط شهدت تراجعا بين سنتي 2019 و 2020 بسبب الازمة الاقتصادية و الصحية التي أثرت سلبيا على القطاع ، فبحسب الديوان الوطني للحبوب بلغت كمية الحبوب المجمعة سنة 2019 12856 الف قنطار ، و تراجعت سنة 2020 و سجلت 7.106 الف قنطار فقط أي اقل من المعدل السنوي الذي يقدر بحوالي 10 مليون قنطار .
و مع الظروف الاقتصادية التي تفاقمت بسبب جائحة كورونا ، يعيش ديوان الحبوب انتكاسة مع ارتفاع ديونه لدى البنوك الامر الذي أدى الى تأخر عمليات التزود و تأخر موعد فتح الاعتمادات المستندية . و لم يتمكن ديوان الحبوب من خلاص بعض مصدري الحبوب ، فعلى سبيل المثال وبحسب تصريح عادل مرزوق كاتب عام النقابة الأساسية لديوان الحبوب بصفاقس لإذاعة الديوان اف ام " لم يتم تفريغ حمولة 3 بواخر من القمح والشعير بالميناء التجاري بقرقنة منذ شهر نوفمبر بسبب عدم خلاص مستحقاتها " و لا يزال مصير هذه الحمولات مجهولا وسط صمت السلطات التي ستتكبد أموالا إضافية بسبب هذا البطء .
و لتفادي النقص و من اجل تشجيع الفلاحين على زراعة الحبوب قامت وزارة الفلاحة منذ بداية السنة الحالية 2021 بالترفيع في أسعار الحبوب عن الإنتاج كالتالي : القمح الصلب: من 87 دينار إلى 100 دينار للقنطار ، القمح اللين: من 67 دينار إلى 80 دينار للقنطار، الشعير والتريتيكال من 56 دينار إلى 69 دينار القنطار . قد يكون لهذه القرارات نفع على الإنتاجية المحلية و على الفلاحين لكنها لن تفي بالغرض و لن تستجيب لحاجيات البلاد المتزايدة للحبوب .
من جانبها توقعت منظمة الأغذية والزراعة إنتاجا عالميا قياسيا للحبوب سنة 2021 قد يصل الى حوالي 791 2 مليون طنّ أي بزيادة ب 19.2 مليون طنّ مقارنة بسنة 2020 ، في نفس الوقت ارتفعت أسعار الحبوب عالميا وبلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب 141.5 نقاط في شهر نوفمبر 2021 ، أي بارتفاع بحوالي 3.1 في المائة مقارنة بشهر أكتوبر و ب 23.2 بالمائة مقارنة بشهر نوفمبر من سنة 2020 .
و توقعت المنظمة للتجارة العالمية الخاصة بلوغ محصول الحبوب للفترة 2021 / 2022 " 2.2 مليون طنّ لتصل إلى مستوى قياسي يبلغ 480 مليون طنّ، أي بزيادة قدرها 0.7 في المائة عما كانت عليه في الفترة 2020 / 2021 " . و توقعت المنظمة تطور التجارة العالمية الخاصة بالقمح بين سنة 2021 و2022 بنسبة 2.2 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية و ذلك امام تزايد الطلب " خاصة من الشرق الأدنى للتعويض عن انخفاض المحاصيل المحلية " .
و بحسب تقرير لمنظمة التجارة العالمية " تتوقع الأرجنتين وأستراليا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا مبيعات أكبر، مستفيدة من الفوائض الكبيرة القابلة للتصدير عقب مواسم الحصاد الجيدة، ومن المتوقع أن تفوق التخفيضات المتوقعة في الشحنات من كندا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي، حيث من المرجح أن تكون المبيعات محدودة بسبب زيادة تعريفة التصدير " .
و يبدو ان تونس على مشارف أزمة حبوب أمام ارتفاع الأسعار و هو ما يبدو جليا في اخر مناقصة أجراها ديوان الحبوب مع شركات مصدرة أوروبية في نوفمبر الماضي و التي أظهرت زيادة في سعر بيع القمح ب 100 دولار للطن مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية ، ففي سنة 2020 اشترى الديوان الوطني للحبوب شحنة من القمح ب 275.83 دولار للطن فيما بلغ السعر في المناقصات المعروضة حاليا 380.30 دولار للطن .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires