حملة تُهم تقودها قيادات النهضة ضدّ قيس سعيد بعد رفضه الحوار مع الغنوشي
في إجابة عن سؤال حول مدى الرضا على أداء الرؤساء الثلاثة، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "إمرود كونسلتينغ" بالشراكة مع موقع بيزنس نيوز وقناة التاسعة ونُشر يوم الاثنين 31 ماي 2021، تذيل رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لهذه القائمة وحصد فقط 7 بالمائة من أصوات المستجوبين، في المقابل بلغت نسبة الرضا عن رئيس الجمهورية قيس سعيد 41 بالمائة و بلغت 16 بالمائة لدى رئيس الحكومة هشام المشيشي.
لطالما كانت نسبة الرضا عن الأداء ونسبة الثقة في رئيس البرلمان راشد الغنوشي ضئيلة ولم تتجاوز ال10 بالمائة منذ بداية السنة حيث بلغت 10 بالمائة في شهر جانفي 2021، و 8 بالمائة في فيفري 2021 ، و 10 بالمائة في شهر مارس لتعود وتنخفض في شهر أفريل إلى ال8 بالمائة وتواصل انخفاضها في شهر ماي الحالي. راشد الغنوشي وجد نفسه هذه الأيام في منعرج خطير وفي نهج ضيّق ومغلق لا مخرج له منه سوى الإنقلاب على رئيس الجمهورية قيس سعيد وتوجيه كلّ عبارات النقد والثلب له معتمدا في ذلك أذرعه في حركة النهضة الإسلامية.
على ما يبدو أنّ المشهد السياسي بدأ يشهد بصيص أمل ضئيل وذلك من خلال فتح رئيس الدولة باب الصُلح والحوار مع رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي التقاه الأربعاء الفارط وكان قد تعمّد قيس سعيد عدم استدعاء رئيس البرلمان راشد الغنوشي والذي مرّ على آخر لقاء بينهما أكثر من ثلاثة أشهر وكان آخر اتصال بينهما بمناسبة عيد الفطر. عدم دعوة الغنوشي لذلك اللقاء، أكّد للجميع أنّ هناك قطيعة بين قيس سعيد وراشد الغنوشي وأنّ الصراع بينهما لا حلّ له في حين أنّ خطاب قيس سعيد كان مُتغيّرا وشدّد على أنّ الدولة واحدة ورئيسها واحد وتعمل في تناسق بين الرئاسات الثلاثة.
حركة النهضة استفزّها هذا التجاهل المتعمّد لرئيسها الغنوشي ونشرت بيانا دعت من خلاله رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى تفعيل ما ورد في كلمته من حديث عن احترام للمؤسسات وصلاحياتها وللتشاور والتعاون بينها في إطار وحدة الدولة والالتزام بالدستور. وأكّدت النهضة أنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي ما انفكّ في الدعوة إلى ضرورة التزام كل مؤسسات الدولة بالدستور والصلاحيات المحددة لها ومن ضرورة وأهمية الحوار والتنسيق بينها لترتيب أولويات البلاد وحل المشكلات التي تطرأ من حين لآخر. ونبّهت بخطورة استمرار الصراع والقطيعة بين مؤسسات الدولة، وذكّرت أنّ رئيس الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي بادر بطلب اللقاء والحوار بين رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة، دون استجابة، كما أنه دعا إلى الحوار بين الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وساند دعوة قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل.
عدم استجابة رئيس الجمهورية قيس سعيد لدعوة حركة النهضة لفتح الحوار مع راشد الغنوشي، جعل من قياداتها وأنصارها يسعون بكلّ الطرق لتشويه مؤسسة رئاسة الجمهورية وكان رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني قد اتهم يوم أمس رئاسة الجمهورية بتعطيل زيارة رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى قطر بسبب اعتقاد خاطئ يرى أن التحرك في الخارج حكر فقط على قصر قرطاج. وقال إنّ ديوان رئيس الدولة طلب من السلطات القطرية عدم التعامل مع رئاسة الحكومة التونسية، متسائلا "هل هذا أمر مقبول ؟'' وتابع الهاروني ''يوم 16 مارس كان هشام المشيشي سيزور رئيس حكومة ليبيا لكن في نفس اليوم قرر رئيس الجمهورية أن يزور ليبيا أيضا''. واعتبر الهاروني أنّ البعض يحمّل النهضة مسؤولية الأوضاع التي تعيشها تونس اليوم لكن النهضة منعت من أن تحكم وستسعى للحكم لأنها تملك الكفاءات والبرامج لإنقاذ البلاد''، وفق تقديره. وعن علاقات الحركة ببقية الأحزاب قال الهاروني ''نحن نتواصل مع الجميع وندعو الى الحوار ونريد أن نحكم معا لكن التيار الديمقراطي وحركة الشعب ضيعا فرصة حكومة الجملي وفشلت تجربة الفخفاخ وكان دورهما سلبي لكن أيدينا مفتوحة حتى لمن تجاهروا بالدعوة إلى الانقلاب''.
تصريحات قيادات النهضة تضاربت بين متهّم لقيس سعيد وبين مساند، إذ أنّ نورالدين البحيري نفى اليوم الثلاثاء ما صرّح به الهاروني حول محاولة رئاسة الجمهورية تعطيل زيارة المشيشي لقطر واعتبر البحيري أنّه من غير المعقول أن تصل العلاقات بين رأسي الدولة إلى هذا الحدّ من التوتّر والإشاعات، موجها دعوة إلى التهدئة والايجابيّة بين مؤسسات الدولة. واعتبر البحيري أنّ الإختلاف في وجهات النظر طبيعي جدا لكن الخلاف يبقى في حدود معقولة لا تهدد مصلحة الدولة وأمنها.
على الرّغم من تصريحات قيادات النهضة المهاجمة والمستهدفة لرئيس الجمهورية وديوانه الرئاسي، إلاّ أنّ رئيس البرلمان ورئيس الحركة الإسلامية راشد الغنوشي لا يزال متشبّثا بفتح باب الحوار مع رئيس الجمهورية قيس سعيد وكان قد صرّح قائلا '' هذه البلاد لا مستقبل لها إلاّ بالحوار وبالبحث عن توافقات، تونس لا تُحكم إلاّ بالتوافق ولا تُحكم بالغلبة واستظهار سلطة على سلطة أخرى وإنّما تعاون السُلط وتعاوُن الجميع هو الطريق لإعمار تونس ولتجاوز المرحلة الإنتقالية بسلامة والحلّ يكمن في البحث عن توافقات وليس البحث عن مغالبات''.
تراكمت التجاذبات السياسية وتعدّدت الصراعات والخلافات بين الرئاسات الثلاثة على المسائل الداخلية التي تخصّ البلاد وحتى على المسائل الدبلوماسية والنهضة باتت اليوم تستهدف مؤسسة رئاسة الجمهورية بعد رفضه فتح باب الحوار مع رئيس البرلمان ورئيس الحركة راشد الغنوشي، هذه المعارك زادت من حالة الغموض والضعف الذي تشهده تونس ومعالم المستقبل غير واضحة نظرا لقتامة المشهد السياسي وتعكّره.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires